المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي يوصي بوضع حد لتزويج القاصرات

أوصى المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، بالإسراع بوضع حد لتزويج القاصرات بمختلف أشكاله؛ والذي يُلحق الضرر أساسا بالفتيات بوصفهن نساء المستقبل، وذلك عبر اعتماد استراتيجية شاملة، تهم بالأساس نسخ المواد التي تفتح الباب أمام الاستثناء في تطبيق قاعدة سن أهلية الزواج في مدونة الأسرة.

وسجل المجلس في رأي له حول موضوع “زواج الطفلات وتأثيراته الضارة على وضعهن الاقتصادي والاجتماعي” أن الإحصائيات الرسمية تشير إلى أنه ومنذ المصادقة على مدونة الأسرة سنة 2004، شهد عدد حالات تزويج الأطفال منحى تصاعديا سواء على مستوى أعداد زيجات القاصرات الموثقة أو نسبتها من إجمالي عقود الزواج المبرمجة كل سنة.

وأبرز المجلس، في الرأي الذي أعده بناء على إحالة من رئيس مجلس النواب حول الموضوع، أن ارتفاع حالات تزويج الأطفال بلغ ذروته سنة 2011، التي سجلت 39 ألفا و31 عقد زواج يتعلق بقاصر؛ بما يناهز 12 في المائة من مجموع عقود الزواج برسم نفس السنة، لتشهد أعداد هذه الزيجات، بعد ذلك، تراجعا تدريجيا لتصل إلى 12 ألف و940 عقد زواج سنة 2022.

وإلى جانب تأثيره المباشر على القاصرين، أشار الرأي، إلى التأثير السلبي للزواج المبكر على التنمية الاقتصادية والاجتماعية للمجتمعات، حيث أنه قد يؤدي إلى استمرار التوريث الجيلي للفقر والتفاوتات بين الجنسين؛ لذلك فإن الانعكاسات الاجتماعية والاقتصادية لزواج القاصر واسعة النطاق وتتجاوز الأفراد المتأثرين بها بشكل مباشر، لتؤثر على المجتمع برمته.

وأفاد المصدر ذاته بأن أغلب الفتيات اللاتي يتم تزويجهن تنحدرن من وسط فقير ويعشن في العالم القروي ولديهن مستوى تعليمي ضعيف أو ضعيف جدا، وتضم جهة مراكش-آسفي أكبر عدد من الفتيات المزوّجات بنسبة 18,5 في المائة، متبوعة بجهة الدار البيضاء-سطات بـ17,5 في المائة، والرباط-سلا-القنيطرة بـ13,1 في المائة، وفاس مكناس بـ11,9 في المائة، وبني ملال -خنيفرة بـ11,3 في المائة.

ودعا المجلس إلى ملاءمة أحكام مدونة الأسرة مع الدستور واتفاقيات القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة والاتفاقيات الدولية لحقوق الطفل، مما يعني الأخذ في الاعتبار “مصالح الطفل الفضلى”.

وأشار إلى ضرورة المنع الصريح في مدونة الأسرة لجميع أشكال التمييز ضد الأطفال، انسجاما مع الفصل 32 من الدستور، ونسخ المواد 20 و21 و22 من مدونة الأسرة التي تفتح الباب أمام الاستثناء في تطبيق قاعدة سن أهلية الزواج.

وتنص المادة 20 من مدونة الأسرة أنه “لقاضي الأسرة المكلف بالزواج أن يأذن بزواج الفتى والفتاة دون سن الأهلية… بمقرر معلل يبين فيه المصلحة والأسباب المبررة لذلك، بعد الاستماع لأبوي القاصر أو نائبه الشرعي والاستعانة بخبرة طبية أو إجراء بحث اجتماعي” وتشير المادة ذاتها إلى أن “مقرر الاستجابة لطلب الإذن بزواج القاصر غير قابل لأي طعن”.

وتشير المادة 21 من المدونة على أن “زواج القاصر متوقف على موفقة نائبه الشرعي، وتتم موافقة النائب الشرعي بتوقيعه مع القاصر على طلب الإذن بالزواج وحضوره إبرام العقد. وإذا امتنع النائب الرعي للقاصر عن الموافقة بت قاضي الأسرة المكلف بالزواج في الموضوع”.

وتنص المادة 22 من على أنه ” يكتسب المتزوجان الأهلية المدنية في ممارسة حق التقاضي في كل ما يتعلق بآثار عقد الزواج من حقوق والتزامات”، و”يمكن للمحكمة بطلب من أحد الزوجين أو نائبه الشرعي، أن تحدد التكاليف المالية للزوج المعني وطريقة أدائها.

وأوصى المجلس بتخصيص مقتضى قانوني في مدونة الأسرة متعلق بمبدأ “مصلحة الطفل الفضلى” مع تعريف هذا المبدأ وتحديد كيفيات تطبيقه، وفقا لتوجيهات لجنة حقوق الطفل، والتضمين الصريح، في مدونة الأسرة، للبصمة الجينية (ADN) كعنصر علمي من عناصر إثبات الأبوة، التي يتعين على القاضي الاستعانة بها لإثبات النسب الأبوي في حالة عدم إقرار الأب.

ودعا المجلس في الرأي ذاته إلى محاربة الممارسات الضارة بالأطفال، من خلال التنفيذ المستدام والمندمج لمختلف السياسات والإجراءات العمومية على الصعيد الوطني والترابي، لا سيما عبر تعزيز أنظمة الحماية والمساعدة الاجتماعية، من خلال تقديم الدعم المادي للأسر الفقيرة التي تضم فتيات في سن التمدرس ولتفادي تزويجهن لأسباب اجتماعية.

وتضمنت توصيات المجلس إدراج تزويج الطفلات عبر عقود “الكونطرا” ضمن مشملات القانون رقم 27.14 المتعلق بمكافحة الاتجار بالبشر، التي ينبغي تجريمها ومكافحتها، وتشجيع النقاش العمومي وتطوير الفكر الجماعي المتعلق بمجموعة من القضايا المتعلقة بالزواج، والسلامة الجسدية، وحول الإجهاض والاغتصاب، والاعتداء الجنسي والاغتصاب الزوجي.

وخلص المجلس في رأيه إلى ضرورة تتبع وتقييم التقدم المحرز في مجال القضاء على تزويج الطفلات، عبر وضع نظام معلوماتي مندمج يرتكز على مجموعة من المؤشرات، في انسجام مع حقوق الطفل ومصلحته الفضلى وأهداف التنمية المستدامة، وعلى المعطيات المتعلقة بالحالات المحتملة لزواج وطلاق الطفلات، ودعاوي ثبوت الزوجية ذات الصلة دون السن القانوني، وحالات الزوجات القاصرات المهجورات، والعنف الزوجي الأسري ضد الزوجات القاصرات.

وأوصى ببلورة تقرير سنوي، تقدمه السلطات الحكومية المكلفة بالطفولة أمام اللجان المعنية بمجلسي البرلمان، حول تطوير وتيرة تزويج الطفلات والتدابير المتخذة في إطار السياسات العمومية ذات الصلة للحد من أسباب اللجوء إلى هذه الممارسة.

تابع آخبار تليكسبريس على akhbar