فؤاد الزويرق: المخرج ادريس المريني و الأفلام التجارية الهزلية

لابد هنا أن أذكر ملاحظة أو شهادة أو سميها ماشئت، حول المخرج المغربي القدير إدريس المريني، عندما أخرج فيلمه ”الحنش” سنة 2017 وهو فيلم تجاري كوميدي محض، انتقدت شخصيا الفيلم رغم ما به من فرجة تفوقت نسبيا على الكثير من الافلام المغربية التي تنتمي الى نفس النوع أعني الكوميديا، وانتقدت معه المخرج نفسه كونه انساق فنيا وراء تسونامي الأفلام التجارية الهزلية التي انفجرت حينها ومازالت، ليس حبا وعشقا في الانتقاد، بل لأن هناك مخرجين تقدرهم لا تحب لهم أن يسقطوا في فخ التسطيح، خصوصا أنك عاينت تجربتهم الناضجة التي أعطتك أملا في القادم من أعمالهم بل وراهنت عليها كنقطة من نقط الضوء الاستثنائية داخل بيئة سينمائية موبوءة، لكن رغم أن فيلمه ”الحنش” لم يرقنِ نهائيا ولم أجد فيه تلك الكوميديا الناضجة التي نتمناها في سينمانا، بل لم أكمل مشاهدته أصلا، إلا أن هذا لا يعني عدم نجاحه تجاريا بل تصدر البوكس أوفيس بقوة وكان الإقبال عليه كبيرا، لكن أنا تكلمت حينها عن جانبه الفني المتواضع، واندهشت من أن مخرج له مكانته الابداعية كادريس المريني يرضخ لغواية الأفلام التجارية الهزلية التي لن تقدم ولن تؤخر ولن تكون لها أية إضافة في مجالنا السينمائي.

 رغم انتقادي هذا وانتقاد بعض المتابعين والنقاد أنذاك للفيلم بقي احترامي وتقديري كما هو لصاحبه ولتاريخه وتجربته التي أنتجت لنا أفلاما سينمائية جادة ك”بامو” و”العربي أو مصير أسطورة كرة القدم”  و”عايدة”، وزاد احترامي له عندما صمت ولم يهاجم الأقلام التي انتقدته ولم يغضب ويتشنج كما يفعل بعض مخرجينا ولم يخرج عن اللباقة واللياقة في مواجهتهم، ولم يصفهم بالمتآمرين وأعداء النجاح، أنا شخصيا لم أسمع منه شيئا ولم أقرأ عنه شيئا بهذا الخصوص، تابع مسيرته بصمت إلى أن خرج علينا مؤخرا بفيلم على كل مهتم سينمائي أن يفخر به وهو فيلم ”جبل موسى” المقتبس من رواية للروائي والسيناريست عبد الرحيم بهير، فيلم صفق له كثيرون واحتفى به النقاد وأنا شخصيا كتبت وسأكتب عنه، لأنه يستحق فعلا وبرهن على أن المخرج المبدع يبقى مبدعا، بل يطور تجربته ويخوض غمار مغامرة استثنائية تستحق الاحتفاء، وحتى لو قدر الله لم ينجح جماهريا، فقد نجح حتما فنيا وأعطى للسينما المغربية دفعة كنا في حاجة إليها.

 انتقدناه في فيلم الحنش، واحتفينا به في فيلم جبل موسى، هكذا هي المعادلة النقدية، فنحن لسنا في حرب والنقد ليس سهما ولا رصاصة، هو مجرد كلمات وآراء وتحاليل تتناول الفيلم وليس الشخص…

 على كل أحيي المخرج المحترم ادريس المريني لأنه يشتغل في صمت ويبدع في صمت ولا يدخل في صراعات الديكة ولا يرمي من ينتقده بتهم جاهزة لا علاقة لها بقيم الفن والأخلاق، المخرج المجتهد قد يصيب وقد يخطئ بخلاف المخرج الكسول الفاشل الذي يخاف ويرتعد من كل كلمة وجهت ضد عمله ويعتبرها إهانة شخصية له، ابدع وامض واترك ابداعك يتكلم عنك واحترم كل الآراء حوله سلبية كانت أو إجابية، فكيفما كانت تبقى دليلا على أن فيلمك حرك شيئا ما وأثار اهتمام المتلقي والمتابع، فكم من فيلم عرض في المهرجان الوطني ولا أحد تكلم عنه لا بالسلب ولا بالإيجاب، لأن لا قيمة له نهائيا عرض واندثر نهائيا وكأنه لم يكن أبدا.

تابع آخبار تليكسبريس على akhbar