ملاحظات حول مشروع قانون المالية لسنة 2024

قال “فرانسيس فورد كوبولا ” يوما، في فيلمه “العراب” : التمويل سلاح. السياسة هي أن تعرف متى تطلق النار” .

لن أتحدث عن الأرقام، فذلك من اختصاص الجرائد المغربية الناطقة بالفرنسية. لا سوف أتحدث عن بعض الملاحظات حول هذا القانون. لكن قبل هذا اسمحوا لي أن أتحدث عن شيء يبدو لي مهما. في بلدنا كل ما له علاقة بالاقتصاد، فهو من اختصاصهم، لا العامة. انظروا مثلا إلى الحضور الباهت “للبرلمانيين” خلال جلسة مناقشة تقديم قانون المالية، لأنهم يعرفون أن كل ما يتعلق بالاقتصاد والمال والأعمال فله جهة الاختصاص. لن أطيل في هذا المقام. فما بالك بالمواطن العادي؟ هو يدري وأنا أدري. كل ما يهمه هو الزيادة المرتقبة في “لبوطة الغاز”.

صدر بلاغ يتحدث عن أربعة محاور رئيسة لقانون المالية المقبل. سأتحدث عن بعضها، وللمهتمين أقول أن هناك بعض الأساتذة الجامعيين يتطرقون بالتفاصيل لقانون المالية. لا أخفي عليكم أنني واحد من قرائهم.

المحور الأول هو “تنزيل برنامج إعادة البناء والتأهيل العام للمناطق المتضررة من زلزال الحوز”. هنا سأتحدث عن شيئين، عن زلزال الحسيمة والريف وعن زلزال الحوز. قبل 2004، كانت منطقة الريف معروفة بالتجارة في المخدرات فقط، وكان المواطن العادي بمختلف مدن وقرى المغرب يتخيل أن سكان الريف يعيشون في الرفاهية. فجاء زلزال الريف، ففضح كل شيء، وخاصة القناة الثانية المغربية، و”ربورطاجها” يوم الزلزال بإمزورن، حيث حاول بعض السكان إنقاذ حياة البعض الآخر بوسائل بدائية. مع زلزال الحوز لسنة 2023، تحدث البعض عن فقر المنطقة المدقع، وهذا ما يتبين من خلال الإحصائيات الرسمية. إلا أننا سمعنا بعد ذلك عن مناجم الذهب وغيرها في هذه المنطقة. ومن ذلك الوقت، لا الحكومة تحدثت عما وقع بهذه المناجم يوم الزلزال، ولا المعارضة البرلمانية وغيرها أكملت تحليلاتها. هناك صمت رهيب حول هذا الموضوع.

المحور الثاني هو “تأهيل الحقل الاجتماعي”، وحتى لا أطيل الكلام عن القارئ فإن المحاور الأربعة موجودة على الإنترنت. وسأتحدث عن الزيادة الأخيرة “للسميك” و”السماك”. وهنا لا بد من القول إن الزيادات في الأجور شبه منعدمة منذ زمن بعيد، ليس في هذا القانون فقط. ويكفي للحديث في هذه النقطة عن كون جميع القوانين مهمتها ليس “الدولة الاجتماعية” بل “التوازنات المالية”. فيما يتعلق بالزيادات والمساواة في الأجور بين الرجال والنساء، يحدثنا موقع “lesglorieuses.fr” عن أن النساء في أوربا، سيشتغلن “فابور”، ابتداء من 06 نوفمبر إلى غاية 31 دجنبر2023، أما في المغرب فهن يشتغلن “فابور” منذ زمان.

المحور الثالث يتعلق “بتنزيل الإصلاحات الهيكلية”. هنا يتحدثون عن إصلاح العدالة، عن تنزيل ميثاق الاستثمار وإصلاحات في ميادين الفلاحة والسياحة والإدارة إلخ… وهنا سأقف عند شيء مهم جدا، هل هذه الإصلاحات شأن داخلي أم مملاة من الخارج. أعرف كما تعرفون أيها القراء، أن قانون المالية للسنوات السابقة قُرر بواسطة خبراء البنك الدولي، الذين يأتون كل مرة ويطالبون التقارير والأرقام من وزارة المالية على الخصوص.  فقانون المالية يعكف عليه البعض من ذوي “الاختصاص”، وفي الحقيقة لا اختصاص لهم. لا أتحدث عن الأطر والكفاءات الموجودة في كل الوزارات وخاصة وزارة المالية.

النقطة الرابعة والأخيرة، تتعلق بـ”تعزيز استدامة وتوازن المالية العمومية”. ويتعلق الأمر هنا بالإصلاح الضريبي، وضمنه “الدستور المالي” الذي يحدد تنفيذ القوانين المالية والتعديلات عليها وتقديم الحسابات المالية لكل سنة. إذ كما يعرف الجميع، فإن قانون المالية هو أشياء محتملة (يمكن أن تقع أو لا تقع)، من نمو للدخل الوطني، وللسنة الفلاحية ولنسبة ثمن البترول والغاز. ألا يبدو أن هذه النقطة كان من الممكن أن تدخل في النقطة السابقة؟

وفي الأخير لا بد أن أركز على نقطة مهمة في مناقشة التقارير المالية، ألا وهي غياب الحوار والنقاش الهادئ، لأن هناك خبراء حقيقيين من اليمين ومن اليسار يمكنهم مناقشة تفاصيل القانون المالي واقتراح تعديلات جوهرية عليه. والسبب في ذلك هو غياب حرية التعبير والرأي.

تطوان، (مرتيل) 06 نونبر 2023

تابع آخبار تليكسبريس على akhbar