الأبعاد الرمزية والنفسية لاستعراض العضلات من قبل البيجيدي دفاعا عن حامي الدين

ينبغي أن نعترف بأن حزب العدالة والتنمية مؤسسة مضبوطة ولا تترك الأمور تسير بشكل عفوي، وحتى الحركات التي نظنها بسيطة تكون بالنسبة إليهم مدروسة قصد بعث رسائل إلى من يهمه الأمر، وتعلمنا من عبد الإله بنكيران، الأمين العام السابق للحزب ورئيس الحكومة المعزول، أنه لكل حركة ولكل خطاب غرض تؤديه، بل لكل كلمة دلالات حتى لو اعتقد الناس أنها عفوية، ولم يكن عفويا نهائيا عندما خاطب برلمانية بعبارات جنسية، فهو كان يقول لها إن هزمتكم لكن كما يعبر عنها باللغة الشوارعية.

لهذا من الخطأ النظر إلى استعراض العضلات الذي مارسه حزب العدالة والتنمية بقيادة الزعيم المعزول أمام محكمة الاستئناف بفاس، بمناسبة محاكمة حامي الدين، انه عفوي، والصدف وحدها تحكمت فيه. لا شيء هنا متروك للصدفة.

فالشعارات والعبارات وطريقة السير والمشي ووسيلة الركوب كلها أدوات للتعبير. فالحزب يعتبر نفسه في معركة حقيقية. وسرب بنكيران بعض العبارات التي تدل على أن ما يجري هو حرب يقودها الحزب وبالأساس تيار الولاية الثالثة ضد أطراف متعددة. سيارات فخمة وجيوش من البشر وطريقة عسكرية في مرور الزعيم، وقوله إننا جئنا هنا لنعبر عن موقفنا وقوله السابق لن نسلم أخانا كلها دلالات على أن الحزب يعتبر القضية الجنائية المطروحة اليوم معركته الأولى.

ومخطيء من يظن أن بنكيران يهمه حامي الدين، وهو الذي باع شيخه عبد الكريم مطيع، وتخلى عن كثير من الناس في سبيل تحقيق مطامحه وأطماعه، ولكن الزعيم المعزول يخاف على تاريخه باعتباره رأسمالا لا يمكن التفريط فيه، فهو يخاف من إدانة حامي الدين، الذي يمكن أن تحكم عليه المحكمة بالبراءة، لكن في حالة الإدانة سيدان الزعيم أولا باعتباره يجر وراءه قافلة من القتلة. ولهذا الأساس يخرج كثيرون من قادة الحزب للدفاع عن المتهم بالقتل.

يمكن لأي سيارة أن تؤدي الغرض وتوصل حامي الدين إلى بوابة المحكمة، لكنه اختار نوعا خاصا قبل أن يتم استهلاكه مدنيا كان معروفا بالاستعمالات العسكرية والأمنية، وكان بإمكان بنكيران أن يركب سيارة شعبية تفي بالغرض وتوصله إلى المحكمة، مثلما كان يفعل أيام توليه رئاسة الحكومة أول مرة، لكن اختار القدوم في سيارة رسمية مخصصة لرئيس الحكومة السابق مرفوقا بحراس رسميين.

منطقيا لما تركب سيارة رسمية في مواجهة عائلة ليس لها من سلاح سوى القانون فأنت تخيفها، وتحاول إرهاب كل من يقترب منها أو يدافع عنها. واستعمال رموز رسمية هو استغلال لما تمثله هاته الرموز. أي استعمال لقب رئيس الحكومة لأغراض دنيئة بغرض الانتصار في معركة من المفروض أن تكون الكلمة فيها للقانون، الذي ترعى السلطة القضائية حمايته وبنكيران نفسه كان رئيسا للحكومة حينما تمت مناقشة استقلالية السلطة القضائية نهائيا عن السلطة التنفيذية وتحرير النيابة العامة من سلطة وزارة العدل.

تابع آخبار تليكسبريس على akhbar