قصة جريمة.. حينما أيقن المجرم انه أفلت من فعلته لكن قبعته الرياضية فضحته

اعتقد المكناسي (41 سنة)، المتزوج والأب لطفلتين، أنه أتقن فعلا جريمته النكراء بذبح ستينية الأم لخمسة أبناء بمولاي عبد الله، وغادر مسرح الجريمة، يسرع الخطى لإتمام شوط ثان من السرقة الموصوفة استهدف بها منزل ضحيته، وعلى مدار ثلاثة أيام سابق درك الجديدة الزمن للوصول إلى الجاني، في ظل تناسل تأويلات جراء الطريقة الوحشية التي ذبحت بها، لكنه لم يكن يعتقد أن البحث سيكشفه من خلال قبعة رياضية، كانت أقصر معبر إليه، لما زاره محققون من المركز القضائي فجرا بمنزله بدرب البركاوي، حيث ألقوا عليه القبض وسط ذهول زوجته وطفلتيه اللائي لم يصدقن أنه متورط في جريمة قتل قرأن عليها في «فيسبوك».

يذهب عادة سكان دوار الدعيجات بمولاي عبد الله الذهاب باكرا إلى السوق الأسبوعي الذي ينعقد كل أحد، شأنهم في ذلك شأن كل الدواوير التي تعتبر هذا الملتقى التجاري الأسبوعي، مناسبة لتنشيط الاقتصاد القروي ببيع بعض المنتوجات الفلاحية من خضر وبيض ودجاج وغلال أخرى، واقتناء ما يحتاجونه طيلة الأسبوع.

لكن في ذلك الصباح لم ينتبهوا إلى جثة الضحية، ما يعني أن الإجهاز عليها تم بين الحادية عشرة صباحا والثانية بعد الزوال، وهو توقيت ليس اعتباطيا، بل إن الجاني الذي سبق له أن أمضى سنوات بالجندية، لم يترك أي شيء للصدفة، حتى مسرح جريمته كان خاليا من السكان، ما يعني أنه خطط لجريمته وهيأ لها كل الظروف المواتية، إلى لحظة استدراجه القتيلة وإتيان جرمه المشهود.

متسوقون يكتشفون الجريمة

بعد الظهيرة مباشرة وبينما كان المتسوقون عائدين لتوهم من السوق، راعهم صراخ رجل يشير بأصبعه إلى نباتات وأحراش تلف المسلك القروي المؤدي للدعيجات، وما هي إلا برهة حتى تحلق حشد كبير حول جثة امرأة مذبوحة وعلى ملابسها علقت دماء كثيرة، وبجانبها هاتف محمول وقبعة رياضية وحافظة نقود فارغة، تساءل أهل الدوار في ما بينهم عسى يحددون هوية القتيلة، لكن رأيهم استقر على أنها غريبة عنهم وليست من ضيوف أحدهم، وعلى خلفية ذلك تم إشعار شيخ القبيلة الذي أخطر بدوره قائد أولاد بوعزيز الشمالية، الذي بدوره نقل على وجه السرعة خبر الجريمة إلى درك مولاي عبد الله، الذين حلوا بعد عشرين دقيقة بمسرح الجريمة، وبعد أن أبعدوا المتجمهرين سألوا الحاضرين عن هوية الضحية، فلم يتلقوا إفادة من أحد تنفعهم في البحث الذي فتح بأمر من النيابة العامة المختصة.

غيوم البحث تنقشع

بعد أن أخذوا صورا للجثة من زوايا مختلفة، انتدبوا سيارة نقلتها إلى مستودع الأموات، وجمعوا كل الحاجيات التي كانت بمسرح الجريمة، منها هاتف الضحية وقبعة رياضية، وهو ما جعل رئيس فرقة البحث يبدو كمن وضع يده على صيد ثمين، وبالمركز القضائي تم استجواب هذه الأدلة، ومن خلال الهاتف توصلوا إلى تحديد هويتها، إذ يتعلق الأمر بامرأة تتحدر من سيدي بنور لها سكن بدوار تكني المتاخم للجديدة، ومن خلاله تم استخراج كشف بآخر المكالمات التي تبادلتها مع أغيار، وحولت تلك الاتصالات إلى تطبيق «الواتساب»، فبدا شخص يرتدي القبعة الرياضية نفسها، التي تحمل اللون والرمز نفسيهما، لحظتها بدأت غيوم البحث تنقشع، عندما استجمع الدركيون معلومات كافية عن الفاعل، ويتعلق الأمر بشخص يدعى ” المكناسي» ولما توصلوا إلى عنوانه داهموه فجرا وألقوا عليه القبض.

النصب وراء تصفية الضحية

بمقر المركز القضائي بشارع القاهرة انطلق شوط مهم من البوح، وبعد أن تمسك لحظة بالإنكار، أقر فعلا أنه من استدرجها إلى ذلك المكان وقتلها، وعن دافعه إلى ذلك صرح أنه تسلم منها مبلغا ماليا للتوسط لها في تشغيل ابنها بإحدى الشركات بالجرف الأصفر، كما تسلم منها مبالغ مشابهة حصلت عليها من أشخاص آخرين للغرض ذاته، وأنها خلال المدة السابقة لقتلها وأمام مماطلته لها وإلحاح الناس على استرجاع أموالهم، التي أنفقها ولم يعد قادرا على الوفاء بها، خطط لتصفية الضحية، وبذلك ينهي كل أسرار عملية النصب التي قام بها، وزاد أنه في يوم الجريمة هاتفها وضرب معها موعدا للقاء به في ذلك المكان القريب من مصانع الجرف الأصفر، فلم تتردد معتقدة أنه هذه المرة لربما جاد في كلامه.

وفعلا حلت في الوقت المتفق عليه، وكان المكان خاليا من الناس، ولما تبادل معها حديثا أصرت على المبالغ المالية التي بذمته، فما كان منه إلا أن سدد لها طعنات وذبحها من عنقها بواسطة سكين أعده لهذه الغاية، ولما تأكد أنها أصبحت جثة فتش لوازمها بحثا عن أموال فلم يجد شيئا، سوى مفاتيح منزلها بدوار تكني، وعلى عجل انتقل إليه وقام بفتحه في إطار شوط ثان من السرقة الموصوفة، وأخذ جهاز تلفاز وبعض الأواني وانصرف.

الحكم بالمؤبد

بعد أن أحيل على قاضي التحقيق واعترافه التلقائي بجريمته، مثل أمام هيأة غرفة الجنايات الابتدائية، التي اقتنعت بالمنسوب إليه، وحكمت عليه بالمؤبد. وفق ما اوردته الصباح.

تابع آخبار تليكسبريس على akhbar