جنوب إفريقيا على حافة الهاوية

منذ بداية العام الجاري، والشارع الجنوب إفريقي يعرف اضطرابات.إذ تعيش بلاد نيلسون مانديلا على إيقاع التوترات الاجتماعية المتزايدة في سياق الأزمة الاجتماعية والاقتصادية التي تستمر في توسيع التفاوتات وزيادة معدل البطالة.

لقد شهد المناخ الاجتماعي في جنوب إفريقيا تدهورا ملحوظا في الأشهر الأخيرة ، في ظل الإضرابات والمظاهرات المتكررة التي شلت العديد من قطاعات الانشطة في البلاد ، بدءا من الخدمات اللوجستية والنقل ، إلى الطاقة ، مرورا بالإدارة العمومية والصحة.

كانت مدن كبرى من قبيل جوهانسبرغ وبريتوريا وديربان وكيب تاون مسرحا لأعمال شغب وتخريب، مما أثار مخاوف من موجة من الاضطرابات الاجتماعية المماثلة لتلك التي اجتاحت البلاد في يوليو 2021 ، حيث تسببت في أضرار بشرية ومادية هائلة.

في كثير من الأحيان ، يكون الوضع بالنسبة للسلطات العمومية خارج السيطرة حيث يتم إغلاق الشوارع الكبيرة والطرق السيارة بالإطارات والحجارة ، كما يتم إشعال النيران في المكاتب البلدية ومركبات الخدمة ، بينما يتم الإبلاغ عن حالات النهب في المستودعات والمتاجر والمراكز التجارية.

تتعدد أسباب عدم الاستقرار الاجتماعي، هناك تدهور على مستوى توفير الخدمات العامة الأساسية، مثل الماء والكهرباء، وانتشار الجريمة، وارتفاع الأسعار، علاوة على ظروف العمل غير المواتية.وقد سئم مواطنو جنوب إفريقيا من هذا الوضع.

كما تم إطلاق دعوات باستمرار على شبكات التواصل الاجتماعي للتظاهر ضد الفساد الذي يزيد من تفاقم الأزمة الاجتماعية، في سياق يتميز بمعدل بطالة قياسي (أكثر من 34 في المائة)، وأبرز حالات عدم المساواة في العالم والفقر الذي يتزايد باستمرار.

وكان رئيس جنوب إفريقيا السابق، ثابو مبيكي، قد أعرب في الآونة الأخيرة، عن أسفه لعدم توفر الحكومة على مخطط لمواجهة هذه التحديات الاجتماعية ، محذرا من أن البلاد مهددة بمواجهة أعمال شغب جديدة إذا لم يتم إيجاد حلول عاجلة لمعالجة المشاكل التي يعاني منها مجتمع جنوب إفريقيا.

وبنفس النبرة اكد جوهان برغر، الخبير الأمني في معهد الدراسات الأمنية ان خطر المزيد من أعمال العنف الدامية في جنوب إفريقيا مرتفع للغاية، خاصة مع تفاقم الأزمة الاقتصادية. ومعدلات بطالة قياسية، خاصة بين الشباب (أكثر من 60 بالمائة).

وأضاف محذرا “يجب الشعور بالقلق بشأن الوضع في البلاد. التوترات السياسية والمشاكل المتعلقة بالتشغيل والفقر وارتفاع الأسعار في جميع المجالات كلها تعد قنبلة موقوتة”.

وأشار بيرغر أيضا إلى أن صمت الحكومة زاد الطين بلة، لكون مستوى التضخم الكبير، وارتفاع أسعار المواد الغذائية، والوقود وسعر الفائدة جعل سكان جنوب إفريقيا محبطين وقلقين بشأن المستقبل.

ويمثل هذا الوضع اشكالية يصعب للحكومة ايجاد حل لها، حيث أدت الأزمة الاقتصادية إلى انخفاض كبير في إيرادات الدولة، وبالتالي قدرتها على التدخل للتخفيف من حدة المشاكل التي يعاني منها المجتمع.

وباعتراف من رئيس جنوب إفريقيا، سيريل رامافوزا ، فاقتصاد البلاد لا ينمو بمعدل كاف لرفع التحديات الاجتماعية والاقتصادية التي تواجه البلاد.

في هذا السياق المتوتر للغاية ، تم وضع جيش جنوب إفريقيا في حالة تأهب لمنع أي تمدد للوضع. وأكدت قوات الدفاع الوطني في جنوب إفريقيا في بيان أنه يمكن نشر جنودها لدعم خدمات الشرطة في جهودها لاحتواء المزيد من الاضطرابات في البلاد.

ففي وقت تم فيه وضع كل المؤشرات الاقتصادية للبلاد في المنطقة الحمراء لعدة سنوات حتى الآن ، أجمع مراقبون ومحللون على التأكيد على أنه في حال فشلت الحكومة في معالجة الوضع بشكل عاجل ، فإن جنوب إفريقيا ستتجه بالتأكيد نحو الانهيار الاجتماعي.

تابع آخبار تليكسبريس على akhbar