عملية إستخباراتية فرنسية تشعل توترا غير مسبوق بين باريس والجزائر

في سابقة من نوعها وكالة الأنباء الجزائرية، تصف المديرية العامة للأمن الخارجي الفرنسية”DGSE” ب”الباربوز” وتعلن عن دخول العلاقات الفرنسية الجزائرية مرحلة توتر قد تصل القطيعة، بالرغم من أنه لم تمر سوى أيام قليلة على زيارة شنقريحة إلى باريس وعقده صفقات ضخمة للتسليح.

 هذا الفصل الجديد من التوتر الذي تدخله العلاقات الجزائرية الفرنسية يأتي على خلفية خروج مواطنة جزائرية بطريقة غير شرعية، يفترض، حسب القضاء الجزائري، تواجدها بالجزائر.

ويتعلق الأمر بالناشطة الجزائرية المعروفة أميرة بوراوي، التي تمكنت من الخروج من الجزائر بطريقة “غير شرعية”، واتجهت إلى تونس قبل أن يتم إجلاؤها إلى فرنسا، وهو ما دفع الجزائر، لاستدعاء سفيرها لدى باريس، سعيد موسى، للتشاور.

وأصدرت الخارجية الجزائرية بيانا شديد اللهجة، عبرت فيه عن رفضها القاطع لما أسمته، “عملية الإجلاء السرية وغير القانونية لرعية جزائرية يعتبر تواجدها على التراب الوطني ضروريا بقرار من القضاء الجزائري”.

هذا الإنفصام المثير الذي اتسم به الموقف الجزائري بخصوص فرنسا نابع من تخبط الدولة الفرنسية العميقة في التعاطي مع ملفات شمال أفريقيا بسبب فشل مخابراتها الخارجية ودخولها في مرحلة حساسة لإعادة هيكلتها.

عدوى صراع أجنحة الحكم في الجزائر يبدو أنها أصابت فرنسا أيضا التي بات من الواضح أنها تعيش حالة من التخبط الداخلي، الذي إنعكس بشكل سلبي على سياساتها الخارجية وتسبب بدخولها في أزمات دبلوماسية تزيد من تعميق مشاكل فرنسا مع الدول الفاعلة في الإتحاد الأوروبي الذي لم يعد ينظر بعين الرضا إلى تبعات سياسات باريس على الوحدة الأوروبية.

للإشارة فإن كلمة “باربوز” الذي وصفت به قصاصة وكالة الأنباء الجزائرية المخابرات الخارجية الفرنسية تم اختياره بعناية فائقة لتمرير رسالة معينة، فهو يدل على المجرمين وذوي السوابق المأجورين الذين وظفتهم المخابرات الفرنسية في حقبة زمنية ماضية لتنفيذ عمليات قذرة.

الدولة الفرنسية العميقة أطلقت مؤخرا عملية كبرى لإعادة تأهيل مديرية الأمن الخارجي “DGSE” بعد الفشل الذريع الذي راكمته في العديد من الملفات، أهمها الفشل في توقع الحرب الروسية الاوكرانية، وتضرر المصالح الفرنسية بإفريقيا مقابل تمدد نفوذ الدب الروسي، إلا أن الأسلوب الذي تتم من خلاله عملية تأهيل المخابرات الخارجية الفرنسية أخل بالتوازن على مستوى كواليس صناعة القرار داخل باريس، مما إنعكس بشكل سلبي على السياسة الخارجية الفرنسية خصوصا في الشق المتعلق بشمال إفريقيا.

ولعل التحركات غير المحسوبة للمخابرات الخارجية الفرنسية خلال فترة إعادة هيكلتها، سيجر على أوروبا عواقب وخيمة ستدفع إلى تقوية التيارات القومية المطالبة بتفكك الإتحاد الأوروبي، وبالتالي دخوله في صراعات داخلية خطيرة ستصب بشكل مباشر بمصلحة روسيا والصين وأميركا وهو الأمر الذي انتبه إليه المغرب بشكل مبكر وجعله ينوع شراكاته الدولية.

وفي هذا الإطار، تندرج الشراكات الجيواستراتيجية والإقتصادية والطاقية الثنائية التي أقامتها المملكة مع دول الإتحاد الأوروبي، لتؤكد أن المغرب على أتم الإستعداد للتعامل مع هذه المرحلة الجديدة التي ستدخلها أوروبا، إذ أنه لا مكان في المرحلة المقبلة لإزدواجية التعامل الفرنسي مع المغرب، لأن المسألة لم تعد قضية غطرسة مستعمر قديم في مواجهة محمية سابقة تحاول الخروج من دائرة التبعية، وإنما سيكون على فرنسا التعاطي مع المغرب وفقا للخطوط الجديدة التي رسمتها الدبلوماسية الملكية.

وقد أثبت المغرب إلى اليوم، براعته في تدبير هذه المرحلة الانتقالية لعلاقاته مع فرنسا بشكل خاص والإتحاد الأوروبي بشكل عام، بالرغم من أن خبث وتخبط المخابرات الخارجية الفرنسية، يتم التعامل معه على أعلى درجات التعبئة والتأهب والحيطة واليقظة، فكلما اشتد الخناق على المخابرات الفرنسية كلما باتت أساليبها أكثر وحشية.

وعليه، فإن تفوق المخابرات المغربية في قراءة الوضع المترهل الذي تعيشه فرنسا، كان له دور كبير في وضع المملكة في موقع قوة، وهو الأمر الذي قابلته المخابرات الفرنسية بسخط كبير جعلها تستهدف الأجهزة الأمنية المغربية بحملات للتشهير، على غرار قضيتي “بيغاسوس ومروكو غيت.”

تابع آخبار تليكسبريس على akhbar