“برنار لوغان” في مقابلة حصرية..الصحراء تاريخيا مغربية وعلى الجزائر أن تقول “تحيا فرنسا”

في لقاء حصري للكاتب والمؤلف الفرنسي البارز “بيرنار لوغان” مع قناة ميدي 1 تيفي، تم الكشف عن تفاصيل مثيرة حول تاريخ الصحراء المغربية، وذلك ضمن تقديمه لكتابه الجديد الذي يركز على فهم الجذور التاريخية للصحراء المغربية، مبديا إعجابه بالتاريخ المتميز للمنطقة وتأثيرها على الحاضر والمستقبل.

واستهل” لوغان” اللقاء بتسليط الضوء على تاريخ الصحراء المغربية منذ الإمبراطورية المرابطية، مشيرا إلى أهمية فهم هذه الفترة لتفهم تطور القضية عبر العصور، ليناقش بعد ذلك تأثير الاستعمار وما تبعه من تغيرات على المنطقة، وكيف أثر ذلك على الوحدة الترابية للمملكة.

وشدد الكاتب والمؤرخ الفرنسي على أهمية الجغرافيا في تحديد حدود الصحراء المغربية وسيادة المملكة عليها عبر العصور، عبر تقديمه تحليلا تاريخيا دقيقا يبرز تطور القضية والأسباب الحقيقة، بما في ذلك الدور الذي لعبته فرنسا في صناعة الجزائر التي لولا المقص الاستعماري لما خرجت إلى الوجود، وفي ما يلي نص الحوار كاملا :

لوغان يكشف حقائق تاريخية عن وجود الصحراء المغربية

قال لوغان في الحوار المذكور مع  قناة ميدي ان تيفي، “اذا أردتم، سأعقد مؤتمرات في جميع أنحاء العالم، وأدركت أن مسألة الصحراء المغربية هذه، هي مسألة غير معروفة إلا قليلاً في بقية العالم، لذلك أردت أن أرد بالحجج على عدد معين من الأسئلة.

 فهل الصحراء موجودة في شكل واقع جغرافي أم في شكل واقع سياسي؟ بمعنى آخر، أنا أبين أن الصحراء غير موجودة وأننا في واقع جغرافي أراد البعض تحويله إلى واقع سياسي.

كما أنني أوضح أن الشعب الصحراوي غير موجود، إنه خيال، لأن الصحراويين هم سكان الصحراء بأكملها، الصحراء الكبرى تبدأ من البحر الأحمر وتتجه إلى المحيط الأطلسي، مما يعني أننا إذا أردنا الحديث عن الصحراويين، “طوبوس” تشاد صحراويون، “الطوارق” صحراويون، سكان “توجورت” صحراويون، سكان “مرزوق” في ليبيا هم صحراويون. لا يوجد شعب صحراوي.

ومن جهة أخرى، يوجد في الأقاليم الجنوبية للمغرب سكان مغاربة، ينتمون إلى مجموعات كبيرة، سواء “التكنة” أو “الركيبات”، وهي مجموعات مرتبطة بالمغرب منذ أقدم التاريخ، حتى أنها تعود إلى المرابطين، وبل حتى قبل المرابطيين، إذ قبل المرابطين كان هناك الادارسة، لذلك نحن هناك في حبل يربط هذه الأقاليم من طنجة الى حدود موريتانيا حول واقع هو الدولة المغربية.

لقد تدربت كجغرافي ومؤرخ ورسام خرائط، لذلك أرسم خرائطي بشكل تقريبي ثم أعطيها لمصمم حتى يقوم بإنشائها، لكن البطاقات أنا من يصنعها، ويحتوي أطلس أفريقيا التاريخي على 120 خريطة، وأنا من رسمها، وما إلى ذلك.

إنه عمل مثير للاهتمام للغاية، وهو أحد إبداعات عملي لأنه اليوم اختفى التدريب على رسم الخرائط بين المؤرخين، وكثيرًا ما اختفى ذلك، لذلك يقوم المؤرخون بإنتاج بطاقات على أجهزة الكمبيوتر وهي بطاقات مسطحة، فهي ليست بطاقات حية، بطاقاتي سميكة وأعتقد أنها واضحة جدًا، فكانت تتحدث عن دليل على مغربية الصحراء.

اتفاقيات دولية شاهدة على مغربية الصحراء

قال لوغان، “في كتابي، أستشهد بالعشرات والعشرات  من الاتفاقيات الدولية، التي يعود تاريخ أقدمها إلى القرنين الخامس عشر والسادس عشر، والتي تظهر بوضوح أن هذه المنطقة بأكملها من جنوب المغرب،  ولذلك كانت الصحراء المغربية تحت سلطة سلاطين المغرب. أستشهد بالاتفاقيات الدولية، وأستشهد بالنصوص الإسبانية، وأستشهد بالنصوص الإنجليزية. في وقت مبكر من القرن السادس عشر،  أبرمت المستشاريات الأوروبية اتفاقيات مع السلطات المغربية لتحرير البحارة الغرقى على طول الساحل.

لدينا نصوص، ولا سيما اتفاقيات 1911 التي ستنسب لإسبانيا هذه الصحراء التي ستصبح الصحراء الاستعمارية الإسبانية، وأخيرا الصحراء المغربية. ولدينا نص مثير للاهتمام للغاية من السفير الفرنسي في مدريد يقول  لرئيس الوزراء، وهو إسباني،  انظر بعناية إلى مدى دقة فصلنا هذا الجزء من الصحراء المغربية لمنحها لإسبانيا، لأن إسبانيا اعتبرت نفسها غير راضية بعض الشيء عن تقاسم المحمية في المستقبل الذي كان سيتم القيام به. وفي التعويض  كان هناك هذا الاعتراف  بفصل هذا الجزء من الصحراء عن جنوب المغرب الذي سيصبح الصحراء الاستعمارية الاسبانية.

لنفترض أن هذه الخريطة لا تمثل  المغرب، بل تمثل  أقصى امتداد للمغرب في ذروة فتوحاته الإقليمية، نحن هنا في الوقت الذي يوجد فيه باشاليك تمبكتو. دعونا لا ننسى أنه في تمبكتو أقيمت الصلاة باسم سلطان المغرب في القرن الثامن عشر  وفي تمبكتو تم إنشاء نوع من المجموعة العرقية الجديدة التي نسميها الأرماس، وهم من نسل الغزاة المغاربة، والجنود المغاربة الذين استقروا هناك والذين حكموا تمبكتو حتى منتصف القرن التاسع عشر.”

المغرب إمبراطورية عمرت طويلا

يقول لوغان في الحوار نفسه : ” الخريطة تظهر بوضوح أن المغرب إمبراطورية عمرها ألف عام  وقد بترت هذه الإمبراطورية التي يبلغ عمرها ألف عام خلال الحقبة الاستعمارية. كان المغرب في أزمة في نهاية القرن التاسع عشر، وكان من سوء حظ المغرب أن يمر بأزمة في وقت كانت أوروبا تتوسع فيه. وهذا يعني أن المغرب سيتم استعماره، هناك نعم، سيتم تجريد المغرب مثل الخرشوف، ورقة بعد ورقة، وهذا المغرب الذي سيتم بتره سيكون  بالتأكيد إلى الجنوب من أقاليمه الصحراوية ولكن حتى إلى الشرق من كل عمقها من تيديكلت وكورارة وكولومبشار، كل هذه المناطق، تندوف التي كانت مناطق مغربية تاريخيا.

ومرة أخرى في كتابي  لدي فصل مخصص لهذا الأمر، أقول إن الصحراء ليست البتر الوحيد الذي يعاني منه المغرب، فهي في سياق البتر العام الذي تعاني منه الأقاليم الجنوبية لقد انفصلوا عن المغرب. وأنا أستشهد بالتأكيد بالنصوص المغربية، والظهير، والتعيينات،  والمسؤولين الملكيين  الذين تم تعيينهم في كل هذه المناطق. وهنا مرة أخرى لا يمكن الحديث  عن هذه المناطق التي هي مناطق مغربية تاريخيا والتي كانت ملحقة بالجزائر.”

يقول برنار لوغان، “إننا أمام منطقين، منطق للقانون الدولي الأوروبي الذي يسلط الضوء على فكرة الحدود الموروثة من الاستعمار، وهو أمر قانوني تمامًا في حالة الولايات الجديدة. ومن الواضح تمامًا أنه في معظم أنحاء أفريقيا الدول الموجودة اليوم هي دول موجودة من الحدود التي رسمها المستعمرون، هذه نقطة. لكن في حالة المغرب، الأمر ليس كذلك، في الواقع، هناك دولتان في أفريقيا عانتا حقًا من عمليات بتر الأطراف الاستعمارية. هناك اثنان. هاتان الدولتان العريقتان، الإمبراطوريتان، إثيوبيا والمغرب.

إثيوبيا  ستعاني من فقدان واجهتها البحرية بالكامل وهي إريتريا. ولهذا السبب، في أعقاب الصراع العالمي الثاني، ستقبل الأمم المتحدة أن تستعيد إثيوبيا إريتريا. وعندها ستكون هناك حروب وستضطر إثيوبيا إلى المغادرة.

لكنه بتر استعماري. والآخر هو المغرب. لماذا ؟ لأن هناك إمبراطوريات عمرها ألفي عام في أفريقيا إثيوبيا والمغرب. وسيتم بتر هذه الإمبراطوريات التي يبلغ عمرها ألفي عام لصالح  الدول الجديدة التي أنشأها الاستعمار. إريتريا دولة جديدة أنشأها الاستعمار. كانت إريتريا الإيطالية.”

يضيف لوغان: ” في حالة المغرب، الجزائر هي التي ستحاول من خلال الصورة الزائفة  وضع”وهم الدولة الصحراوية” و فصل هذه الأقاليم عن المغرب تاريخيا  جنوبا. إذن نحن، إن شئت، في تصادم بين جانبين من القانون الدولي  لا يتم احترامهما، لأن الأمم المتحدة واضحة جدا. فكيف تريد التوليف بين دولة تدافع عن القوانين الموروثة من الحدود الاستعمارية ودولة تدافع عن قانون حدود ما قبل الاستعمار، لأنه كان موجودا من قبل الاستعمار؟ المغرب موجود، أقول ذلك دائمًا، إنها الصورة التي ألتقطها دائمًا، في  987، تم انتخاب أول ملك لفرنسا،  كان عمر الملكية المغربية بالفعل أكثر من قرن ونصف الوجود عند الأدارسة .”

لذلك نحن أمام مملكة ، إمبراطورية عمرها آلاف السنين، وسيتم استدعاء هذه الإمبراطورية التي يبلغ عمرها ألف عام  لقبول عمليات البتر باسم حق معاصر ولد من  بعد حرب 1940-1945 مع الأمم المتحدة. إذن، هناك حقًا، من وجهة نظر المؤرخ، أن هناك تناقضًا حقيقيًا بين مفهومين، بين الارتكاز التاريخي والإسقاط الأيديولوجي.

وبهذا القانون الدولي الذي لا يحترم، وهو قانون أوروبي أو أمريكي، القانون الدولي هو قانون استعماري جديد من القانون الدولي…

القانون الدولي مبني على مبادئ ولدت في أعقاب الحرب العالمية الثانية وعلى مفاهيم… ، سآخذ مثالا بسيطا جدا عن المغرب، كيف تريد؟ هل تعتقد أن أحد الحقوقيين الدوليين يفهم مفهوم البيعة؟  هذا مستحيل.

وهذا مستحيل لأننا في تعريفات مركزية أوروبية أو أمريكية مبنية على الفردية وعلى مفاهيم السيادة التي لا تقوم على الجماعة ولا على التراث التاريخي، لذلك ولا على الجانب الديني، إذًا هناك قانون دولي، ومحكمة دولية، وكل ذلك، وهو، إذا شئت، إسقاط استعماري جديد، وضعتها بين علامتي تنصيص حتى لا أصدم  أصدقائي الأعزاء، رفاقي الجالسين في هذه الهيئات، لقد جلست بنفسي على الشراكة عبر المحيط الهادئ بالأمس في الأمم المتحدة، لذا دعونا نستخدم علامات الاقتباس، ولكن هذا هو بالضبط ما أعنيه.”

ومن بين اللحظات الرئيسية التي يجب تذكرها أيضًا والتي تساعد على فهم تطور مسألة الصحراء هذه، هناك هذه الحلقة حيث تقترح فرنسا على المغرب إيجادها لاستعادة حقوقه بالأقاليم الجنوبية، كان ذلك عام 1961، رفض المغرب. لماذا ؟  سأقتبس جزءا من كتابكم الذي ينيرنا في هذا الأمر، وهذا مقتطف من كتاب المغفور له الملك الحسن الثاني سنة 1976 Le Défi، أي ما يقوله. حتى في عدة مناسبات، اقترحت فرنسا على المغرب التفاوض بشأن موضوع البتر الإقليمي  الذي قررته بدونه والذي كان ضحيته خلال الفترة الاستعمارية.

لكن في عام 1960، رد السلطان محمد الخامس في باريس بأوضح طريقة بأن أي مفاوضات ستجري مع الحكومة الفرنسية بشأن مطالبات وحقوق المغرب  ستكون غير مقبولة، تعتبر طعنة في ظهر أصدقائنا الجزائريين الذين يقاتلون، وأنا أفضل انتظار استقلال الجزائر لأسأل إخواني الجزائريين عن النزاع الحدودي، إنها لا تزال نقطة عصبية، ونقطة تحول، وهي قوية جدًا، لا نعرف هذه التفاصيل من القصة”.

على المغاربة قراءة كتاب التحدي للراحل الحسن الثاني

لذا، النقطة الأولى، أنه يجب على المغاربة جميعاً قراءة كتب التحدي لصاحب الجلالة الحسن الثاني لأن هذا الكتاب يشرح السياق بأكمله في ذلك الوقت. لقد كان بالكامل شاهدًا، وفاعلًا، وهذا أمر أساسي. إذا ماذا حصل؟ اتضح أن ديغول كان على علاقة جيدة مع المغرب.

كان ديغول على علاقة جيدة مع الملك محمد الخامس، ولم يعد السلطان، بل كان الملك محمد الخامس. دعونا لا ننسى أن محمد الخامس كان مسؤولاً عن التحرير، لذلك فهو قريب جدًا من الجنرال ديغول. وكان ديغول ينوي منح الاستقلال للجزائر وكان ديغول يدرك تماما عمليات بتر الأراضي  التي تعرض لها المغرب، لقد كان ديغول رجل ثقافة، رجلاً عرف التاريخ.

ولذلك يقترح ديغول على المغرب التفاوض على الطريقة، كما يقول ديغول، طالما أننا لا نزال الزعماء في الجزائر، فيمكننا  التصحيح بعض الأخطاء التي ارتكبها الاستعمار الفرنسي في ذلك الوقت. وكما يقول الملك الحسن الثاني بشكل جيد، المغرب يرفض.

الموقف المغربي ذو أناقة نادرة، لكن النتيجة أن هذه الأناقة ستنقلب على المغرب، لأن المغرب سيقول  لذلك لا، لا تفاوض على ظهور الجزائريين، من وراء ظهور الجزائريين، ولكن في المقابل، سيتفاوض المغرب مع GPRA، حكومة الجمهورية الجزائرية المؤقتة، وفي  1961، تم التوقيع على اتفاقية بين الدولة المغربية والـ GPRA حول فكرة إعادة مناقشة الحدود بعد استقلال الجزائر. وبعد استقلال الجزائر، السلطات الجديدة التي تولت السلطة في البلاد، الانقلاب الذي نفذه الجيش وعلى يد ألعوبة الجيش آنذاك الذي كان بن بلة، الذي أطاح به الجيش لاحقًا،  تم وضع النظام الجزائري في مكانه مع هذا الانقلاب لجيش الحدود.

وجيش الحدود وبنبلة يرفضان الاعتراف بالالتزامات التي تعهدت بها. مما يعني أن المغرب هو الخاسر في هذا الأمر. لأنه من باب الأناقة لم يرد التفاوض من وراء ظهر الجزائريين لكن السلطات الجزائرية حينها، بدلا من أن تشكره،  افتعلت حرب الرمال، وهاجمت الحاميات المغربية.

الحكم الذاتي حل أمثل لملف الصحراء المغربية

أعتقد أن “الحكم الذاتي” الذي اقترحه المغرب هو الحل الأمثل للخروج من هذا، وأريد أن أتجاوز ذلك،  كانت الفرصة الممنوحة للجزائر للخروج من القمة، لأن الواقعية تجعل الموقف الجزائري غير قابل للاستمرار.

وهناك، أتيحت للجزائر الفرصة، بهذه الخطة المغربية، للاعتراف بالواقع  دون التعرض للفشل أو الإذلال. لقد أتيحت لها الفرصة للخروج على القمة. ولم تأخذ هذا القطب، بل زادت في كلامها شدة.

ما يلفت انتباهي في السنوات الأخيرة هو التوازي بين الفرق في التصريحات التي أدلى بها مثلا جلالة الملك محمد السادس، وهي تصريحات سلمية دائما، وهي إعلانات الانفتاح، وهي إعلانات  للأخوة المغاربية، والعكس مواقف جزائرية تزداد قسوة، وأكثر انسحابا، وأكثر فأكثر منغلقة على نفسها، التصريحات الأخيرة للرئيس تبون قاسية، إنها قاسية مثل تلك التي كانت في أصعب فترات عهد بوتفليقة.

ما يحدث مثير للاهتمام، إذن، هناك حالة توتر على الجانب الجزائري، وهي لا تأخذ في الاعتبار تطور الملف، لأنها كما قال غويتيريس، ليست مسألة إنهاء الاستعمار. قال: كنت سآتي إلى هناك في 23 يونيو 2023، في فرنسا، سؤال طرحه دبلوماسي جزائري فأجاب، لكن المسألة ليست مسألة تصفية استعمار. تم إنهاء الاستعمار في 1975. فها نحن إذا شئت في موقف التطرف وهو في رأيي ميؤوس منه. هذا التصريح الذي أصدره الأمين العام للأمم المتحدة، انطونيو غوتيريس، منذ حوالي عام،  رئيس الأمم المتحدة، هل هذه نقطة تحول؟ نقطة مفصلية في التاريخ في هذا التوجّس من مسألة الصحراء برأيك؟ هناك نقطتان محوريتان، هناك الاعترافات وهناك هذا الإعلان.

ولا أرى كيف يمكننا التراجع عن هذا البيان، إلا إذا أخذنا وجهة النظر المعاكسة تمامًا، أعتقد أن غوتيريس  يعرف نص الأمم المتحدة لعام 1960، والذي تحدثنا عنه سابقًا، حتى لو لم يتم تسليط الضوء على هذا، ولكن أعتقد أنه ربما يتم ترسيخه ليظهر بوضوح أن الحقوق التاريخية والألفية للمغرب تتجاوز محاولة إنشاء نموذج جزائري زائف، من شأنه أن يسمح للجزائر أن يكون لها ممر نحو المحيط الأطلسي، لأنه في الواقع، أين هي واجهة المشكلة؟ خذ خريطة أفريقيا.

الجزائر رأس صغير على البحر الأبيض المتوسط، وبطن ضخم في الصحراء

الجزائر رأس صغير على البحر الأبيض المتوسط، وبطن ضخم في الصحراء. والجزائر عالقة في البحر الأبيض المتوسط على بعد 14 كيلومترا. من جبل طارق، تضع ثلاثة ألغام، وتضع قاربًا أو غواصة، لا أحد يغادر البحر الأبيض المتوسط.

إذن الجزائر محبوسة، غير ساحلية، على الرغم من ثروتها. المغرب، الذي يبلغ طوله  آلاف الكيلومترات من طنجة إلى الحدود الموريتانية، مفتوح تماما على البحر. مما يعني أن المغرب بلد يتنفس، والجزائر بلد يرتعد.

وهذا أمر صعب على الجزائر، وهذه فكرة الواقع الجغرافي  التي هي أساس كل شيء. لذا فقد حاولت الجزائر دائمًا وتبنت الخطة الاستعمارية الفرنسية.

لأنني أعرض في كتابي خريطة رسمها أنصار الاستعمار الفرنسي، الذين اقترحوا في عشرينيات القرن العشرين تطهير ممر جنوب أكادير، بين المغرب تحت الحماية الفرنسية والصحراء تحت الاستعمار الإسباني، بحيث يكون للجزائر الفرنسية ممرا إلى البحر ومن سيمنع ذلك؟ إنه ليوطي في عام 1920، لدينا أطروحات أذكرها في كتابي.

سوف يتمرد ليوطي على هذا المشروع ، وسينجح في عرقلة هذا المشروع. وإلا لكان المغرب… والجزائر، اليوم، تجد نفسها وريثة، في هذا المشروع، لداعمي الجزائر الفرنسية. ولهذا أقول كل يوم، بدلا من مهاجمة فرنسا، قرر النظام الجزائري، أن يهاجم أحيانا المغرب، وأحيانا فرنسا، وأحيانا المغرب وفرنسا،  والجزائر سيكون لها كل المصلحة، لو كانت صادقة مع نفسها، فأنا لا أتحدث عن الجزائر بالطبع، ولا عن الشعب الجزائري،  ولكني أتحدث عن قادة النظام الجزائري، سيكونون مهتمين كل الحرص بقول تحيا فرنسا!، لأن فرنسا هي التي أنشأت الجزائر فقد أعطتها اسمها عام 1839، لأنه حتى عام 1839 لم يكن هناك حديث عن الجزائر.

فرنسا خلقت الجزائر وأنشأت حدودها واقتطعت الأراضي المغربية لتعطيها للجزائر. ففي عام 1960، أعطى ديغول الصحراء للجزائر، وفي عام 1962، قام ببناء الجزائر المستقلة. إذن، شكرًا لك فرنسا! وبدلاً من ذلك، ترتكز الجزائر على الاتهامات المضادة، وهو أمر غير منطقي بالنسبة للمؤرخ”.

ترجمة واعداد : اسماعيل واحي