الجزائر.. حالة ترقب وردود فعل محتشمة عقب تقديم موعد الانتخابات الرئاسية

لا يزال الصمت يخيم على الأحزاب السياسية في الجزائر بشأن الاستحقاق الانتخابي الرئاسي المزمع إجراؤه الخريف المقبل، في وقت يشكل فيه خطاب ” التثمين ” الذي يتم ترديده في مختلف الأوساط، مؤشرا على أن تبون سيخلف نفسه في قصر المرادية.

تسود حالة من الترقب وردود الفعل المحتشمة على الطبقة السياسية  في الجزائر بعد الإعلان عن تقديم موعد الانتخابات الرئاسية، حيث اكتفت أحزاب الموالاة بتثمين القرار، بينما انتقد حزب صوت الشعب الموقف، ودعا للنهوض بالعمل السياسي لأن الرئيس مارس صلاحيته الدستورية فقط.

ووجه رئيس حزب صوت الشعب الجزائري لمين عصماني، انتقادات شديدة لنخبة الطبقة السياسية في البلاد، على خلفية بيانات المديح والثناء الصادرة عن قيادات حزبية لما سمي بقرار تقديم موعد الانتخابات الرئاسية من شهر ديسمبر إلى شهر سبتمبر، الصادر مؤخرا من طرف الرئيس عبدالمجيد تبون.

وفي تعليق له على القرار صرح لمين عصماني بأن  “الرئيس مارس صلاحياته الدستورية وتصرف وفق ما تخوله إياه الوثيقة التشريعية الأولى في البلاد، ولم يأت بأي شيء خارق يثير كل هذا الإطناب والإشادة، وخطاب التثمين الوارد في بيانات الأحزاب السياسية، بدل المبادرة بطرح مشاريعها وتصوراتها السياسية”.

وأثنت غالبية الأحزاب السياسية الناشطة على القرار المعلن عنه من طرف الرجل الأول في الدولة، وبحضور مسؤولي الدولة الكبار، واعتبرته خطوة نحو تجسيد السيادة وتأكيد العودة إلى الشعب، لكنها لم تكشف عن موقفها من مسألة المشاركة من عدمها، رغم أن الأجندة الزمنية تسير عكس خارطة الطبقة السياسية.

وتسود حالة من الترقب والانتظار في الغرف المغلقة للأحزاب السياسية والشخصيات المستقلة، خاصة منها المعارضة أو التي تحتفظ بمسافة بينها وبين السلطة، إذ يبدو أنها لم تمتص الصدمة بعد، في ظل حديث بعض الدوائر السياسية على أن تقديم موعد الانتخابات الرئاسية قلص الأجندة الزمنية بشكل يقطع الطريق على أي من الطامحين سواء كان مستقلا أو تحت يافطة حزب سياسي.

ويعتبر هؤلاء، أن مهلة الخمسة الأشهر التي تفصل الفاعلين في المشهد السياسي عن موعد الاقتراع الشعبي على الرئيس القادم للبلاد، لا تكفي في أي حال من الأحوال لأي مرشح بدخول المعترك، واستيفاء جميع الشروط، الأمر الذي يؤشر بغلق محكم للعبة السياسية لصالح مرشح السلطة.

ويسود الاعتقاد لدى المتابعين بأن الاستحقاق المذكور سيجري بضلع واحد، وهو مرشح السلطة عبدالمجيد تبون، بينما تكون الأضلاع الأخرى للواجهة الشكلية، رغم ما للمسألة من مجازفة جديدة بالبلاد، خاصة في ظل صعود تجارب ديمقراطية ناجحة كما هو الشأن في السنغال، الأمر الذي يزيد من نفور الجزائريين من الاستحقاق أصلا.

ويشكل خطاب “التثمين” الذي يتم ترديده في مختلف الأوساط، مؤشرا على أن تبون سيخلف نفسه في قصر المرادية هذا الخريف دون أية متاعب أو منافسة، لاسيما وأن آلة التعبئة والتجنيد بدأت في حشد الأذرع المختلفة.

وأكد بيان صادر عن ما يعرف بـ”المجتمع المدني” التزامه بـ“المساهمة في إنجاح هذا الموعد الهام بكل الوسائل المشروعة والمتاحة، وأن إعلان رئيس الجمهورية عن تنظيم انتخابات رئاسية مسبقة يعد من صلاحياته الدستورية”. وأضاف “رئاسيات السابع من سبتمبر المقبل تعد محطة بارزة في تاريخ الجزائر الديمقراطية، ولا بد من تكاتف الجهود لرص الصفوف وتعزيز الوحدة الوطنية”.

ومن جهته اعتبر رئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان، عبد المجيد زعلاني، قرار رئيس الجمهورية، تعزيزا لاستقرار الدولة وغلق الباب أمام المتآمرين، وأنه قرار حكيم وعقلاني، ناتج عن دراسة عميقة للواقع “.

ولفت في تصريح للإذاعة الحكومية، إلى أن ” القرار يتوافق مع الدستور الذي منح لرئيس الجمهورية صلاحية الإعلان عن انتخابات رئاسية مسبقة وترك له صلاحية تقييم الأسباب، ولذلك فهو يشكل ورقة استقرار قوي ويغلق الباب أمام الأطراف التي بدأت في التحرك مؤخرا بغرض التشويش وخلق البلبلة وعدم الاستقرار”.

ودعا رئيس حزب صوت الشعب لمين عصماني، في تعليقه على الانتخابات المسبقة، إلى “العزل بين الفواعل الأهلية والحزبية”، وشدد على ضرورة اضطلاع كل طرف بدوره ورسالته دون تداخل أو صدام، وذلك ردا على المكانة التي بات المجتمع المدني يتبوأها في البلاد بايعاز من السلطة، بينما يجري تهميش الطبقة السياسية.

وعاتب المتحدث، رفاقه في الطبقة السياسية، على ” المبالغة في لغة الإطناب والثناء على كل ما هو صادر عن السلطة، فالرئيس مارس مهامه وصلاحياته الدستورية بشكل عاد جدا ولم يأت بشيء خارق، ولذلك فالطبقة السياسية مدعوة للرقي بشكل ومحتوى الخطاب ليتسامى الاستحقاق في عيون المتابعين والشارع الجزائري وتحفيزه على الانخراط في العمل السياسي، بدل تنفيره ببيانات التثمين.

وأشادت برقية لوكالة الأنباء الرسمية بما وصفته، “تثمين” أحزاب سياسية، لقرار إجراء انتخابات رئاسية مسبقة يوم 7 سبتمبر المقبل، واستعدادها للمساهمة في إنجاح هذا الموعد الوطني الهام”. وعددت مواقف جبهة المستقبل، والتجمع الوطني الديمقراطي، وجبهة التحرير الوطني وحركة النهضة.. وغيرها، وهي فاعليات مرشحة لأداء دور الأذرع السياسية والحزبية الداعمة لترشيح الرئيس الحالي عبدالمجيد تبون.

وأجمعت تلك الأحزاب على ما وصفته، بـ”الارتياح كبير” للقرار الذي يؤكد الحرص الدائم على المسار الدستوري والحفاظ على المواعيد الانتخابية الدستورية التي أصبحت قناعة وطنية راسخة لدى مؤسسات الجمهورية، ولذلك فان الانتخابات الرئاسية المسبقة ستزيد حتما البناء الوطني الديمقراطي السليم تماسكا وتقدما نحو المستقبل، وتنفي تلك الحجج الواهية للمغرضين والمشككين”.

ولفتت إلى أن “الدولة القوية والمستقرة سياسيا وأمنيا والمزدهرة اقتصاديا، هي التي تمتلك مؤسسات شرعية وجبهة داخلية مستقرة وقوية ومتماسكة ومتآزرة، وأنها لن تدخر جهدا للإسهام في أي مسعى من شأنه أن يعزز اللحمة الوطنية ويجعل المصلحة العليا للبلاد وأمنها واستقرارها فوق كل الاعتبارات السياسية”.

عن موقع جريدة “العرب” بتصرف

تابع آخبار تليكسبريس على akhbar