تحت أنظار الجزائر.. واقع أمني معقد بتندوف بعد انتشار الأسلحة بشكل كبير داخل المخيمات

تعيش مخيمات تندوف، منذ ثلاث سنوات تقريبا، واقعا أمنيا معقدا جدا، نتيجة انهيار منظومة “بوليساريو” القمعية، ووفاة العديد من القادة البارزين في التنظيم ممن كانوا على الأقل يضمنون التوازن القبلي والاجتماعي في المخيمات، الذي ظل يشكل الركيزة الأساسية للسلم الاجتماعي بحمادة تندوف، لأن “بوليساريو” تبقى تجمعا قبليا تتحكم فيه الأمزجة والمشايخ، الذين يساهمون في تنزيل أدق تفاصيل القرارات المتخذة من قبل جنرالات الجزائر.

وفي هذا الصدد، تشير الصباح التي أوردت التفاصيل، أن هذا المزيج القبلي السياسي الغريب هو الذي أثار حالة من عدم الفهم الأمني لما يجري في المخيمات بتندوف، إذ مع بداية انفراط عقد “بوليساريو”، تحولت كل قبيلة إلى ميليشيا مسلحة تشهر أسلحتها في وجه أي جهة تحاول المساس بمستوى نفوذها أو الاعتداء على أحد المنتمين إليها، وهو ما تكرر أكثر من مرة، خلال السنوات الأخيرة، إذ شهد المخيم حروبا طاحنة بين القبائل سقط فيها العديد من الضحايا.

فخلال منتصف الأسبوع الماضي، اعتقل الجيش الجزائري مجموعة جديدة من الشباب الصحراويين من قبيلة أولاد موسى على مشارف مخيم السمارة، يحملون أسلحة صينية لم يسبق أن حجزت من قبل، ما يعني أن مستوى التسلح بين الشباب في المخيم بات يشكل خطرا حقيقيا على أمن الجزائر نفسها، التي اعتقل جيشها، منذ صيف 2023 فقط، 34 صحراويا يحملون أسلحة رشاشة، وتم اقتيادهم جميعا إلى وهران، حيث حكم عليهم بعقوبات تتراوح بين 15 سنة سجنا و25، ونحن هنا لا نتحدث عن عصابات إجرامية يمكن القضاء عليها بسهولة، بل ميليشيات قبلية محمية ببنيات قبلية وازنة جدا في المشهد الداخلي بالرابوني، أي أن المساس بأحد أعضائها ستعتبره القبيلة اعتداء مباشرا عليها، وهو ما يفسر انفلات الوضع الأمني والتهديد بإمكانية جرفه إلى مربع من المؤكد أن الجزائر لا تريده حاليا.

يضاف إلى ذلك أن قيادة “بوليساريو” نفسها تستثمر في هذا الواقع المركب، فبعض القيادات المعروفة في المخيمات تنمي هذا الانهيار الأمني، من خلال دعمها لشباب قبائلها بتوفير التصاريح للخروج والدخول من المخيم بغرض التزود بالأسلحة والذخيرة. فمثلا، مصطفى محمد علي سيد البشير، الذي يعتبر من أكبر بارونات تهريب المخدرات الصلبة بشمال إفريقيا، هو من يقف وراء ميليشيا أولاد ابينينة، التي فجرت الأحداث الأخيرة بالمخيمات، حيث ظهرت عندهم نوعيات مختلفة من قطع الكلاشينكوف، كما لا يعتبر سرا في المخيم أن القيادي الآخر، البشير مصطفى السيد، لديه أذرع قبلية يوفر لها التسليح والمحروقات والأموال الطائلة، تحت ذريعة حماية قطعان إبله المنتشرة عبر كل تراب الساحل. أما زعيم الرابوني، إبراهيم غالي، فيقوم بضخ مبالغ كبيرة لتمويل ما يسمى “الوكالة الصحراوية للحماية”، وهي أكبر تجمع مسلح لأبناء عمومته يشرف عليه شقيقه الأصغر، والجميع يعلم أن تلك الوكالة تمتلك أسلحة غير مرقمة وتستخدم في أغراض أخرى.

الانشقاق الذي تشهده الساحة الأمنية في المخيم هو ما يفسر حالة الإنهاك والارتباك التي يعيشها صحراويو المخيمات، وهو أيضا ما يفسر ارتفاع نسبة الفارين من جحيم لحمادة خلال السنوات الأخيرة، ولعله أيضا يفسر امتلاء قوائم المطالبين بالعودة لوطنهم في قنصليات المغرب في الدول المجاورة، لأن الجميع تأكد أن “بوليساريو” مجرد عصابة تتكشف خيوط أغراض تأسيسها كل يوم.

تابع آخبار تليكسبريس على akhbar