الاختباء وراء خريطة المغرب يعكس عقدة الجزائر من سيادتها “المفتضّة”

“الجزائر هي البوليساريو”، هذا ليس تعبيرا مجازيا للتدليل على كون النظام العسكري في الجارة الشرقية، هو الطرف الرئيسي في الصراع المفتعل حول الصحراء المغربية، وإنما هو في الواقع واعتراف صريح من أبواق العسكر، ومسؤوليه بالحقيقة التي لطالما قالها المغرب، وأنكرتها الجزائر، وذلك بعد أن عللوا رفض فريق اتحاد العاصمة الجزائري خوض ذهاب وإياب نصف نهائي الكونفدرالية الإفريقية لكرة القدم، في مواجهة نهضة بركان بسبب المساس بالسيادة الجزائرية المزعومة، معتبرين أن قميص المغرب الذي يحمل خريطة المملكة يمس بالسيادة الجزائرية، ليتضح أن عقدة الجزائر اتجاه المغرب تكمن في سيادتها الضائعة، والتي تعتبرها مفتضّة بسبب الوجود المغربي، فما قصة هذه السيادة الجزائرية التي تثير سعار الكابرانات.

في حين أن الجزائر تحمل على أوراقها اسم دولة مستقلة منذ حصولها استفتاء تقرير المصير الذي صوت عليه الجزائريون، لتكون دولتهم متعاونة مع فرنسا، إلا أن هناك جوانب من الواقع القانوني والسياسي تكشف عن وجود قيود تجعل من بلاد العسكر لا تزال “مقاطعة ” تابعة لفرنسا في العديد من الجوانب، مما يطرح تساؤلات حول مدى حقيقة سيادتها الكاملة.

وتعود هذه القيود إلى اتفاقية إيفيان التي وقعت بين الجزائر وفرنسا عام 1962، والتي أُقرت فيها بقاء العقارات التي شيدها الاحتلال الفرنسي في الجزائر في ملكية الدولة الفرنسية، ما يعني أن الجزائر، حتى الآن، لا تمتلك سيادة كاملة على هذه العقارات، ولا يمكنها إجراء أي تعديل عليها دون إذن من السلطات الفرنسية.

وليس هذا فقط، بل تمتد هذه القيود أيضا لتشمل المؤسسات الحكومية الجزائرية، حيث تبقى بناياتها خاضعة للقانون الفرنسي، وعلى سبيل المثال، مبنى وزارة الدفاع الجزائرية الذي لا يزال يخضع لقوانين فرنسية، فيما يتعلق بالملكية والتعديلات، حيث إن شنقريحة لا يمكنه إضافة “طوبة” واحدة إلى المبنى بدون ترخيص من السلطات الفرنسية، في تجلي واضح لأكثر تمظهرات فقدان السيادة التي تعيشه الجزائر.
هذا الترتيب القانوني يجعل الجزائر تبدو كيانا محدود السيادة، حيث تحتاج إلى موافقة فرنسية للقيام بأي تغيير على هذه العقارات والمؤسسات الحكومية، مما يثير تساؤلات حول درجة استقلاليتها الفعلية، خاصة في مجالات تحكيم القوانين وإدارة الأملاك العامة.

ومن الأمور المثيرة للاهتمام أيضا، أن فرنسا ما زالت تستخلص ضريبة من عائدات النشيد الوطني الجزائري، وذلك لأنه تم إنشاؤه أثناء الاحتلال الفرنسي. وفي الوقت الذي تتوقف فيه الجزائر عن دفع هذه الضريبة، يمكن لفرنسا بسهولة منع استخدام النشيد الوطني الجزائري، مما يبرز مدى تبعيتها الواضحة للقوانين والممارسات الفرنسية.

بهذه الحقائق، يظهر أن الجزائر، على الرغم من استقلالها الشكلي، تواجه تحديات حقيقية في تحقيق سيادتها الكاملة، وفي إثبات وجودها ككيان سياسي مستقل في المنطقة، وللتغطية على هذا الوضع المخزي، تحاول عبثا تصدير هذه الأزمة إلى المغرب، واعتبار أن خريطة المغرب بالشكل الحالي تمس بالسيادة الجزائرية، لكنها بهذا الغباء تعترف بكونها الطرف الرئيسي في النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية، وبذلك تكون قد قدمت ورقة مهمة للمغرب ليصفع بها ممثلي العسكر في الأمم المتحدة.

تابع آخبار تليكسبريس على akhbar