دولة قمعستان.. الترحيل القسري للصحافي فريد عليلات يفاقم أزمة الحريات في الجزائر

لا يزال قرار ترحيل الصحافي العامل في مجلة “جون أفريك” الفرنسية، فريد عليلات، من مطار الجزائر وعدم السماح له بدخول التراب الوطني، رغم أنه لا يحمل إلا جنسية وحيدة وليس في حوزته إلا بطاقة إقامة في فرنسا، يثير الجدل حول وضع الحريات المأزوم في البلاد، خاصة وأن القرار يتنافى مع التشريع الدستوري، ويأتي في خضم الاستعداد لغمار الانتخابات الرئاسية الذي يتطلب مناخا يتوفر على حد أدنى من الانفتاح والحريات.

وعلق وزير الاتصال الجزائري محمد لعقاب، في أول موقف رسمي على قضية طرد الصحافي فريد عليلات من مطار الجزائر الدولي، وإعادته إلى الوجهة التي قدم منها بعدما كان ينوي زيارة عائلته، بالقول “فريد عليلات مرحب به في الجزائر كمواطن جزائري، غير أن المجلة التي يعمل فيها غير مرحب بها وفي حالة تغير موقفها فمرحبا بها”.

وشدد في تصريح أدلى به لوسائل إعلام أثناء زيارة مدينة وهران على أن الجزائر “لم ولن تطرد أي أحد من أولادها، ففي الوقت الذي لم تكن الدول تستطيع إعادة أبنائها خلال الجائحة الصحية، قامت الجزائر بمجهودات جبارة لإعادة كافة أبنائها من مختلف بقاع العالم ونقلت جاليات عربية أخرى مجانا”.

وأضاف “سلطة عمومية بهذا الشكل لا تتخلى أبدا عن أبنائها والقضية لا تتعلق به كمواطن جزائري، بل تتعلق بمجلة ‘جون أفريك’ التي يشتغل فيها والتي اتخذت مواقف تحريرية غير ودية من الجزائر، فتارة تنشر أخبارا غير صحيحة وتارة أخرى (تنشر أخبارا) مبالغا فيها ولا تتحدث أبدا عما هو إيجابي فيها (في البلاد)”.

وتابع “فريد عليلات مواطن جزائري غير أنه في نفس الوقت صحافي في مجلة غير مرحب بها، وعندما تستغل هذه الوسيلة الإعلامية جنسيته الجزائرية وتدخل بطرق ملتوية للقيام بأعمال صحفية فهذا غير مقبول.. صحيح الفصل بين الإثنين صعب، فهو كجزائري مرحب به أما أن يقوم بأعمال صحفية لوسيلته الإعلامية التي اختارت أن تتخذ مواقف غير ودية تجاه الجزائر فهو غير مسموح”.

ولا يزال الطرد المثير للصحافي المذكور من مطار الجزائر العاصمة إلى باريس يثير ردود فعل مستنكرة ومنددة، وتم تداوله على نطاق واسع في الإعلام العالمي، ومن طرف المنظمات والهيئات المهنية والحقوقية، التي أعادت طرح ملف الحقوق والحريات السياسية والإعلامية في الجزائر.

وأدانت منظمة “صمود” الدولية قرار السلطات الجزائرية إعادة الصحافي الجزائري إلى الوجهة التي قدم منها، ومنعه من دخول بلاده، وقالت “إن الإعادة القسرية للرجل لدى وصوله إلى مطار الجزائر العاصمة هي انتهاك خطير آخر بشكل خاص”.

وشددت على “الطبيعة التعسفية والقمعية لهذا الإجراء الذي ليس له سوى هدف واحد، وهو إدامة مناخ الرعب الذي أغرقت فيه الحكومة البلاد بأكملها، ولذلك فإن قضية فريد عليلات تظهر هشاشة الحريات الفردية في الجزائر والحاجة الملحة إلى حماية حقوق الصحافيين”.

وأدانت أيضا منظمة “مراسلون بلا حدود” طرد فريد عليلات دون مبرر، وقالت في منشور لها “تمت إعادة الصحافي الجزائري المقيم في فرنسا ويعمل في مجلة ‘جون أفريك’ من الجزائر العاصمة إلى باريس بعد 13 ساعة من الانتظار. عقبة غير مقبولة أمام حرية الصحافة”.

وكان الإعلامي المقيم في فرنسا منذ عام 2014، والمعروف بخطه الناقد للسلطة، قد كتب في منشور له “سأخبركم كيف تم طردي من الجزائر، من بلدي، بعد عشر ساعات من هبوطي في مطار الجزائر العاصمة”. وسرد فيه تفاصيل التوقيف والاستنطاق من طرف ضباط الأمن طيلة 13 ساعة، قبل أن تتقرر إعادته إلى الوجهة التي جاء منها واصطحابه إلى غاية باب طائرة الخطوط الجوية الفرنسية في رحلتها من الجزائر إلى باريس.

وأكد في منشوره أنه “لا يملك أية جنسية أخرى غير الجنسية الجزائرية، ولا يحوز في فرنسا إلا على بطاقة إقامة، وأنه يشتغل في مجلة ‘جون أفريك’ منذ عام 2004، وقد سبق له القيام بمهام صحفية في الجزائر لفائدة المجلة، كما أنه زار بلاده خلال العام الماضي ثلاث مرات، ولم يعترض طريقه أي شيء”.

ولفت إلى أنه ذكّر رجال الأمن بأن القرار لا يستند إلى مبرر قانوني، في ظل غياب أمر قضائي يطلب توقيفه أو طرده، كما أن دستور البلاد يكفل لكل المواطنين حرية التنقل والإقامة إن لم يكن هناك مانع قضائي.

وفي موقف معزول في ظل الصمت الذي التزمته القوى السياسية والتنظيمات الصحفية، أدان حزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية المعارض “بشدة الحظر التعسفي”.

وذكر “التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية يدين هذه الممارسات التي هي من عصر آخر، ويكرر مطالبته باحترام الحرية السياسية والتعبير، وأنه يتضامن مع الصحافي فريد عليلات، وكل أولئك الذين يواصلون النضال من أجل جزائر حرة وديمقراطية”.

وفي حسابه الشخصي على منصة إكس كتب الوزير والدبلوماسي السابق عبدالعزيز رحابي “لا يجوز حرمان أي شخص تعسفا من حق الدخول إلى بلده. الإجراء المتخذ بحق الصحافي فريد عليلات هو ممارسة من عصر آخر ويعطي الجزائر صورة لا تخدم الشعب ولا الحكام”.

عن موقع جريدة “العرب” بتصرف

تابع آخبار تليكسبريس على akhbar