أخطاء حماس قد تمهد لتشكيل صحوات فلسطينية في غزة

يبدو أن إسرائيل نجحت في التقرب من العشائر الفلسطينية مستثمرة حالة الغضب من مغامرة حركة حماس بالهجوم على إسرائيل في السابع من أكتوبر الماضي دون التحسب للرد العنيف منها.

ولم تخف حركة حماس انزعاجها من خطة إسرائيلية تهدف إلى تسليح مدنيين مرتبطين بعشائر فلسطينية لتولّي مهام أمنية في القطاع، في خطوة يمكن أن تمهد لتشكيل صحوات فلسطينية على شاكلة الصحوات التي تشكلت عام 2006 في العراق وبدعم أميركي لمواجهة تنظيم القاعدة.

وتجد العشائر أن التحالف مع إسرائيل يحمي مصالحها بدلا من التحالف مع حماس التي لا أحد يعرف بالضبط ماذا تريد من خلال هجوم غير محسوب العواقب أدى إلى خسائر بشرية ومادية فادحة للفلسطينيين قبل غيرهم، فضلا عن ارتباطه بأجندات خارجية.

وحذرت حماس، أمس الاثنين، الأفراد والعشائر من التعاون مع إسرائيل لتوفير الأمن لقوافل المساعدات. ونقل موقع المجد الأمني التابع للحركة عن “مصدر في أمن المقاومة” القول إن “قيادة المقاومة ستضرب بيد من حديد على من يعبث بالجبهة الداخلية في قطاع غزة ولن تسمح بفرض قواعد جديدة”.

وجاء التحذير بعد تقارير إعلامية إسرائيلية تفيد بأن إسرائيل تدرس تسليح بعض الأفراد أو العشائر في غزة لتوفير الحماية الأمنية لقوافل المساعدات إلى القطاع في إطار تخطيط أوسع لإدخال المساعدات الإنسانية بعد انتهاء القتال.

ونقل الموقع عن المصدر قوله إن “محاولة الاحتلال التواصل مع مخاتير وعشائر بعض العائلات للعمل داخل قطاع غزة تعتبر عملا مباشرا مع الاحتلال، وهي خيانة وطنية لن نسمح بها”. وتابع “سعي الاحتلال (الإسرائيلي) لاستحداث هيئات تدير غزة مؤامرة فاشلة لن تتحقق”.

ويعرف قادة حماس أنه من الصعب استعادة ثقة الفعاليات الشعبية والمجتمعية بعد الخسائر الفادحة في القطاع، وأن التوصل إلى اتفاق لانسحاب إسرائيلي لا يمكن أن يغطي على المعاناة التي عاشها مئات الآلاف من المدنيين نتيجة مغامرة بلا أهداف وطنية واضحة.

وإذا كانت حماس تستعرض قوتها من خلال هجوم السابع من أكتوبر وتريد الاعتراف الإقليمي أو الدولي بها كطرف مؤثر ميدانيا، فإن الآلاف من المدنيين لا مصلحة لهم في تهديم منازلهم وتشريدهم في مناح مختلفة من القطاع، ووضعهم على حافة المجاعة.

ويهدف التلويح بالانتقام من أي جهة تتعاون مع إسرائيل إلى تخويف الفلسطينيين من أن حماس لم تنته، وأنها قادرة على تكرار ما قامت به في 2007 ضد السلطة الفلسطينية وحركة فتح وكل من يقف ضدها.

ويعتقد متابعون للشأن الفلسطيني أن تلويح حماس بالانتقام يخفي حالة الخوف من خروج الوضع عن السيطرة في القطاع واجتراء الجميع عليها لا سياسيّا فقط وإنما عسكريّا أيضا، ما يجعل الصحوات ملجأ لكل الغاضبين على الحركة حتى وإن كانت وراءها إسرائيل.

ونتيجةً لحالة الإنهاك المتزايد التي تنتاب النظام المدني في قطاع غزة الذي تديره حماس ورفْض الشرطة توفير الأمن للقوافل بسبب احتمال استهداف القوات الإسرائيلية لها، أصبحت مسألة التوزيع الآمن للمساعدات الغذائية وغيرها من الإمدادات، التي هناك حاجة ماسة لها، مشكلة كبرى.

وتوجد في غزة الكثير من العشائر الكبيرة المرتبطة بفصائل سياسية، بما في ذلك حماس وفتح. ويُعتقد أن بعض هذه العشائر مسلحة بشكل جيد وليس هناك ما يشير إلى أنها ستدرس العمل مع إسرائيل.

وقالت صحيفة “إسرائيل هيوم” الجمعة “إن مسؤولين إسرائيليين يناقشون مسألة تسليح بعض المدنيين في قطاع غزة لتوفير الحماية الأمنية لقوافل المساعدات المتجهة إلى القطاع المحاصر في إطار تخطيط أوسع نطاقا للإمدادات الإنسانية بعد انتهاء القتال”.

وأضافت الصحيفة أن “المدنيين لن يكونوا على صلة بجماعات مسلحة، بما في ذلك حماس، لكن لم تتضح هويتهم بعد”. وذكرت أن “رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أرجأ اتخاذ قرار بشأن هذه القضية”.

ودفعت أخبار تشكيل الصحوات حماس إلى التهديد من جهة وتحريك جهات عشائرية للنأي بنفسها عن الخطوة على أمل قطع الطريق أمامها.

وقال تجمع القبائل والعشائر والعائلات الفلسطينية الأحد إن القبائل ليست “بديلا عن أي نظام سياسي فلسطيني” بل هي مكون من المكونات الوطنية و”داعم للمقاومة ولحماية الجبهة الداخلية” في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي.

وأكد على “حُرمة التعاطي مع العدو الصهيوني في إعادة تدوير نظام روابط القرى، أو إنشاء صحوات عشائرية تخدم المحتل الغاصب، وإن كل من يشارك في ذلك يعامل معاملة الاحتلال الصهيوني”.

وروابط القُرى هي تشكيلاتٌ إدارية أَنشأتها إسرائيل عام 1978، وحاولت من خلالها خلق قيادة فلسطينية بديلة عن منظمة التحرير الفلسطينية كي تكون قادرة على المشاركة في مفاوضات الحكم الذاتي وتنفيذ خُطة الإدارة المدنية الإسرائيلية، لكن إسرائيل لم تنجح في خطتها آنذاك.

عن موقع جريدة “العرب” بتصرف

تابع آخبار تليكسبريس على akhbar