خبراء وأكاديميون يسلطون الضوء على تطوير الهيدروجين الأخضر في المغرب

أكد خبراء وأكاديميون على أهمية وضع تصور مثالي لنشر سلسلة قيمة الهيدروجين الأخضر واستخداماته في المغرب بأقل تكلفة لتكون أكثر تنافسية على الصعيد الدولي.

وينتج الهيدروجين من الطاقة الشمسية أو طاقة الرياح المتجددة، كما يمكن الحصول عليه من خلال تقنيات مختلفة، بما فيها إعادة تشكيل الغاز الطبيعي ببخار الماء، والتحليل الكهربائي للماء، كما يمكن أن يكون أخضر أو رمادي أو أزرق أو أصفر.

وأكد أمين السر الدائم لأكاديمية الحسن الثاني للعلوم والتقنيات، عمر الفاسي الفهري، أمس الخميس 18 ماي 2023 بالرباط، في لقاء نظمته الأكاديمية حول “الإكراهات العلمية والتكنولوجية للهيدروجين الأخضر في المغرب”،  أن البحث العلمي والتكنولوجي أضحى ضرورة للنهوض بالهيدروجين الأخضر كمصدر مستدام للطاقة، من خلال تطوير تكنولوجيات فعالة ودراسة الآثار البيئية والاقتصادية لإنتاجه واستعماله.

وقال الفاسي الفهري، خلال اللقاء الذي نظم بمناسبة الاحتفال بالذكرى السنوية 17 لتنصيب أكاديمية الحسن الثاني للعلوم والتقنيات، إنه “يمكننا، من خلال الاستثمار في البحث العلمي والابتكار التكنولوجي والبنيات التحتية الضرورية لإنتاج واستخدام الهيدروجين الأخضر، المساعدة على تأمين مستقبل نظيف وأكثر استدامة لبلدنا وكوكبنا”.

وسجل أن هذا اللقاء سيساهم، بلا شك في تعميق النقاش حول أهمية البحث والتطوير والابتكار في مجالات الطاقات المتجددة والنجاعة الطاقية بشكل عام، وفي مجال الهيدروجين الأخضر بشكل خاص، وكذا حول ضرورة تشجيع وتعزيز التكوين في هذه المجالات.

وأضاف أن نجاح هذا التحول يعتمد بالأساس على تنزيل استراتيجيات التكوين، التي ينبغي للشركاء وجميع الفاعلين (الأكاديميات والجامعات والمؤسسات والهيئات العمومية والمجتمع المدني) الاضطلاع بدور أساسي فيها.

وفي هذا السياق، أشار إلى أن الإرادة الواضحة التي عبرت عنها المملكة في ظل القيادة المستنيرة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، لتنزيل استراتيجية وطنية تروم خلق قطاع اقتصادي وصناعي حول الجزيئات الخضراء، يعكس أهمية هذا المشروع ضمن مسلسل إزالة الكربون من الصناعة، وتنويع العرض الطاقي وتعزيز أمن الإمدادات الطاقية والمدخلات غير الطاقية.

وقال إن هذه الاستراتيجية ينبغي أن تكون مواكبة بتطوير البحث العلمي الفعال، وفقا للرسالة التي بعثها جلالة الملك إلى المشاركين في المناظرة الوطنية الأولى حول الطاقة يوم  6 مارس 2009 بالرباط، والتي أكد فيها جلالته على أنه “لن يتأتى التفعيل الناجع لهذه الإستراتيجية المضبوطة والواعدة، إلا بتأهيل الموارد البشرية”.

و أكد الفاسي الفهري أنه “لهذه الغاية ينبغي أن نستعد باستمرار ونتكيف مع مختلف التغيرات المستقبلية حتى نتمكن من ضمان التنمية الاقتصادية والاجتماعية لبلادنا من خلال تلبية الاحتياجات الطاقية المتزايدة بشكل مستدام”.

وبهذه المناسبة، أكد العديد من الخبراء والأكاديميين على الحاجة إلى بلورة وإدارة أنظمة الهيدروجين الخضراء وفقا لمقاربة شاملة تدمج على الخصوص، البحث والتطوير والهندسة والاقتصاد، بشكل يدلل الصعوبات التي من بينها تكاليف التخزين والنقل والتوزيع والبنى التحتية، والتي تقف أمام ظهور مصدر طاقة جديد يقدم العديد من المزايا مقارنة بالوقود الأحفوري التقليدي.

وفي هذا السياق، أشار المدير العام للاستراتيجية -HTEC، كيبيك-كندا، البروفيسور فيليب تانغي، في مداخلة خلال الجلسة الأولى حول موضوع “الانتقال الطاقي والنماذج الاقتصادية للهيدروجين الأخضر”، إلى أن الهيدروجين هو بديل مباشر للهيدروكربونات والفحم، وأداة لإدارة الشبكة الكهربائية ولبنة كيميائية لإزالة الكربون من الصناعات.

ودعا تانغي، وهو أيضا عضو مشارك في أكاديمية الحسن الثاني للعلوم والتقنيات، الذي تطرق للنماذج الاقتصادية القادرة على إتاحة بناء اقتصاد من الهيدروجين الأخضر، إلى إنشاء أنظمة بيئية جهوية ومحلية محصورة في مناطق صغيرة تكون فيها سلسلة القيمة بأكملها متحكما بها من الإنتاج إلى استخدام الهيدروجين الأخضر.

وبعدما أشاد بالتقدم الكبير الذي أحرزه المغرب في مجال الطاقات المتجددة، قال تانغي، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، إن المملكة مدعوة إلى تسريع وتيرة هذا المجال من خلال إقامة مشاريع بتقنيات مجربة وقادرة على حشد الاستثمارات على نطاق دولي ونظام تعليمي يعوض النقص في العمالة المؤهلة (مهندسون وتقنيون).

من جانبه، تطرق رئيس التجمع المغربي للهيدروجين الأخضر، رئيس مجلس إدارة شركة مغرب ستيل، يحيى زنيبر، إلى استخدامات الهيدروجين المختلفة (الأمونياك والصلب والميثانول).

وشدد زنيبر، في مداخلته التي ركزت على “سلسلة قيمة الهيدروجين الأخضر وإزالة الكربون من الصناعة”، على أن تحفيز الطلب يجب أن يتم دعمه بشكل نشط من قبل مختلف الجهات الفاعلة في القطاع.

من جهته، استعرض المدير العام بالنيابة لمعهد البحث في الطاقة الشمسية والطاقات المتجددة، سمير الرشيدي، خلال الجلسة الثانية التي ركزت على “الإكراهات التكنولوجية التي يجب التغلب عليها من أجل الهيدروجين الأخضر”، خارطة الطريق للهيدروجين الأخضر كعامل للإنتقال الطاقي المبتكر، الذي يهدف خلق إطار مناسب لتطوير صناعة الهيدروجين الأخضر في المغرب.

وأشار  الراشدي إلى أن المغرب لديه إمكانات كبيرة لإنتاج الجزيئات الخضراء بتكلفة تنافسية، مضيف ا أن المملكة بلد رائد واستباقي في المنطقة لاستكشاف إمكاناته وإعداد الخطوات اللازمة لنشر هذا الاقتصاد ذي القيمة المضافة العالية، مستحضرا على سبيل المثال مواقع الداخلة والعيون والجرف الأصفر.

ويروم هذا اللقاء، الذي تم تنظيمه بشراكة مع التجمع المغربي للهيدروجين الأخضر ومعهد البحث في الطاقة الشمسية والطاقات الجديدة، رصد التقدم المحرز في البحث العلمي والتكنولوجيا بشأن العناصر الحاسمة لسلسلة قيمة الهيدروجين الأخضر والتطبيقات ذات الصلة بالنسبة للمغرب في أفق 2035.

كما يهدف هذا الحدث إلى تحديد مسارات البحث وتشجيع الباحثين المغاربة على العمل في هذا المجال، علاوة على عرض مختلف المقاربات قيد التنفيذ والنجاحات الأولى في هذا المجال على الصعيد الدولي.

تابع آخبار تليكسبريس على akhbar