استنكار أسلوب “الكولسة” و”التحايل” المعتمد من طرف رئيس الحكومة بخصوص تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية


محمد بوداري

 

استنكرت المبادرة المدنية لتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية، التي تضم مكونات الحركة الأمازيغية والنسائية والحقوقية، الطريقة التي اعتمدها رئيس الحكومة، بخصوص مشروع القانون التنظيمي المتعلق بتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية والتي تقوم على الاستفراد بتحرير مسودة مشروع القانون في غياب الفاعلين الرئيسيين في الموضوع، ودون تشكيل لجنة وطنية تضم مختلف الأطراف المعنية..

 

واعتبرت المبادرة، في بيان استنكاري توصلت تلكسبريس بنسخة منه اليوم، أن  موقف الحركة الأمازيغية بالإجماع كان هو مقاطعة مبادرة رئيس الحكومة التي كانت قرارا تحكميا بمنهجية إقصائية وتمويهية، مما جعلها بعيدة كل البعد عن أسلوب التشارك والتشاور المعمول به في وضع القوانين الكبرى التي ترهن هوية المغاربة، وتتعلق بمصيرهم المشترك، حيث لا يعتبر موضوع القضية الأمازيغية مرتبطا بإيديولوجيا حزب معين أو حكومة ما، بقدر ما يتعلق بالتزامات الدولة بكامل مكوناتها، وباختياراتها الكبرى التي تمّ إرساؤها في إطار المصالحة الوطنية ومسلسل الانتقال السلمي نحو الديمقراطية ودولة القانون..

 

وأضاف بليان المبادرة، أن تعامل رئيس الحكومة مع الجمعيات التابعة لحزبه، والتي اعتبرت بعد إنشائها مؤخرا  "جمعيات أمازيغية"، لا يعني أن المشروع الذي أعدّه قد تم بشراكة مع المجتمع المدني الأمازيغي الحقيقي، الذي نقل الأمازيغية بنضاله على مدى نصف قرن من هامش المؤسسات ومن وضعية الطابو السياسي إلى عمق الدستور ومؤسسات الدولة..

 

كما أن الطريقة التي اعتمدها رئيس الحكومة، يضيف ذات البيان، والتي تقوم على الاستفراد بتحرير مسودة مشروع القانون في غياب الفاعلين الرئيسيين في الموضوع، ودون تشكيل لجنة وطنية تضم مختلف الأطراف المعنية ، لا تعتبر تشاورا ولا شراكة، لأن التجارب السابقة وخاصة في القوانين المتعلقة بحقوق المرأة، أثبتت أن الحزب الذي يرأس الحكومة، والذي يفتقر إلى المنظور الديمقراطي المطلوب في القضايا الوطنية الكبرى بسبب نزوعه التقليدي الماضوي وتحفظه على حقوق الإنسان كما هي متعارف عليها دوليا، ليس في مستوى صياغة القوانين المتعلقة بالحقوق والحريات بشكل انفرادي، لأن من شأن ذلك أن يؤدي إلى الفتنة في المجتمع وإلى احتدام الصراعات الهوياتية القاتلة..

وبالنظر إلى تصريحات رئيس الحكومة في السابق بوصفه أمينا عاما للحزب الذي يرأسه، يقول بيان المبادرة المدنية لتفعيل الطابع الرسمي للامازيغية، وكذا تصريحات العديد من وزراء حزبه، وكذا مواقف الحزب في موضوع الأمازيغية وخاصة خلال مراجعة الدستور المغربي سنة 2011، فإن رئاسة الحكومة لا تتوفر على التصور الديمقراطي المطلوب، ولا على القناعة الضرورية لتدبير ملف من حجم اللغة الأمازيغية الرسمية، ولا على الموقف العادل والنزيه الذي يمكن من تدارس المذكرات والوثائق المتوفرة بالبرلمان والمتداولة في الساحة الوطنية منذ 2013، مما يجعلنا نعلن عدم ثقتنا في رئاسة الحكومة ومن معها، بعد اعتمادها أسلوبا أقرب إلى الكولسة والتحايل منه إلى التعامل الديمقراطي المسؤول.

 

كما أن ترك الملف بين يدي رئيس الحكومة يستفرد به ، يضيف البيان، هو إخلال بالتوازن المطلوب داخل الدولة في مثل هذه القضايا الوطنية الكبرى، وأن تدبير الموضوع بحاجة إلى حس وطني مترفع عن الصراعات الإيديولوجية الضيقة، والتوجهات الإقصائية.

 

وجدّدت مكونات "المبادرة المدنية من أجل تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية" مطالبتها بإحداث لجنة وطنية تضمّ حكماء البلد وأطره الكفأة والخبيرة في تدبير التنوع الثقافي واللغوي، وفق منظور وطني يسمح بالنهوض بالأمازيغية هوية ولغة وثقافة، حتى تساهم في التنمية الشاملة والدائمة، وفي إنجاح انتقال بلدنا نحو الديمقراطية .

 

واعتبرت المبادرة المدنية، في ختام بيانها، أن أي مشروع قانون يمس بمكتسبات الأمازيغية التي تحققت جميعها سواء في المجتمع أو داخل المؤسسات على مدى العقود المنصرمة، أو لا يستجيب للوضع الرسمي للغة الأمازيغية، سيعتبر مشروعا لا حقوقيا ولا دستوريا، وسيكون مرفوضا وبدون أية مشروعية، وتعبيرا عن نكوص خطير تتحمل عواقبه الدولة المغربية بكل مكوناتها، بما فيها الأحزاب الأخرى المشاركة في الحكومة، والتي ظلت حتى الآن في موقف غاية في السلبية..

ويأتي بيان المبادرة المدنية لتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية، بعد متابعتها باستغراب لتصريح المستشار القانوني لرئيس الحكومة محمد الحمومي الذي أعلن فيه عن إحالة مشروع القانون التنظيمي المتعلق بتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية على الأمانة العامة للحكومة، التي ستحيله بدورها على المجلس الوزاري في غضون أسابيع قليلة من أجل المصادقة عليه. حيث اعتبر المستشار القانوني للحكومة، في تبرير الطريقة التي تم اعتمادها في "التشاور" من أجل وضع القانون المذكور والتي اعتمدت بريدا إلكترونيا أعلنه رئيس الحكومة، أن رئاسة الحكومة "قامت بدراسة مقترحات جمعيات المجتمع المدني وعدد من المواطنين"، وبأن الوثائق التي تم تدارسها قد تمت معالجتها "في مصفوفة تضمنت أهم الأفكار الواردة في كل مقترح". مضيفا "حيث تلقينا مباشرة مقترحات مختلف الأطراف".

 

كما ان هذا البيان يأتي استنادا الى مضامين المذكرةا الترافعية للمبادرة، والتي سبق اعتمادها من قبل ما يزيد من 800 هيئة ومنظمة أمازيغية وحقوقية ونسائية والمعلن عنها بالندوة الصحفية التي نظمتها المبادرة بالرباط بتاريخ 3 نونبر 2015، واحتجاجها المعلن عنه  ببيان صادر بتاريخ 18 يناير 2016 والذي عبرت المبادرة فيه عن رفضها للمنهجية المتبعة من قبل رئيس الحكومة في مشروع القانون التنظيمي المذكور، والتي تعتبر سابقة مكرسة للتحكم  والإقصاء والتمويه، حسب ما جاء في بيان المبادرة المدنية..

 

تابع آخبار تليكسبريس على akhbar