إستراتيجية التغلغل الإيراني في منطقة الساحل والدعم الجزائري لاختراق موريتانيا

نشر المركز المصري للفكر والدراسات الإستراتيجية- وحدة الدراسات العربية والإقليمية، تقريرا تحت عنوان “دوافع وأهداف التقارب الإيراني-الموريتاني”، واعتبر فيه أن: “التقارب بين الجزائر وإيران، هدفه محاولة تطويق المغرب وإسرائيل وكبح تحركاتهما في المنطقة” .

وأفاد التقرير، أن “التحركات الإيرانية تجاه موريتانيا تهدف أساسا إلى تشبيك العلاقات المتجذرة مع الجزائر وفتح شراكات مستجدة مع موريتانيا بغرض إحداث اختراق لتلك البيئة الجغرافية الهامة في منطقة الساحل والصحراء؛ وليس هذا فحسب بل يمتد تطلعها إلى تعظيم مكاسبها من حالة التخبط والإرباك داخل الساحل والصحراء من أجل إحداث اختراق مماثل في غرب إفريقيا ضمن الجهود الاستباقية الذي تتحرك في ضوئه طهران للتحكم في الوضع داخل تلك المنطقة”

حيث يعمل النظام العسكري الجزائري، وفق سياسته العدائية للمغرب، دعم إيران للتغلغل بموريتانيا وضمها لمحور تحالفهما، لتوظيفها لخدمة حلمه الذي يعيش هوس الماروكوفوبيا، محاولة تطويق المغرب عن عمقه الإفريقي.

كما أن أهداف إيران من التدخل في منطقة الساحل متعددة. منها كسر عزلتها الدولية، وتمديد أنشطتها لصالح الجماعات الشيعية المسلحة وتنافسها مع المملكة المغربية حول الامتداد الديني والروحي في مجال روحي تقليدي مغربي محصن، بمنطقة الساحل وغرب إفريقيا. التي تعد النفوذ التاريخي دينياً وروحياً للمغرب، والتي يدين معظم بلدانها بالمذهب السني المالكي المؤطر بالزوايا والطرق الصوفية ذات الارتباط الأصلي والتاريخي بالمغرب، الذي يتصدى لنشر أيديولوجيتها الشيعية، (اللاهوت الشيعي الإيراني)، التي تعمل على توسيع طوائفها الشيعية ونفوذها المحلي في البلدان المستهدفة. حيث الامتداد الديني والروحي والسياسي والاقتصادي للمملكة المغربية.

 وذلك بتعزيز أنشطتها في المنطقة، سراً في تصدير الثورة الشيعية داخل دول الساحل بينما علناً لفك العزلة الدولية من خلال العلاقات الدبلوماسية معها كمكسب. من خلال المبادرات الثقافية والدبلوماسية والإعلامية، ويلعب الملحقون الثقافيون في السفارات الإيرانية، تحت إشراف وزارة الإرشاد الإسلامي، دورًا بارزا في هذا الإطار، مثل إنشاء مراكز ثقافية شيعية والهلال الأحمر الإيراني وجامعة المصطفى الدولية التي تقوم بتسهيل جهود التجنيد وجمع المعلومات الاستخبارية لصالح فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني، ودعم عدد من الجماعات الانفصالية المسلحة في بوركينا فاسو وإفريقيا الوسطى.

هذا إضافة إلى رعاية زيارات أئمة الشيعة الإيرانيين للتأطير في البلدان المستهدفة كغطاء للنشاطات السرية التي تخدم الأجندة الإيرانية، وتجنيد مرشحين للتدريب بإيران تحت إشراف الحرس الثوري الإيراني . لدعم إيران، وباستخدام وكلاء محليين في المنطقة مثل: حزب الله، و”المجمع العالمي لأهل البيت” السنيغالي الذي يضم نصف مليون شيعي، والحركة الإسلامية النيجيرية التي تأسست على يد الشيخ إبراهيم يعقوب زكزاكي، وتعرف بـ”حزب الله النيجيري”، في أوائل الثمانينيات في أعقاب الثورة الإسلامية في إيران عام 1979. وخضع كوادرها لتدريب عسكري وديني بإيران. لينتقل تدريبها أيديولوجيا وعسكريا لحزب الله.

فضلا عن تمكينها من استيراد مجموعة من المواد الضرورية لاقتصادها، وحفاظها على علاقات دبلوماسية ثنائية مع دول الساحل. وحرصها على تعزيز علاقاتها معها لتكون أسواقًا للمنتجات الإيرانية، وخاصة النفط الإيراني الخاضع للعقوبات العالمية. كتنفيذها لمشاريع مشتركة، في دول الساحل، للمرافق التي تعمل على تكرير النفط الإيراني. وكاستثمارها في المؤسسات السياحية ومراكز الطاقة الحيوية، والمواقع العسكرية؛ بهدف الحصول على مصادر الطاقة والمواد الأولية للصناعة كالذهب واليورانيوم.

إن هدف إيران هو توسيع نفوذها ليشمل المزيد من البلدان في أفريقيا. باستخدام العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية لتمرير أجنداتها، باستراتيجية تعتمد على: البعد اللوجستيكي، والتقني والإيديولوجي.

وتعتبر إيران أن وجود الغرب في منطقة الساحل هو استمرار لإرث السياسات “الاستعمارية”. لخلق حالة من عدم الاستقرار. والتدخل في الشؤون الداخلية لدول مثل مالي؛ بهدف مد نفوذها إلى المزيد من البلدان في أفريقيا. وتعزيز وجودها، من خلال حزب الله وغيره من الأذرع المؤثرة، في بعض بلدان الساحل وغرب أفريقيا. مستغلة الاضطرابات والأوضاع الأمنية الهشة، تغذيه محاولات إيران بسط نفوذها الاقتصادي والسياسي على منطقة غرب إفريقيا من مدخل نشر المذهب الشيعي، مقابل تصدي المملكة المغربية لهذه الاختراقات الإيرانية المتنامية في هذه المنطقة وحماية النموذج السني الصوفي الذي تدافع على بقائه منذ قرون.

وفي هذا الإطار قال جيروم بينييه الرئيس المؤسس لشبكة التفكير الاستراتيجي حول الأمن في الساحل إن “إيران تستغل الوضع الراهن لتطوير استراتيجيات جديدة للتأثير وترسيخ أقدامها في مالي، وبشكل أوسع في منطقة الساحل”. مضيفا أن “التدخل الإيراني يبرهن أن العديد من الأوراق يتم لعبها حاليا مع بروز فاعلين جدد في المنطقة”.

ويأتي هذا الدور الإيراني مع التموضع الروسي في أجزاء من أفريقيا تحت ستار فاغنر لإجراء العمليات ودعم الحكومات التي ترفض تواجد المستعمر السابق فرنسا، لما تعرفه بلدانها من تهديد متزايد بعدم الاستقرار والتطرف في جميع أنحاء منطقة الساحل. بالرغم من الفراغ في السلطة والأمن الذي خلفته القوات الفرنسية المنسحبة.

في حين تواصل روسيا ومجموعتها شبه العسكرية فاغنر ملء الفجوات التي خلفها هذا الانسحاب تدريجياً. كمزود أمني لهذه الدول لتوسيع نفوذها. وبتسهيل الجزائر إنشاء قواعد عسكرية روسية في الصحراء، وجعل موانئها وسفنها متاحة لروسيا، بعد أن فتحت الحكومة الجزائرية مجالها لمجموعة فاغنر الروسية بدخول منطقة الساحل.

وتكثيف التعاون الجزائري والإيراني والروسي لتحقيق السيطرة على منطقة الساحل. في تناغم مع الشراكة الروسية-الإيرانية في ملء الفراغات على غرار سوريا؛ كنقل روسيا لبعض أصولها وقواتها إلى خارج سوريا كما وقع في الحرب الروسية-الأوكرانية، فإن الميليشيات المدعومة من إيران كانت مستعدة للتدخل لسد الثغرة. وهو ما يتم نسخه في منطقة الساحل. وجعل مالي أحد معابر إيران في المنطقة. لتصبح مركزًا لـ”أذرعها الجهادية”، تحت غطاء العمل مع حكومات بلدانها لتقويض السلم والأمن في المنطقة.

تابع آخبار تليكسبريس على akhbar