خبير: قضية بغاسوس فارغة و الاتهامات الموجهة إلى المغرب لا تستند إلى أي أساس

قال انس أبو الكلام، أستاذ التعليم العالي بجامعة القاضي عياض، المسؤول عن شعبة هندسة الدفاع السيبرياني، إن “المملكة المغربية لاشك راعية حسن الجوار والشراكة المتقدمة، وتساهلت في التعاطي مع بعض القضايا في وقت سابق، مما جعل منظمات و مؤسسات حاقدة، تصطاد في مياه عكرة، لكن اللعب على وتر التجسس، كان القطرة التي أفاضت الكأس منذ 2021، لكن المغرب في السنوات الأخيرة، دخل مرحلة الحزم، فيما يتعلق بأي اتهامات موجهة ضده والإجراءات القانونية التي باشرتها بالمحاكم الفرنسية والإسبانية، خير دليل على ذلك”.

وأضاف الدكتور انس أبو الكلام في تصريح خص به موقع “تليكسبريس” حول قضية الاتهامات الموجهة ضد المغرب في قضية “بغاسوس”، أن ” بلادنا، والحمد لله تمضي في الطريق الصحيح، بسلوك المسار القضائي والعلمي مع ادعاءات التجسس ونشر وبث افتراءات كاذبة. والمملكة تتتبع حبل الكذب القصير، وتعمل على تحمل صاحب أي افتراء، تبعات تضليله”

وأكد الخبير في الامن السيبراني، أنه: “من الجانب التقني المرافق للمسار القضائي، قدم المغرب تقريرا به خبرة علمية معد من طرف خبيرين مقبولين لدى محكمة النقض، ثم تقرير لخبيرين مقبولين لدى محكمة الاستئناف، وهذه التقارير فندت كل الادعاءات”. موضحا: أن “الظاهر جليا أن قضية منظمتي “أمنستي” و”فوربيدنستوريز”، إضافة إلى رفع المغرب دعوة ضد الصحافي الإسباني أوضح قوة المملكة في مواجهة جهات حاقدة تبذل الغالي والنفيس، لتشويه سمعتها دوليا والنيل من إنجازاتها”.

وتطرق الدكتور ابو الكلام إلى جوانب مختلفة لبرنامج بيغاسوس، حيث قال: “لنناقش المسألة من جوانب شتى، دعوني اذكر في البداية بأن برنامج بيغاسوس بيع إلى دول عديدة، واستعمل مثلا في هنغاريا (دولة داخل الاتحاد الأوروبي) والهند والمكسيك والمملكة العربية السعودية وأندونيسيا والإمارات العربية وكازاخستان وأذربيجان؛ بهدف إنقاذ الأرواح، ومساعدة الحكومات في جميع أنحاء العالم على منع الهجمات الإرهابية، وكسر الاعتداء الجنسي على الأطفال وشبكات الجنس وتهريب المخدرات، وتحديد أماكن الأطفال المفقودين والمختطفين، وتحديد مواقع الناجين المحاصرين تحت المباني المنهارة، وحماية المجال الجوي من الاختراق التخريبي للطائرات بدون طيار الخطرة”، حسب شركة NSO.”

 لكن الدكتور ابو الكلام طرح علامة استفهام كبيرة حول الغاية من استهداف المغرب بالأساس دون غيره، ومن من؟، من طرف الصحف والمؤسسات نفسها المعروفة بعدائها. مؤكدا، أنه “لم يعد يخفى على أحد أن الاختراق المعلوماتي استعملته وتستعمله مجموعة من الدول الغربية في حربها الإلكترونية، أو الاقتصادية أو الإستراتيجية أو السياسية، وبشكل مستمر، ولم يثبت أبدا أن كان المغرب من المشاركين فيها”.

وبخصوص الجوانب التقنية لعملية التجسس، قال ابو الكلام: ” مزاعم اختراق هواتف الصحافيين والنشطاء الحقوقيين من طرف السلطات المغربية باستعمال برنامج بيغاسوس تنقصها الدلائل وتُعوزها المصداقية، فالتقارير التي تتحدث عن اختراق السلطات المغربية للهواتف لا تتوفر فيها المعايير العلمية، سواء من حيث أدوات أو عيّنات البحث، مع عدم استعانتها بمراجع علمية معترف بها حول طرق الاختراق. فلا حضور للخطوات المنهجية، والأدوات أو عيّنات البحث، المعترف بها من طرف المجمع العلمي الرقمي، من قبيل طرق الافتحاص المعلوماتي وأساسيات التحقيقات الرقمية “forensics numérique”.كما أن الطريقة التي فُحصت بها الهواتف التي يُزعم أنها تعرضت للاختراق تطرح عدة تساؤلات”.

 مضيفا، أنه “إذا عرضوا الهواتف على مختبر معيّن خلال مرحلة التتبُّعTraçabilité فينبغي أن نعرف نتيجة الكشف قبل وبعد فحص الهاتف، وإلا فبماذا سنعرف ما إن كان الهاتف أُدخل فيه فيروس معين خلال عملية فحصه داخل المختبر”.

إذن، يقول ابو الكلام :” الادعاءات المسيئة إلى المغرب، تفتقر إلى الحجج العلمية  وما يروج يقتصر على معلومات غير دقيقة لتمويه الرأي العام، عوض الإدلاء بدلائل مادية تقنية وعلمية، فمثلا، التقارير التي نشرتها “أمنستي” والتي اعتمدت عليها باقي الصحف المعادية للمغرب، تتحدث مجملا عن طريقة  /injection réseau / phishing  التي تستعمل في العالم بأسره، أي أن عملية اختراق الهواتف تعتمد على رسائل نصية قصيرة عبارة عن إشهارات، وهنا أيضا لدينا عدة ملاحظات:

– حذر المغرب من تداعياتها مرارا، وقام بحملات توعوية عديدة لتفاديها”، كما أن المديرية العامة لأمن نظم المعلومات ومديرية تدبير مركز اليقظة والرصد والتصدي للهجمات المعلوماتية (التابعة لها) سبق أن حذرت من وجود ثغرات يمكن استغلالها لبث فيروسات تستهدف الهواتف، وتتيح للمخترق التحكم فيها.

– مثل هذه الرسائل يمكن أن يتوصل بها أي شخص يتوفر على هاتف ذكي، ولا يمكن تأكيد أنها تنطوي على محاولة تجسس.فلا يوجد أي دليل قاطع يؤكد أن الجهة التي تصدر عنها تلك الرسائل لها علاقة بالسلطات المغربية،

– ما يوضح تهافت “التقرير العلمي” الذي اعتمدته منظمة العفو الدولية وائتلاف (Forbidden stories) هو قوله: “أن النتائج تعتمد على تحديد الموقع الجغرافي لخوادم (مسجل اسم النطاق) DNS، لكن هنا ايضا يتضح أن الادعاءات لا تقوم على قواعد علمية صلبة وثابتة، فعوامل مثل VPN (الشبكات الافتراضية الخاصة) ونقل الأنترنيت عبر الأقمار الصناعية، يمكن أن تسهم في أن تكون المعلومات التي تم التوصل إليها غير دقيقة.

-أيضا تقنيةEvilTwin التي اشاروا إليها التي تستغل ثغرات معينة في الشبكات اللاسلكية حيث يقوم المتسلل بإنشاء شبكة لاسلكية لها نفس اسم الشبكة المستهدفة، ثم يفرض على مستخدم الشبكة الاتصال بشبكته المزدوجة، و بالتالي إبطال تشفير المكالمات يمكن لاي متخصص القيام بها فالمعدات العلمية اللازمة لها متاحة للمتخصصين”.

وخلص الدكتور ابو الكلام الى القول إن: ” تحمل المسؤولية العلمية في الجزم، بأن هذه الاتهامات مليئة بالافتراضات الخاطئة، ونظريات لا تقوم على أسس متينة، وتقديمها لبعض مصادر معلومات ليس لها أساس واقعي، وتفتقد إلى المنهج العلمي المتبع والمتعارف عليه في التحقيقات المعلوماتية المعروفة بـforensics ، وتفتقر إلى الأدلة العلمية الدقيقة، وتعوزها المصداقية والمعقولية العلمية”.

وبالتالي، يرى الدكتور ابو الكلام، أن :”من يزعم بأن جهاز هاتف محمول مملوك لصحافي أو محام أو شخصية ما تعرض للتجسس بواسطة نظام “بيغاسوس”، عليه أن يقدم أولا الدليل التقني والآثار الرقمية التي تثبت هذا الاختراق المفترض، وإلا سيعطي المصداقية والحجية لكلام الشركة الإسرائيلية المصنعة للبرنامج عندما عقبت سلفا على مزاعم التجسس قائلة: إن العديد من هذه الاتهامات نظريات لا أساس لها، مما يلقي بظلال من الشك على مصداقية المصادر، وعلى جوهر التحقيق المنجز”.

وأضاف انس ابو الكلام: أنه ” بالرجوع إلى مسالة الرسائل النصية، كما “أن برنامج “بيغاسوس” نظام معلوماتي متطور جدا ومفتوح على تحديثات دورية تتطور باستمرار حسب تطور أنظمة الأمان المستخدمة في المجال المعلوماتي”. ولهذا السبب، “انتقل نظام “بيغاسوس” من النسخة الأولى، التي كانت تراهن سابقا على الاختراق الشبيه باستعمال رسائل Fishing، التي يستقبلها المستخدم في صورة رسالة نصية أو بريد إلكتروني قبل أن تحدث الاختراق المنشود، ليبلغ اليوم المستوى الرابع، وهو عبارة عن نسخة متطورة ومكلفة جدا تعتمد على مبدأ ”Zero click “، أي بدون أي فعل أو مساهمة من جانب مستخدم الهاتف، إذ يتم تفعيل النظام وتثبيته عن بعد في الذاكرة الحية للجهاز الذكي!”.

أما بخصوص ادعاءات الصحافي الاسباني الأخيرة، فأوضح أبو الكلام، أن :”استخدام برنامج معلوماتي متطور جدا ومكلف كثيرا في غير مراميه الحقيقية، المتمثلة أساسا في صون الأمن القومي من المخاطر والتهديدات الكبرى، مسألة عبثية وغير مستساغة عقلا ولا منطقا، كيف يمكن تصور صرف ملايين الدولارات لاختراق هواتف صحافيين غير معروفين أو لا يشكلون أي تهديد جدي، وفي قضايا ليست بالغة التعقيد والأهمية. أظن أنها مزايدات بئيسة أكثر مما هي نتائج تحقيقات استقصائية”.

 وأنهى الدكتور انس ابو الكلام حديثه لتليكسبريس، بالقول إن: “المغرب سوف يظل ثابتا صامدا وسيواصل مساره بثقة أكبر ضد المناورات المغرضة، وان قرار البرلمان الاوربي ليس إلزاميا، و كان يمكن تجاهل خصوصا انه يفقد المصداقية (رشوة) لكنه يمس ملفات لازالت داخل القضاء و يمس النساء المغربيات، كما انه موضوع مغربي يهم المغاربة، فالمغرب لم يعد ذلك البلد الذي يتلقى الاهانات والاملاءات و الضرب في مؤسساته…إننا على غرار كافة الأمم لم نصل إلى درجة الكمال في بناء الحقوق والديمقراطية، لكن في نفس الوقت نسجل باعتزاز التقدم الحاصل، ونحن كمغاربة ومغربيات ندرك نقائصنا وسنواصل مسارنا من أجل الارتقاء بمسارنا التنموي وتوطيد الديمقراطية، ونرفض مطلقا نَزَعاتِ الوصايةِ أو تَلَقِّي الدروس من أي طرفٍ كان، كما لا يجب ان ينسوا ان المغرب هو الذي يحمي القارة الأوروبية من الإرهاب والجريمة المنظمة، وبالتالي فالشراكة الحقيقية ليست هي الوصاية وإنما الاحترام والندية بعيدا عن الإبتزاز والمساومة والنظرة الدونية”.

تابع آخبار تليكسبريس على akhbar