كيف أصبح التحالف الإيراني-الجزائري يخدم أجندات إيران في منطقة الساحل؟

في ظل الصراع الجيوسياسي في منطقة الساحل وما عرفته من سلسلة الانقلابات، تعمل إيران على تعزيز علاقاتها مع دول الساحل والصحراء، التي تتميز جلها بحركات التمرد العنيفة التي تشنها الجماعات المتطرفة (وكذلك العصابات الإجرامية)، وعدم الاستقرار السياسي؛ بطريقة أكثر سرية لتقلل من عزلتها على الساحة الدولية.

كما أن تدخلها كدولة شيعية في دول الساحل المسلمة ذات الأغلبية السنية، لنشر عقيدة وطقوس والتنظيم الديني الشيعي، وخاصة سيادة إمارة الثورة على المجتمع بالمفهوم الشيعي للاستشهاد وطقوس الحزن.

باعتبارها الزعيم الروحي للطوائف الشيعية التي تتصدى لها المملكة المغربية خصوصا عبر “مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة”، التي تعمل من أجل “المحافظة على وحدة الدين الإسلامي وصد التيارات الفكرية والعقدية المتطرفة”، بالإضافة إلى “حماية العقيدة الإسلامية والوحدة الروحية للشعوب الإفريقية من كل النزاعات والتيارات والأفكار التضليلية التي تمس بقدسية الإسلام ومقاصده”، كما تقوم بتكوين الأئمة المرشدين والمرشدات” الأفارقة على النموذج الديني المالكي المرتكز على العقيدة الأشعرية. للانتقال من الدعم الإيديولوجي للجماعات المتمردة، إلى سياسة التوطين داخل شمال إفريقيا ومنطقة الساحل.

 ويأتي هذا التواجد الإيراني بتسهيل النظام العسكري الجزائري إقامة قواعد عسكرية روسية في منطقة الساحل بمساعدة إيران وتزويد الميليشيات الإرهابية للبوليساريو بطائرات بدون طيار إيرانية، وإرسال أسلحة وكوادر عسكرية من حزب الله والحرس الثوري إلى تندوف لتدريب عناصر البوليساريو على حرب العصابات وتكوين فرق كوماندوز وتحضير عمليات عدائية ضد المغرب.

حيث كشفت عدة تقارير، المساعدة العسكرية التي قدمتها طهران لجبهة البوليساريو عبر قاسم تاج الدين، المرتبط بحزب الله. وأن إيران لعبت أيضا دورا أساسيا في شبكة تهريب أسلحة سهلت نقل الأسلحة إلى عدة جماعات إرهابية من بينها البوليساريو الإرهابية. بعد فتح النظام العسكري الجزائري لإيران منطقة تندوف، والجنوب الغربي بالجزائر.

وهو ما أكدته المملكة المغربية ب”حجج دامغة تثبت تورط إيران عن طريق حزب الله وبتحالف مع البوليساريو، في استهداف أمن المغرب ومصالحه العليا منذ سنة 2016″.

في حين صرح خبراء بأن “هذا الدعم الإيراني لميليشيات البوليساريو الإرهابية برعاية النظام العسكري الجزائري، تغيير تكتيكي يرمز إلى إعادة النظر في مصادر القوة الميدانية، والأبعاد الاستراتيجية لمواجهة المغرب”.

لتشكل إيران وحزب الله، تهديدًا نشطًا في المجالات التي تهم المغرب، بتقديم الدعم اللوجستي والعسكري لميليشيات البوليساريو الإرهابية؛ بتوسيع الصراع الديني الإيراني-المغربي، لصراع سياسي تغذيه توازنات إقليمية دولية.

وذلك بجعل النظام العسكري الجزائري، كشريك غير مشروط لطهران في الدعم العسكري والمالي لجبهة البوليساريو؛ جغرافية الجزائر رهن الحرس الثوري الإيراني لزرع ميليشياته، معززة بالجماعات الموالية لها المتواجدة بمنطقة الساحل والصحراء، التي تعمل في تنسيق مع ميليشيات البوليساريو الإرهابية من أجل بناء تحركات مشبوهة تهدد الاستقرار والأمن بالمنطقة. وتعاونها مع بعض الحركات الإجرامية والمنظمات الإرهابية في المنطقة، التي يعمل التحالف الإيراني-الجزائري على دعمها لوجيستيا وماليا وفنيًا من أجل تنفيذ أجندات إيرانية ذات توازنات دولية بمنطقة شمال أفريقيا، لتكون قاعدة لتهديد حركة الملاحة التجارية الدولية في المتوسط.

وبعد جعل الجزائر منصة لإيران، أدى بالجنرال محمد رضا نقدي مساعد قائد الحرس الثوري للشؤون التنسيقية، تهديده عرقلة الملاحة الدولية، بإغلاق مضيق جبل طارق، رغم تعقيده الاستراتيجي العسكري.

قائلا: “سيتعين عليهم قريبا انتظار إغلاق البحر المتوسط و(مضيق) جبل طارق وممرات مائية أخرى”. كما أفادت به وكالة تسنيم للأنباء.

وحذر الخبير العسكري البريطاني اللواء تشيب تشابمان Chip Chapman، الرئيس السابق لمكافحة الإرهاب في وزارة الدفاع، لـ GB News، من أن إيران قد تحاول إغلاق مضيق جبل طارق رغم تعقيد تنفيذه عمليا.

حيث أوضح: “قد تقول إنهم لا يملكون القدرة على القيام بذلك، لكن لديهم أيضًا قوة بالوكالة مع جبهة البوليساريو”.  مضيفا: “لذا، على الرغم من أن الأمر قد يبدو غير مرجح، إلا أن هذا لا يعني أنه لن يحدث”.

كما سارع نظام المرادية بإصدار قرار في 10 يناير 2024،  من الجمعية المهنية للبنوك والمؤسسات المالية بالجزائر، يقضي بمنع الشركات الجزائرية من تصدير أو استيراد أي منتج يمر عبر الموانئ المغربية،

بالرغم أن المتضرر هم الفاعلون الاقتصاديون في الجزائر بتحمل الكلفة الإضافية للنقل. بنهجه السياسة الصفرية الفاشلة كمحاولة للإضرار المغرب، للتغطية على عجزه وفشله إقتصاديا وإجتماعيا، جراء مسلسل الإخفاقات المتتالية على عدة مستويات في مواجهة المغرب، بعد أن كان المتضرر الأكبر من قطعه العلاقات مع المغرب.

وتبقى الأجندات السياسية المشبوهة للنظام العسكري الجزائري بتصريف أزماته الإجتماعية والسياسية الداخلية والتحديات الاقتصادية التي تعيق قدرته على لعب دور النفوذ بعقيدته العدائية للمغرب وهوسه بالماروكوفوبيا، أفقدته السياسة الواقعية العقلانية. وأحدثت توترات كبيرة بين الجزائر وجيرانها. بسياسته الخارجية المتهورة والمتسرعة في اتخاذ القرار والفاقدة للعقلانية، التي شوهت سمعة الجزائر الأخلاقية باتخاذه مواقف تدخل في الشؤون الداخلية للدول، كالتالي دفعت بمالي الإحتجاج الشديد عليها، واستدعاء سفيرها بالجزائر، وإعلان المجلس العسكري الإنتقالي الحاكم، إلغاء إتفاق الجزائر المتعلق بمالي.

ويعود هذا الإنفعال والتهور، لمرجعية نظام المرادية، المتقوقع في معسكر “الأنظمة الاستبدادية” و”الدول المارقة”، مما زاد من عزلته الدولية، “كنظام دكتاتوري” بعيد عن الأعراف والأخلاق الديمقراطية والدبلوماسية

 وبتحالفه مع إيران لإدخالها للمنطقة، بعد أن وئدت أحلامه بخلق دويلة وهمية بجنوب المغرب لأداته البوليساريو الإرهابية التي أصبحت واقعا بمخيمات تندوف وبحكم التقادم، لتكون طول حدود الجزائر مع دول الساحل أرضية لحزب الله لإنشاء فروع موالية لإيران وإيجاد موطئ قدم لفيلق القدس الإيراني وقوات حزب الله لتجنيد الجماعات الشيعية في منطقة الساحل والصحراء، التي تُعتبر منطقة استراتيجية مهمة في البعد الأفريقي للسياسة المغربية الخارجية.

 

تابع آخبار تليكسبريس على akhbar