مدغشقر على صفيح ساخن والسلطات عاجزة عن ضبط الأمن

تشهد مدغشقر منذ أسابيع قليلة تفاقما مقلقا لانعدام الأمن، بعد سلسلة من الجرائم التي صدمت الرأي العام في الجزيرة الكبيرة الواقعة في المحيط الهندي، مما أثار تساؤلات حول قدرة السلطات على مواجهة الشبكات الإجرامية.

وتتوزع القائمة بين الاغتيالات والاختطافات والاغتصاب والحرق العمد وسرقة الماشية، وغيرها من الجرائم التي ارتكبتها العصابات الإجرامية في مناطق مختلفة من البلاد، مما أثار الذعر والسخط بين سكان مدغشقر، خاصة في المناطق غير الساحلية، حيث تكاد القوات الأمنية تكون غير موجودة.

وينضاف إلى تلك الجرائم، بعد آخر يتمثل في الطريقة الوحشية للعصابات الإجرامية، والتي غالب ا ما تكون مسلحة بالفؤوس والسكاكين الكبيرة، وتنشر الفوضى وتقتل الضحايا العزل بدم بارد، بما في ذلك الأطفال والنساء وكبار السن.

يشار إلى أن أبشع الجرائم التي ارتكبت في الأسابيع الأخيرة هي بلا شك جريمة حرق اثنين وثلاثين شخصا، من بينهم أطفال، أحياء على يد سارقي الماشية في منطقة أنكابوز، الواقعة شمال العاصمة الملغاشية أنتاناناريفو.

وبحسب الشرطة، فقد هاجمت عصابة إجرامية قوامها نحو 12 شخص ا قرية أمبولوتاراكلي (التي تبعد 75 كلم من أنتاناناريفو)، وحاصرت السكان داخل منازلهم قبل إضرام النار فيها.

وهزت البلاد أيضا حادثة أخرى مروعة في أوائل غشت الحالي، عندما قتل رجال مسلحون ثلاثة أطفال ورجلا يبلغ الستينات من العمر بمنطقة فاتوفايفي، الواقعة جنوب شرق الجزيرة الكبرى.

كما أفاد الدرك الملغاشي أن الطريقة نفسها قد تم تبنيها خلال ارتكاب هذه الجرائم الشنيعة، حيث كان العديد من المهاجمين قد أضرموا النيران في المنازل التي كان الضحايا الأربعة يتواجدون فيها، والذين تلقوا ضربات قاتلة بالفؤوس أثناء محاولتهم الهروب من النيران.

وكان كافة الضحايا أشخاص من ذوي الهشاشة وعاجزين عن الدفاع عن أنفسهم. فقد ق تل الصبية الثلاثة الذين تتراوح أعمارهم بين 6 و 8 و 9 سنوات، إلى جانب رجل يبلغ من العمر 65 عاما، أمام ذهول سكان القرية، بينما أصيبت امرأة بجروح خطيرة وتم نقلها إلى المستشفى في حالة حرجة. وقد استمر نزيف الأرواح أسبوعا بعد ذلك، إثر مقتل عشرة أشخاص آخرين، من بينهم سبعة أطفال، بشكل مرو ع في منطقة فرافانجان، جنوب شرق مدغشقر.

وبحسب النائب الأول لقائد الدرك الملغاشي، ريباك جانو، فإن هذه الجريمة قد ارتكبها أفراد مسلحون بالفؤوس هاجموا منازل بقرية تسابوكا الواقعة في بلدة إيابوهازو.

كما انتشرت أنواع أخرى من الجرائم منذ بداية العام، بما في ذلك عمليات الخطف والاغتصاب، وشهد سكان أمباتوندرازاكا، الواقعة على بعد حوالي 300 كلم شمال غرب أنتاناناريفو، سلسلة من عمليات اختطاف فتيات صغيرات تلتها طلبات للحصول على فدية.

وقد أثارت سلسلة من حالات الاختفاء المبلغ عنها للفتيات المراهقات في العاصمة الملغاشية اضطرابا حقيقي ا بين السكان وإرباكا للسلطات، خلال يونيو الماضي، حيث تم اختطاف العديد من الشابات، قبل أن يعاودن الظهور بعد أيام قليلة، وقد تم تخديرهن، حيث بدت عليهن آثار الكدمات.

وفي هذا السياق، وعد الرئيس أندري راجولينا، بعدم إفلات المجرمين التام من العقاب، وبأن السلطات لن تدخر جهدا لتقديم الجناة إلى العدالة وحماية السكان العزل. بيد أنه لا يبدو أن السلطات قادرة على معالجة المشكلة بشكل فعال، خاصة في ظل الظروف الاجتماعية والاقتصادية الصعبة للبلاد، والتي تفاقمت بسبب الأزمات العالمية الأخيرة، إلى جانب الظواهر الطبيعية مثل الجفاف والفيضانات.

وإذا كان تعزيز الإجراءات الأمنية يمكن أن يوفر حلا مؤقت ا لهذه الظاهرة، فإن أفضل طريقة للمضي قدم ا هي تحفيز الاقتصاد ومحاربة البطالة وعدم المساواة في هذا البلد الذي يعتبر من أفقر دول العالم.

تابع آخبار تليكسبريس على akhbar