قضية “قميص” نهضة بركان..الحقائق الخفية وراء الغطرسة الجزائرية

عاد فريق “نهضة بركان” منتصرا ليلة أمس، ليس فقط على غريمه “اتحاد العاصمة الجزائري” بحكم لوائح الكاف، وإنما على نظام عسكري جاهل يحكم شعبا من أربعين مليون نسمة بالحديد والنار، والقمع والاضطهاد، واستنزاف خيراته، بعدما أراد أن يحول لعبة كروية إلى ساحة حرب سياسية عنوانها “الخريطة المغربية المقدسة”.

وحاول نظام “قبعات المطافئ” كسب بعض النقاط الشعبوية، بينما خانته الحسابات الدبلوماسية فسقط في فخ المحظور، معترفا بالقول والفعل البينين بما ظل ينكره لأزيد من أربعة عقود من الزمن، فهل تستحق عيون بن بطوش كل هذه التضحية والمغامرة من قبل عسكر شنقريحة؟ المتمرسون وذوو التجربة والحنكة السياسية لهم تفسير آخر في منع خريطة المملكة المغربية من قبل السلطات الجزائرية، غاب عن ذهن العديد.

الحقيقة الأولى: فإذا كانت الجزائر تنفي نفيا باتا وقاطعا أنها طرف في النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية، وعلى هذا الأساس ترفض دعوات الأمم المتحدة للجلوس إلى جانب المغرب لبحث سبل إنهائه، فقد أظهر النظام العسكري للعالم أجمع، من خلال واقعة قميص نهضة بركان، أنها منغمسة في هذا النزاع لدرجة باتت تعتبر قضية الصحراء المغربية تهم السيادة الوطنية للجزائر، وهو ما جاء على لسان العديد من المسؤولين، بما يفيد أن للجزائر أطماعا مباشرة وتاريخية في الصحراء، وهو ما يعتبر تدخلا سافرا في الوحدة الترابية لدولة جارة، ويؤكد عدم حيادية الموقف الجزائري من النزاع المفتعل.

وهذا الفعل الأخرق لم يقم به حتى الهواري بومدين نفسه، صاحب المقولة الشهيرة : “حكرونا المراركة” ومؤسس نظرية العداء لبلد آواه حيث كان مضطهدا، وكساه حيث كان عاريا، وألهمه حيث كان جاهلا.

الحقيقة الثانية: هي اختفاء ما يسمى بجبهة البوليساريو خلال أزمة القميص هاته وكأنها غير معنية البتة بما يحدث حولها، فلم تسجل منذ اندلاع مشكل منع الفريق المغربي، أي موقف أو تحرك، ولو حتى صوت مغمور لأي مسؤول من مرتزقة البوليساريو يدلي بدلوه، في الضجة التي كتبت عنها كبريات الصحف والقنوات الإعلامية العالمية، وهي سابقة في هذا الشأن، مما يعني حقيقة واحدة ساطعة كالشمس، مفادها أن الجزائر هي البوليساريو، والبوليساريو هي الجزائر.

الحقيقة الثالثة: ولم تتوقف تداعيات ما تسبب به النظام العسكري في الجزائر لدبلوماسيته عند ذلك الحد، بل تسبب من خلال هذه الواقعة في اعتراف “الكاف” بخريطة المغرب كاملة، بما فيها أقاليمنا الجنوبية، وعندما نقول “الكاف”، فإننا نتحدث عن الكونفدرالية الإفريقية لكرة القدم المنبثقة عن الاتحاد الإفريقي، وهذا انتصار كبير لقضيتنا الوطنية في ظل العصيان الجزائري والجنوب إفريقي.

الحقيقة الرابعة: هي أن الجزائر كانت دائما مع تقرير المصير، إذن محايدة وعليها أن لا تتبنى لا موقف المغرب، ولا موقف البوليساريو، وهذا هو المنطق الذي على أي نظام عاقل أن يسير عليه! فلماذا تستبق تقرير المصير بفرض خيار التجزيء لصالح طرف تحميه دون آخر، وتفرض كيانا شبح؟ لذلك، فإن الجزائر سجلت اليوم بمداد رسمي أمام العالم أنها هي الطرف الأساسي في النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية، وبالتالي فإن الأمم المتحدة مطالبة بقوة القانون أن تضمن هذه “الأفعال العدائية ” في تقرير الأمين العام وتفرض عليها الجلوس مع المملكة المغربية وليس أي طرف آخر.

وإذا افترضنا أن الجزائر قبلت بأن تصبح طرفا في النزاع، فالمملكة المغربية لديها مستجد دولي جديد فرض نفسه بإعلان تأسيس دولة مستقلة داخل التراب الجزائري، وعلى المغرب أن يشمل هذا المعطى بكامل الاهتمام، لاسيما وأننا نعي جيدا الوضع المقلق الذي تعيشه القيادة الهرمة للنظام الجزائري، في ظل الصراع حول الحكم والتحكم سيما وأفق الانتخابات الرئاسية مظلم للغاية، وكلما اقتربت ساعة الحسم ( الانتخابات الرئاسية) زادت حدة التهور.

تابع آخبار تليكسبريس على akhbar