بنكيران يذرف دموع التماسيح ويخفي السيف لطعن خصومه

 

 

عزيز الدادسي

 

 

كعادة رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران، وجه في كلمة أمام حشد من أبناء العدالة والتنمية بمناسبة احتفالات ذكرى فاتح ماي سيلا من الإتهامات المجانية لكثير من خصومه السياسيين، الذين لم يسميهم، وفضل  اللعب بالكلمات من قبيل وصف خصومه بالتماسيح، ولأن بنكيران لا يقدر على المواجهة، فقد لجأ مرة أخرى إلى الملك، مؤكدا أن لا أحد يمكن أن يؤثر على علاقته به، لكنه أضاف شيئا آخر، وهو حب الشعب له، إذ قال إن "الشعب يحبني"، ولم يورد الأساس الذي اعتمد عليه ليعرف هل الشعب يحبه أم لا؟ وهل الذين رفعوا شعارات ضده ويعتبرون بالملايين ليسوا من الشعب؟ وهل الملايين التي صوتت لغيره لا تعتبر من الشعب؟

 

 

إن هذه العبارة التي لم نتعود على سماعها من أفواه السياسيين، لا يمكن أن تعني إلا شيئا واحدا، وهو أن بنكيران يتمسح في 30 مليون مغربي، مع أن من كل هذا الرقم لم يصوت عليه سوى مليون و80 ألف ناخب، وهو في حساب السياسيين رقم عادي جدا، ولا يمكن أن يؤخذ كمقياس على شعبية هذا الحزب أو ذاك، هي فقط العتبة التي أوصلت العدالة والتنمية إلى الحكومة.

 

 

وفي الوقت الذي كنا ننتظر أن يتحدث بنكيران عن إجراءات ملموسة لتجنيب المغرب السكتة القلبية، فضل اعتماد خطاب الصبر والمغالاة في بعث الرسائل المشفرة، متهما من يعتبرهم خصوما بعرقلة عمل الحكومة، مع أن أكثر المتفائلين لم يظهر لهم على أرض الواقع أي عمل لهذا الحكومة التي أكملت شهرها الرابع ولا زالت تقف في نقطة الإنطلاق، مع أن الدستور الجديد منحها كل الضمانات التي تمكنها من تنزيل برنامجها، لكن كما يقال فاقد الشيء لا يعطيه.

 

 

والواقع أن بنكيران وهو ينتقد من سماهم خصوما، كان يقصد أن يقفز على الواقع، ويحمل هؤلاء الخصوم الافتراضيين أي فشل للحكومة مع ما يمكن أن يجر من تبعات كارثية على الأمة، لكنه هذه المرة وكمن يزيد صب الزيت على النار المشتعلة، أقحم وسائل الإعلام في خطابه المتباكي، من خلال الحديث عن توظيف جرائد في مؤامرة إسقاط العدالة والتنمية، وخص بالذكر الصريح جريدتي الصباح والنهار المغربية، وكأن الجريدتان مسؤولتان عن أزمة المغرب ومشاكله المتراكمة يوما بعد آخر.

 

 

فالإعلام يؤدي دوره سواء كان مع بنكيران أو ضده. إذ أن السلطة الرابعة دورها كشف الخلل في تدبير الشأن العام وليس كيل المدائح للوزراء. ورحم الله علي يعتة، الأمين العام الأسبق لحزب التقدم والاشتراكية، عندما قال في لقاء مع مراسلي البيان إن العامل إذا قام بشيء جيد فهو وظيفته ولا داعي لكتابة مقال عن ذلك ولكن إذا قام بشيء غير جيد فينبغي الكشف عن ذلك.

 

 

وكم كنا سنبتهج لو أن بنكيران قدم لنا وصفته لتجاوز أزمة الثقة الحالية، التي تخيم على الأوساط الاقتصادية، بدل الاستمرار في اجترار نفس الكلمات التي لم تعد تثير أحدا، بل بالعكس زادت من خلق حالة من البلبلة، التي وصلت حد الشك والتشكيك في ممارسات هذه الحكومة التي لم تفعل شيئا منذ مجيئها سوى أنها أضافت ساعة للتوقيت الرسمي للمملكة، وهو إنجاز مع ذلك لا يحسب لحكومة بنكيران.

 

 

ما قاله بنكيران وما فعله خلال تجمع نقابة الإسلاميين ليس سوى دموع تماسيح ذرفها لاستدرار عطف المغاربة، الذين اكتشفوا بعد أربعة اشهر أن بنكيران أتعس ممن سبقه، فعلى الأقل من سبقوه لم يتحدثوا عن جيوب مقاومة، وعن الخصوم السياسيين وكان بنكيران وحزبه أحد أشرس هؤلاء الخصوم، فعباس الفاسي حين تأتي العاصفة كان ينحني لها إلى أن تمر، وبعدها يعود لعمله المعتاد، فلم يضيع كثيرا من الوقت في إحصاء أنفاس الجرائد والسياسيين مع أن ما تعرض له أضعاف أضعاف ما يتعرض له اليوم بنكيران، لكن ولأن صدر العدالة والتنمية ضيق فإنه لا يتسع للجميع وبالكاد يمكن أن يسمح لمن هو موالوه في التنفس، أما الباقي فعليهم الموت، أو البحث عن أرض أخرى لا توجد فيها العدالة والتنمية.

 


هذا هو بنكيران، وهذه نواياه فهل تصل الرسالة إلى الشعب المغربي.      

تابع آخبار تليكسبريس على akhbar