موازاة المغرب بين التحديث النوعي والتصنيع العسكري، لتحقيق الاستقلال الاستراتيجي

تعمل المملكة المغربية لتحديث وعصرنة القوات المسلحة الملكية المغربية بين التحديث النوعي لأجهزتها ومعداتها العسكرية، من جهة، ودخولها مجال التصنيع العسكري بتطوير صناعة الأسلحة والذخائر، وصناعة الطائرات المسيّرة القادرة على القيام بالمهام الاستخبارية والمراقبة والاستطلاع والهجمات المسلحة، وصيانة الطائرات العسكرية، من جهة أخرى، لتحقيق الإستقلال الاستراتيجي (بشكل تدريجي)

وفق مخطط توطين الصناعات العسكرية وتنمية البحث العلمي لتكوين خبرات محلية في الصناعة الدفاعية والعسكرية. كخيار إستراتيجي بإحياء الصناعة العسكرية التي عرفها تاريخ الأمة المغربية

حيث عرف استعمال السلاح الناري عند الأمة المغربية، في عهد يعقوب بن عبد الحق المريني عند حصار سجلماسة عام 672 هـ / 1273 م، الذي علق عليه الناصري، بقوله:
“أن البارود كان موجودا في ذلك التاريخ، وأن الناس كانوا يقاتلون به ويستعملونه في محاصراتهم وحروبهم يومئذ”.

وفي عهد أبي الحسن علي بن أبي سعيد المريني، وذلك في الدفاع عن الجزيرة الخضراء سنة 1342م، وردت في “حضارة العرب”:

“وتثبت مخطوطات ذلك الزمن: أن الأسلحة النازية شاعت بين العرب بسرعة، فاستخدموها على الخصوص للدفاع عن مدينة الجزيرة التي هاجمها الأدفونش (ألفونسو)، الحادي عشر سنة 1342م، وجاء في تاريخ الأدفونش الحادي عشر أن مغاربة المدينة – الدولة المرينية – كانوا يقذفون بكثير من الصواعق على الجيش فيرمون عليه عدة قنابل كبيرة من الحديد كالتفاح الكبير، وذلك إلى مسافة بعيدة من المدينة، فيمر بعضها من فوق الجيش، ويسقط بعضها عليه”.

وفي عهد أبي عنان بن أبي الحسن المريني الذي استخدمها في حربه مع بني زيان في تلمسان، وفي حصاره بجاية، في مناورة قام بها الأسطول المريني. التي جاءت في قصيدة” فيض العباب”، لابن الخطيب

وفي دار الماكينة بفاس، أنشأ أول مصنع للسلاح في المغرب، لصناعة البنادق والبارد، وبعدها دار العدة بمراكش، ومصنع القنابل وقاذفات البارود / المدفع بتطوان …

وللانخراط في نادي المصنعين للأسلحة الحربية، تم اعتماد المغرب في يوليوز 2020، المرسوم التنفيذي للقانون رقم 10.20 المتعلق بعتاد وتجهيزات الدفاع والأمن والأسلحة والذخيرة. وفي هذا الإطار، أبرم المغرب في السنوات الأخيرة عدداً من اتفاقيات التعاون الأمني والعسكري مع بعض الدول والشركات الرائدة في تطوير الصناعة العسكرية ببدء خطوات فعلية في توطين الصناعات العسكرية، وذلك من خلال والتعاون في مجال التصنيع العسكري والكشف عن خطط لتصنيع بعض منتجاتها الدفاعية في تحول نوعي في السياسة الدفاعية والأمنية المغربية

فدخول المغرب الصناعات العسكرية، لإنشاء نواة صناعية حربية بنظام بيئي محلي، يرتبط باحتضان الشركات المصنعة للسيارات ومصانع مجال الطيران، كبنية تصنيعية أساسية ستسهل تصنيع الأسلحة محلياً، باعتبارها أرضية صناعية، تمكن المغرب الإنتقال من صناعات مدنية إلى صناعات عسكرية، (كصناعة المركبات العسكرية المصفحة كما هو الأمر عن الآلية العسكرية المغربية “الأسد الإفريقي”، التي من إنتاج FAR GROUPE MAROC،) والمصنعة لقطع غيار الطائرات، ومراكز التدريب التي تم تأسيسها لضمان التقدم في هذا المجال. وفق خطة إعادة التسلح العسكري للقوات المسلحة الملكية المغربية بتكنولوجيا متقدمة، باقتناء وصيانة المعدات ودعم تطوير الصناعة الدفاعية

IMG 20231210 WA0003

ولتفعيل هذا الورش الاستراتيجي، المرتبط بمخطط عصرنة وتحديث تجهيزات ومعدات القوات المسلحة الملكية، تعمل إدارة الدفاع الوطني، على المستوى الميزانياتي، الموازاة بين “اقتناء وإصلاح معدات القوات المسلحة الملكية” و “دعم تطوير صناعة الدفاع”؛

ويدشن المغرب طريق التصنيع المحلي العسكري، بوضعه ترسانة قانونية بهذا الصدد لتشجيع الشركات المحلية والأجنبية للاستثمار في هذه الصناعات؛ للتقليل من كلفة استيراد الأسلحة خاصة قطع الغيار والأسلحة الخفيفة إلى جانب إبرام اتفاقيات شراكة مع حلفائه الإستراتيجيين للاستثمار في خلق صناعة عسكرية محلية. كخيار إستراتيجي للمملكة المغربية

وبتخصيص ميزانية قياسية للدفاع في العام 2023، إلى ما يقارب 120 مليار درهم بزيادة 5 مليارات درهم مقارنة بقانون مالية 2022، حيث وافق المجلس الوزراي برئاسة الملك محمد السادس ، المنعقد يوم 18 أكتوبر 2023، على مشروع ظهير المتعلق بصلاحية الطائرات العسكرية وسلامتها الجوية، ويهدف هذا الظهير الشريف إلى إنشاء نظام صلاحية للطيران للطائرات العسكرية لضمان امتثالها لنظام الطيران المدني وإنشاء إدارة طيران عسكرية (DAM).

وسبق أن دخل المغرب سنة 2022، في شراكة مع مجموعة الفضاء البلجيكية أوريزيو، بإنشاء مركز صيانة للطائرات العسكرية ببن سليمان. مخصص لأسطول القوات الجوية العسكرية، كبنية تحتية دفاعية وأمنية متخصصة لشركة مغربية مشتركة هي Maintenance Aero Maroc (MAM)، لصيانة وإصلاح وتجديد وتحديث الطائرات العسكرية والمروحيات. والأجهزة العسكرية.

IMG 20231210 WA0002

كما تم ترخيص MedZ للمساهمة في رأسمال شركة صيانة Aero Maroc (MAM). ويندرج هذا المشروع في إطار تنفيذ مخطط التسريع الصناعي الذي يكتسي أهمية استراتيجية في تنمية قطاع الطيران بالمغرب.

كما وقع مع شركة “لوكهيد مارتن” Lockheed Martin. الأمريكية اتفاقا عسكريا لبناء وحدة صناعية بشراكة Aero Maroc (MAM). تديرها شركة “سابينا”، Sabena Aérospatial Engineering SA التابعة لمجموعة Blueberry، من خلال شركتها الفرعية Sabca Maroc، بضواحي قاعدة بنسليمان الجوية، ستخصصة بعمليات صيانة وتطوير وتحديث وإصلاح مقاتلات “إف-16″ و”C-130” التابعة للقوات الجوية الملكية المغربية، وإنشاء مركز متخصص في هذا المجال، ما من شأنه تطوير النشاط الصناعي العسكري والدفاعي للقوات المسلحة الملكية.

فهذه المنشآت والبنى التحتية الداعمة لتجهيز القواعد الجوية في كل من بنسليمان وبنجرير لاستقبال الطائرات الحربية. وتسهيل الانتقال إلى تصنيع قطع غيار هذه الطائرات (الحربية)، هي لبنات أساسية للصناعة العسكرية المغربية، كما هو شأن الطائرات المسيرة صغيرة مغربية الصنع، من ضمن الوسائل المستعملة في مراقبة الحدود ومحاربة الهجرة غير النظامية.

ويساير هذا المخطط المغربي في صناعة أجزاء الطائرات العسكرية. وطائرات الدرون العسكرية من نوع SPY-X، المصنعة من قبل الشركة Bluebird Aero Systems..

وكذا إنشاء قطاع محلي لإنتاج الطائرات بدون طيار، بما في ذلك “الذخائر الجوالة ” Loitering Munitions”، المعروفة باسم “مسيرات الكاميكازي”، بالتعاون مع مجموعة الصناعات الجوية (IAI).

وقد سبق أن أعربت العديد من الشركات العالمية المتخصصة في الصناعة الدفاعية، عن رغبتها في الاستثمار في المغرب، في حين قطعت أخرى خطوات هامة في هذا المجال، وعلى رأسها شركة “بوينغ” الأمريكية ،

وأكد عبد اللطيف لوديي، الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بإدارة الدفاع الوطني،خلال عرضه أمام لجنة الخارجية والدفاع الوطني والشؤون الإسلامية والمغاربة المقيمين بالخارج بمجلس النواب حول مشروع الميزانية الفرعية لإدارة الدفاع الوطني برسم السنة المالية 2023، أن هذا المركز: “مشروع صناعي يعنى بصيانة وإصلاح ومراجعة الطائرات العسكرية بمنطقة بنسليمان، مخصص لأسطول القوات الجوية العسكرية”.

وكشف الوزير عبد اللطيف لوديي، بدء “بعض الأنشطة” المتصلة بصناعات دفاعية، بينها تصنيع مسيرات عسكرية، مؤكدا سعي المملكة لتشجيع الاستثمار في هذا المجال، مشيرا أن العديد من الشركات المتخصصة تقدمت بطلبات للمغرب للحصول على تراخيص استثمار في قطاع الصناعة الدفاعية.

وأكد أن الموافقة على هذه الطلبات الواردة تخضع لمجموعة من الشروط التقنية والاقتصادية والقانونية والتكنولوجية الصارمة.

وبحسب الوزير، فإن تقييم جدوى هذه المشاريع يعتمد بشكل أساسي على تحقيق قيمة مستدامة على المدى الطويل.  وأشار إلى أن الطلبات المقدمة اتخذت خطوات مهمة، اتسمت بالتواصل المنتظم مع كافة الشركاء. بهدف تطوير أدوات استثمارية جديدة تتوافق مع أهداف بناء صناعة دفاعية مغربية متقدمة.

مضيفا إن “بعض مجالات الصناعة الدفاعية التي تعرف بداية بعض الأنشطة في بلادنا، تهم تطور صناعة الأسلحة والذخائر، صناعة الطائرات المسيرة القادرة على القيام بمهام الاستخبارات والاستطلاع والهجمات المسلحة، وصيانة الطائرات العسكرية”. وأن “المغرب عمل على مراجعة مقاربته لمزاولة أنشطة الصناعات الدفاعية فوق التراب الوطني؛ من خلال تبني ترسانة قانونية حديثة تفسح المجال للترخيص بإقامة صناعات عسكرية، وإرساء أسس تطوير هذا النوع من الصناعات بغية المضي قدما من أجل تحقيق الاستقلال الاستراتيجي في هذا المجال”.

وأضاف أن ذلك “جلب اهتمام مستثمرين مغاربة ودوليين، خصصت لهم لقاءات توضيحية لبسط الأهداف المتوخاة”.

مؤكدا حرص إدارة الدفاع الوطني على تفعيل آلية التعويض الصناعي compensation industrielle، // ” offset” من خلال حث الشركات الدولية على إنجاز مشاريع استثمارية بالمغرب؛ وذلك في إطار التزاماتها التعاقدية بخصوص الصفقات المبرمة معها، في أفق تقوية الصناعة الدفاعية الوطنية

ويتجه المغرب نحو دخول عالم صناعة الطائرات الحربية بدون طيار، “الدرون”، ببناء مصنعين لإنتاج هذا النوع من الطائرات بتكلفة أقل. التي ستكون تحمل علامة مغربية وستكون هجومية ومخصصة لجمع المعلومات الاستخبارية. وستكون الشركة التي ستنفذ المشروع هي شركة بلوبيرد إيرو سيستم Bluebird Aero System، لنكون جاهزة لأداء مهمتين أساسيتين؛  الهجوم والاستطلاع، هذا المشروع يجعل من المغرب أول دولة في قارة إفريقيا ينتج طائرات بدون طيار.

كما سيتم بناء أنظمة صواريخ قصيرة ومتوسطة المدى لتسليح الجيش المغربي بتقنيات جديدة وأكثر حداثة والحصول على تكنولوجيا تطوير وتصنيع أي نوع من الأسلحة.

وفي إطارتنويع مصادر التسليح، تدخل إتفاقية تصنيع خمسة أسلحة برازيلية في المغرب، وهي:
– غواصة “رياتشويلو” RIACHUELO، متطووة تستوعب حمولة ضخمة وقادرة على الصمود تحت الماء، ومزودة بعديد من الصواريخ.
– وطائرات هجومية خفيفة من صنف “سوبر توكانو، أ-29″ “A-29 Super Tucano”، المصممة لمهام الهجوم والاستطلاع، ذات الدفع التوربيني، لمواجهة أية طوارئ معلنة، ولحماية الحدود من محاولات الاختراق. .
ومحاربة الجماعات المسلحة الانفصالية والإرهابية
– وطائرات الشحن العسكري Embraer C-390″”، للدعم اللوجيستي للقوات المسلحة الملكية المغربية، والتي تتميز بسرعتها العالية وقدرتها على حمل حمولات ثقيلة، إضافة إلى فعالياتها في عمليات الإنقاذ الجوي وتزويد الطائرات جوا بالوقود.
– وصواريخ مضادة للسفن والغواصات من نوع “Man Sup”، الموجه برادار نشط، يصل مداه إلى 100 كلم.
– وراجمات الصواريخ من طراز “أستروس Astros” التي يصل مداها 300 كلم، التي تتألف بطاريتها من ست عربات قاذفة، وست عربات تموين حاملة للصواريخ، وعربة تحكم وتوجيه بالرادار.

وسبق المغرب أن تعاقد على شراء 150 طائرة بدون طيار من طراز WanderB وThunderB VTOL، من إنتاج شركة Bluebird، التي تتميز بقدرتها على العمل في أي مكان دون الحاجة إلى مدرج، ويمكنها الإقلاع والهبوط عموديًا، كما تستخدم محركات كهربائية.

وسيتم تنفيذ جزء من إنتاج هذه الطائرات بدون طيار في المغرب، سواء الخاصة بطائرات الاستخبارات والمراقبة والاستطلاع، وكذلك الطائرات المسلحة. لتعزز القدرات العسكرية المغربية، وخاصة في مجال الردع الجوي.
– كطائرات “بيرقدار تي بي 2”
– ومنظومة الحرب الإلكترونية “كورال” التي تتولى مهمة التشويش على الرادارات المعادية وتسهيل عمل الطائرة المسيرة
– والصواريخ الموجهة من طراز AGM154C، بمدى مستهدف يصل إلى 130 كلم
– وطائرات بدون طيار انتحارية من طراز هيرميس 900، مخصصة للتعامل مع تحركات مشبوهة أو هجمات عدائية محتملة
– وأنظمة إطلاق صواريخ هيمارس التي يصل مداها إلى 305 كلم
– ونظام الدفاع الجوي (Sky Dragon 50)، للشركة China North Industries Corporation، المعروفة باسم “نورينكو Norinco”.
– ونظام الدفاع الجوي “Barak MX”. ونظام “Skylock Dome”، الذي يقوم بكشف وتحييد الطائرات بدون طيار
– ومنظومة الدفاع الجوي كرادارات من طراز «غاب فيلر»، وهي الأفضل في اختبار كشف الدرونات الصغيرة والأهداف التي تحلق على ارتفاع منخفض، ضد تهديدات صاروخية أو هجمات بطائرات بدون طيار، محتملة من عدو خارجي الإرهابيين والميليشيات الإنفصالية، المهددين للأمن والسلم الإقليمي

وفي هذا السياق، يعتزم المغرب الحصول على القبة الحديدية، من شركة Rafael Advance Systems، وهي نظام دفاع عسكري يسمح للمملكة بالسيطرة على حدودها الوطنية والدفاع عنها بنظام متطور من رادارات التحكم عن بعد، فهو نظام دفاع جوي متنقل يقوم باعتراض وتدمير الصواريخ قصيرة المدى وكذلك مهاجمة المقذوفات التي يتم إطلاقها من مسافة طويلة، بهدف قصف أي موقع.

إلى جانب طائرات “F-16 VIPER” الأمريكية، وهي طائرات من صنع شركة “Lockheed Martin” الرائدة في صناعة المقاتلات “النفاثة”.

فهذا المخطط الإستراتيجي للمغرب المتوازي بين التحديث والتصنيع، للنهوض بالتصنيع العسكري، وإرساء صناعة دفاعية محلية من خلال تنويع الشركاء على مستوى الاتفاقيات الأمنية ،تعزيز التعاون العسكري والنهوض بمشاريع مشتركة للاستثمار بالمغرب
ووضع ترسانة قانونية بهدف جلب الشركات والخبرات التقنية ونقل التكنولوجيا لتحقيق أهداف هذا المخطط، الذي يرمي للإستقلال الإستراتيجي وتقليص النفقات وتحقيق الاكتفاء الذاتي، والتخفيف من فاتورة الصفقات العسكرية وتوفير فرص العمل.. بالتركيز على صيانة وإنتاج المعدات العسكرية خاصة قطع الغيار، وإقامة صناعة دفاعية للتصدي لكافة المخاطر ومواجهة تداعيات التهديدات الأمنية، التي يمكن أن تمس أمن المملكة المغربية ومصالحها الاستراتيجية،

تابع آخبار تليكسبريس على akhbar