سيطرة إسرائيل على معبر رفح.. مقدمة لتفكيك سلطة حماس في قطاع غزة

لم تكن سيطرة إسرائيل على معبر رفح مجرد مغامرة عسكرية من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مثلما اعتقدت حركة حماس في البداية. كان الهدف هو تحييد المعبر وتسليم إدارته إلى شركة أمنية أميركية، ما يعني إنهاء سيطرة الحركة عليه كمقدمة لتفكيك سلطتها في غزة.

وما يربك حماس أن إدارة المعبر ستتم عبر شركة وليس عبر إسرائيل أو قوة تابعة للسلطة الفلسطينية أو من خلال قوة عربية، أي أن الموضوع الآن ليس مجرد سيطرة عسكرية لترفع الحركة في وجهها شعارات المقاومة أو التخوين والاتهام بالعمالة، وإنما شركة تتولى تأمين دخول المساعدات الغذائية والطبية، ومواد إعادة الإعمار لاحقا.

وستجد حماس نفسها في معادلة صعبة؛ فإذا اعترضت على إدارة الشركة معبرَ رفح سيتوقف عبور السلع، ومن ثمة سيسائلها الفلسطينيون عن أسباب التعطيل، وعما إذا كانت الحركة التي حمّلتهم نتائج حرب لا مصلحة لهم فيها ستفرض عليهم الحصار وستمنعهم من المساعدات الإنسانية.

وإذا قبلت بالأمر الواقع فستكون قد سلمت سلطتها للتفكيك والتهميش، وهي تعرف أن التحكم في معبر رفح سيتيح مراقبة تدفق السلع والأسلحة وما بقي من أنفاق وسيحد من حركة عناصر حماس باتجاه الخارج، سواء أكان ذلك بشكل معلن، أي ضمن ترتيبات مع مصر للمشاركة في المفاوضات أو للسفر إلى قطر أو تركيا، أم بشكل سري، أي ضمن أساليب التخفي التي تعتمدها الحركة لنقل قادتها مِن غزة وإليها.

ويأتي الاجتياح الإسرائيلي لرفح بهدف خلق واقع أمني يمهد لترتيبات ما بعد الحرب مع تمسك إسرائيل بمنع حماس من البقاء في الحكم بأي شكل من الأشكال.

وقالت صحيفة هاآرتس الإسرائيلية الثلاثاء إن “هناك تفاهمات بين إسرائيل ومصر والولايات المتحدة تقضي بتولي شركة أمنية أميركية خاصة إدارة معبر رفح، بعد انتهاء العمليات العسكرية الإسرائيلية في المدينة الواقعة على الحدود مع مصر”.

ويرى مراقبون أن وجود شركة خاصة في معبر رفح خطوة قد تجنب مصر والدول العربية الكثير من الأزمات. بالنسبة إلى مصر، ستجنبها الشركةُ الخاصة لإدارة المعبر الإحراجَ، وهي صيغة مُرضية لها وأفضل من وجود قوات إسرائيلية على الجانب الآخر من المعبر وما يرافق ذلك من إشاعات وتأويلات، كما ستمنع أي اشتباك مع الإسرائيليين المتحفزين للتصعيد حيال كل ما هو عربي فيما يميل المصريون إلى التهدئة وتجنب الصدام أو الصمت على الاستفزازات رغم ما يسببه ذلك من إحراج في مناخ شعبي مشحون تصعب السيطرة عليه.

أما بالنسبة إلى العرب فإن وجود شركة في المعبر سيجنبهم إرسال قوات عربية، وهي الفكرة التي طرحتها أميركا كأحد البدائل التي يمكن أن يقبل بها الفلسطينيون بدلا من قوة إسرائيلية أو قوات أميركية يمكن أن ينظر إليها على أنها قوة احتلال.

وقال الخبير السياسي الفلسطيني سليمان بشارات إن “خطوة التصعيد الإسرائيلية متوافق عليها أميركيّا، وهو ما تؤكده تصريحات إدارة جو بايدن بأن عملية معبر رفح لم تتخط الخطوط الحمراء”.

ولفت بشارات في تصريح لوكالة الأناضول إلى أن عملية معبر رفح أصبحت “ورقة سياسية لإسرائيل على طاولة المفاوضات، وتحقق لها هدف السيطرة المستقبلية لجهة دولية على منافذ غزة، وهو ما بدأ يجري طرحه من خلال أنباء عن شركة أمنية أميركية”.

وأعلنت الفصائل الفلسطينية الأربعاء رفضها احتمال فرض أي جهة خارجية وصايتها على معبر رفح.

وقالت في بيان إنها “تابعت ما تناقلته وسائل الإعلام حول مخطط تولي شركة أمنية أميركية إدارة ومراقبة معبر رفح البري”. وأضافت “بصرف النظر عن مدى صحة هذه التقارير؛ فإن لجنة المتابعة لن تقبل من أي جهة كانت فرض أي شكل من أشكال الوصاية على معبر رفح أو غيره”.

وشددت على أنها ستعتبر ذلك “شكلا من أشكال الاحتلال، وأي مخطط من هذا النوع سيتم التعامل مع إفرازاته كما نتعامل مع الاحتلال”.

وقال بشارات إن هناك تناغما إسرائيليا – أميركيا في إطالة مفاوضات وقف إطلاق النار دون أن يكون هناك تصعيد كبير ينتج عنه ضغط دولي على إسرائيل.

وسيطرت القوات الإسرائيلية الثلاثاء على المعبر الحدودي الرئيسي بين غزة ومصر في رفح فقطعت طريقا حيويا لإيصال المساعدات إلى القطاع الذي ينتشر فيه سوء التغذية.

وقال الجيش الإسرائيلي إنه يقوم بعملية محدودة في رفح لقتل المسلحين وتفكيك البنية التحتية التي تستخدمها حماس التي تدير قطاع غزة. وطلب الجيش من المدنيين التوجه إلى “منطقة إنسانية موسعة” على بعد نحو 20 كيلومترا.

وقال سكان إن عشرات الآلاف فروا من المدينة التي كانت تعتبر الملاذ الأخير للفلسطينيين الذين نزحوا مرات بسبب الضربات الجوية الإسرائيلية التي دمرت غزة.

وأمر الجيش الإسرائيلي سكان أحياء الجنينة والشوكة والسلام وأحياء أخرى بالمغادرة قبل شن هجوم. ويلجأ نحو 1.4 مليون شخص إلى رفح، ما يزيد احتمالات وقوع خسائر جسيمة.

تابع آخبار تليكسبريس على akhbar