سانشيز يزور الرباط في ظل تحولات جيوسياسية بات فيها المغرب رقما صعبا

من المرتقب أن يحل بيدرو سانشيز، رئيس الحكومة الإسبانية، اليوم بالرباط في زيارة رسمية تقوده إلى المغرب، وهي الأولى بعد فوزه بولاية ثانية على رأس الحكومة الاسبانية، وسيرافقه في هذه الرحلة الهامة، وزير الشؤون الخارجية، خوسيه مانويل ألباريس.

وتأتي زيارة رئيس الحكومة الاسبانية، بيدرو سانشيز الى المغرب، أياما فقط بعدما سبق له أن زار موريتانيا، في 8 فبراير الجاري، مخالفا بذلك الأعراف السائدة لدى رؤساء الحكومات الإسبان، الذين دأبوا على زيارة المغرب كأول بلد خارجي مباشرة بعد توليهم منصبهم، لكن سانشيز لم يزر موريتانيا بمفرده بل كان مرفوقا برئيسة المفوضية الأوربية أورسولا فون ديرلاين وتم استقبالهما من طرف الرئيس الموريتاني.

ويرى متتبعون للشأن المغربي الاسباني، أن زيارة سانشيز الى المغرب اليوم الأربعاء 21 فبراير 2024، تأتي في توقيت دقيق في ظل العلاقات المتنامية والقوية بين مدريد والرباط، بعد توقيع خارطة الطريق بين المملكتين في ابريل 2021 بالرباط، عقب الموقف التاريخي لاسبانيا من ملف الصحراء المغربية، حيث اعتبرت مدريد أن مبادرة الحكم الذاتي أساس لإيجاد حل نهائي وذات مصداقية.

كما تأتي زيارة سانشيز، الذي سيكون مرفوقا بوزير خارجيته خوسي مانويل ألباريس، بعد أيام فقط بعد تعليق زيارة ألباريس إلى الجزائر، التي كانت تمني النفس أن تراجع اسبانيا موقفها من قضية الصحراء المغربية، لكن نظام العسكر مني بخيبة أمل كبيرة وألغيت زيارة ألباريس للعاصمة الجزائر.

وتأتي الزيارة أيضا في إطار تأكيد المملكتين على المضي قدما في تعزيز شراكتهما النموذجية في المنطقة، بعد التوقيع على خارطة طريق بين مدريد والرباط خلال زيارة سانشيز السابقة في 2021، بدعوى كريمة من جلالة الملك محمد السادس واستقباله بالقصر الملكي بالرباط.

ولعل توقيت زيارة سانشيز الى المغرب تحمل العديد من الدلالات، خاصة وان اسبانيا باتت تحتل موقعا الصدارة من حيث عدد الشركات المستثمرة بالمغرب، دون أن ننسى أن اسبانيا التي ترأس مجلس الاتحاد الأوربي تسعى إلى الإبقاء على الشراكة مع المغرب في القطاع الفلاحي والصيد البحري.

زيارة سانشيز إلى الرباط، تأتي أيضا أياما فقط قبل الإعلان عن القرار النهائي من طرف محكمة العدل الأوربية حول الطعن المقدم ضد اتفاقية الصيد البحري بين الاتحاد الأوربي والمغرب، ومعروف أن اسبانيا تدافع عن هذه الشراكة منذ فترة طويلة.

زيارة رئيس الحكومة الاسبانية لا تخلو من قراءات أخرى، ومن الرسائل إلى دول أخرى وشركاء تقليديين للمغرب في أوروبا، خاصة فرنسا، بعد أن استطاع المغرب أن يغير من موقف مدريد من قضية الصحراء المغربية وربح موقفها لصالحه، حيث بدأت ملامح تغيير الموقف الفرنسي تلوح في الأفق، بعد التصريحات الأخيرة لوزير الخارجية الفرنسي حول اشتغاله على إعادة الدفء إلى العلاقات مع الرباط.

من جهة أخرى، بدأت سياسة المغرب الرامية إلى تنويع الشركاء في كسب العديد من نقط القوة، ويظهر تموقع المملكة المغربية كقوة إقليمية تتهافت على الشراكة معها الدول العظمى، لأن المغرب اعتمد منذ سنوات خارطة طريق جيوستراتيجية، مما أهله ليصبح ورقة صعبة في العلاقات الدولية، واستطاع أن يحافظ على مسافة الأمان من الحروب التي تعرفها العديد من بؤر التوتر في العالم، خاصة بين روسيا وأوكرانيا.

حافظ المغرب على استقلالية قراره السياسي في ما يتعلق بالنزاعات الدولية، بما يضمن مصالحه الإستراتيجية: الاقتصادية منها والتجارية، من خلال نهج عقلاني وبراغماتي وواقعي ومتوازن، جعله يحظى باحترام الجميع وبات الكل يخطب وده للتقرب منه.

تابع آخبار تليكسبريس على akhbar