حركة 20 فبراير تبحث عن الفتنة وإغراق البلاد في حمام دم

 

 

 

عزيز الدادسي

لم يكد الملك محمد السادس ينهي خطاب يوم الجمعة الأخير حتى انتفض شباب حركة 20 فبراير، أو على الأقل هذا ما ظهر من التصريحات التي تلت الخطاب، ليقولوا إنهم ضد الدستور الحالي، وسيخرجون للتظاهر، والمؤكد أن أغلب المنتسبين لحركة 20 فبراير لم يمنحوا لأنفسهم الوقت الكافي لقراءة وثيقة الدستور، ومعرفة ماذا جاءت به، وأي البنود التي لم ترق إلى تطلعاتهم، كما لم يعقدوا أي اجتماعات تنسيقية وتشاورية كما حدث مع أغلب التنظيمات السياسية والحزبية، على الأقل حتى يكون احتجاجهم مبني على وقائع حقيقية، وتحليلات موضوعية، ومن هنا تأتي مشروعية السؤال الذي يطرحه المراقبون.

ماذا يريد شباب 20 فبراير أو بالتحديد من يجند هؤلاء الشباب؟

 

منذ انطلاق الحراك السياسي في المغرب، اختلف سقف المطالب، بين إصلاحات سياسية واقتصادية وحتى حقوقية، وبين إلغاء الدستور، بل وحتى إلغاء النظام الملكي الذي يسود ويحكم، وظهرت منذ البداية نوايا جهات تسعى إلى تنفيذ مخطط قديم عاشه المغرب خلال سبعينيات القرن الماضي، والذي كان يهدف إلى تقويض النظام الملكي، وهو المخطط الذي تم تحيينه ليصبح ملكية برلمانية ودستور شعبي، لذلك لم يكد الملك ينهي خطابه حتى ارتفعت الأصوات النشاز التي قالت إن الدستور الجديد لا يختلف عن سابقه، وأنه نسخة طبق الأصل مع اختلاف في ترقيم بنوده، حيث دعت الحركة ومن يقف وراءها إلى النزول إلى الأحياء الشعبية من جديد للتظاهر ضد الدستور.

 

لقد أثبت شباب حركة 20 فبراير أن الدستور الجديد آخر ما يثير اهتمامهم، كما هو حال الدستور السابق الذي لم يعرفوا حتى مضامينه، ومع ذلك طالبوا بإسقاطه، لأن هؤلاء الشباب الذين اختلطوا مع بقية الشعب مساء يوم الجمعة الماضي، يطالبون بإسقاط الدستور، وإحداث مجلس تأسيسي، وهو مقدمة نحو نظام جمهوري ظلت مجموعة من الأطراف تتحين الفرصة من أجل إقامته دون أن تنجح في مسعاها، لذلك وجدت الفرصة مواتية على الأقل لمعاودة النقاش السياسي حول مطالبها الراديكالية التي لا تلاقي أي تجاوب من طرف فئات المجتمع المغربي، والتي ترى في النظام الملكي ضامن الإستقرار السياسي والأمني.

 

لذلك فإن خروج شباب حركة 20 فبراير والداعمين لهم من اليسار الراديكالي والمنتسبين لجماعة العدل والإحسان، يدخل في سياق تنفيذ الأجندة السياسية الموضوعة لهم، فمطالب هذه الحركة زاغت عن الطريق، وتحولت من مجرد مطالب سياسية واجتماعية وحتى حقوقية، إلى مطالب تريد منازعة الملك في سلطته السياسية والدينية والتي هي جزء لا يتجزأ من تاريخ المغرب الذي يعود إلى 14 قرنا خلت، وهو ما يؤكد أن ممارسات هذه الحركة لم تعد مرتبطة بالشعب المغربي، بل إن الهدف الأساسي من ورائها زرع الفتنة بين مكونات الشعب، وخلق خطاب التشكيك.

 

لقد آمنت كل مكونات الشعب المغربي بالتغيير، وانخرطت في خضم النقاش السياسي الذي انطلق منذ 9 مارس الأخير، وسيتستمر إلى حين الإستفتاء على الدستور، ومن حق جميع التيارات السياسية أن تشارك برأيها في هذا النقاش، شريطة أن يكون مستندا على قرائن وأدلة مقنعة، وليس على مجرد خطاب ديماغوجي يعود إلى سنوات السبعينات.

 

إذن لم يعد مقبولا خروج هؤلاء الشباب تنفيذا لأجندة التيارات الراديكالية بل عليهم أن يلجوا الفضاءات العامة لمناقشة الدستور وإبداء وجهة نظرهم فيه قبولا ورفضا وغير ذلك هو إبتغاء للفتنة وإغراق البلاد في حمام دم.   

تابع آخبار تليكسبريس على akhbar