المغرب مرشح لدخول نادي الدول المنتجة والمصدرة للبترول

أكد التقرير المالي والاقتصادي المرفق لمشروع قانون المالية لسنة 2023، الذي أحالته الحكومة على البرلمان، وجود تحديات جديدة للأمن الطاقي في المغرب في ظل الأزمة الطاقية الحالية، مشيرا إلى أن المغرب يعاني بصفته مستورداً لجل حاجياته من المنتجات البترولية المكررة، وبشكل كبير من آثار هذه الأزمة الطاقية العالمية.

وحسب التقرير، فقد بلغ معدل التبعية الطاقية حوالي 90% سنة 2019 (مع تسجيل انخفاض في هذه النسبة مقارنة مع السنوات السابقة)، وإضافة إلى ذلك، وعلى الرغم من التقدم الكبير المسجل على المستوى الوطني من حيث تعزيز القدرة المنجزة للطاقات المتجددة، فإن حصة المنتجات البترولية في المزيج الطاقي لا تزال كبيرة، بنسبة قاربت 53% سنة 2019.

وعرفت الأسعار العالمية للمنتجات الطاقية ارتفاعا ملحوظا منذ بداية سنة 2022، وأمام هذه الزيادات عرفت التوازنات المالية والخارجية ضغطا كبيرا مع الزيادة المسجلة في الفاتورة الطاقية التي تضاعفت عند نهاية غشت 2022 لتصل إلى 103 مليارات درهم وكذا تضاعف الميزانية المخصصة لنفقات المقاصة من 16 مليار درهم التي كانت مبرمجة في قانون المالية 2022 إلى ما يناهز 32 مليار درهم، بعد فتح اعتمادات إضافية، بما في ذلك 9,8 مليارات درهم مخصصة للبوتان.

وفي السياق نفسه أفاد التقرير بأنه، وبالنظر لتوقعات استمرار ارتفاع أسعار المنتجات الطاقية على المستوى العالمي، ولا سيما المنتجات المكررة، فإن المغرب مدعو، أيضا، إلى وضع مجموعة من الإجراءات الكفيلة بتأمين ولوج اقتصاده إلى تزويد مستمر بموارد الطاقة الأساسية، ولا سيما المنتجات البترولية المكررة والغاز الطبيعي. وفي هذا الإطار، ومن أجل تأمين احتياجاته من الغاز الطبيعي، تم إبرام اتفاقية ثنائية بين المغرب وإسبانيا والتي تم بدء العمل بها متم شهر يونيو، وتتعلق بنقل الغاز الطبيعي من إسبانيا إلى المغرب أنبوب الغاز المغاربي الأوروبي، وذلك في إطار علاقات التعاون بين البلدين الجارين.

وأشار التقرير إلى أن المغرب اتخذ عدة تدابير لتعزيز الأمن الطاقي للبلاد وتحسين مناعته وتنافسيته الطاقية، من بينها تسريع تطوير الطاقات المتجددة وتعزيز حصتها في المزيج الطاقي الحل الأمثل للمغرب لمواجهة هذه التحديات المختلفة في إطار استراتيجية الانتقال الطاقي التي سجلت بالفعل، منذ إطلاقها سنة 2009، تقدما كبيرا (37,6% من القدرة الكهربائية المنجزة سنة 2021).

وأشار التقرير إلى أن تطوير الغاز الطبيعي أصبح خيارا استراتيجيا للمساهمة في تنويع مصادر الطاقة والحد من مشاكل الانقطاعات الناجمة عن الاعتماد المكثف على الكهرباء المتجددة، وكذلك لضمان سلامة تزويد محطات الطاقة الكهربائية المعتمدة على الغاز الطبيعي في تشغيلها. وفي هذا الإطار، تم، في غشت 2021، وضع خارطة طريق وطنية لتطوير الغاز الطبيعي 2021-2050. وتتمحور أهداف هذه الخارطة حول إنشاء سوق منظم للغاز الطبيعي من خلال تحفيز التطور التدريجي للطلب، وتطوير مشروع للبنية التحتية للغاز، وولوج المصنعين وباقي المستهلكين إلى طاقة تنافسية، وكذا تحسين تنافسية المصدرين الصناعيين المغاربة وتطوير أنشطة إضافية أخرى حول سلسلة الغاز الطبيعي.

وبالإضافة لما سبق، ومن أجل تأمين احتياجاته من الغاز الطبيعي، تم اعتماد مجموعة من التدابير الطموحة، بما في ذلك إنشاء وحدة تخزين الغاز الطبيعي المسال وإعادة تحويله إلى غاز بهدف تأمين تزويد مستمر ومتنوع من الغاز الطبيعي. وعلى المدى الطويل، يتم تنفيذ مشروع ذي أهمية كبيرة يتعلق ببناء خط أنابيب غاز بين المغرب ونيجيريا يقارب طوله 6.000 كيلومتر ويمر عبر عشر دول لربطها بالسوق الأوروبية.

ويعمل المغرب، حسب التقرير، على تطوير الهيدروجين الأخضر كمشروع واعد لتوليد الطاقة النظيفة، مؤكدا أن سلاسل الإنتاج المتعلقة بالهيدروجين تفتح آفاقا كبيرة. وأشار التقرير إلى تصنيف المغرب، وفقا لمجلس الطاقة العالمي بألمانيا، كواحد من خمسة بلدان تتوفر على أكبر إمكانات لإنتاج وتصدير الجزيئات الخضراء (الأمونيا والميثانول…). ويمكن أن يستحوذ على ما يناهز 4 % من سوق الهيدروجين العالمي، وفقا لوزارة الطاقة، أو ما يقارب 3 مليارات دولار.

وأوضح التقرير أن هذه التكنولوجيا تتميز بمستقبل واعد، خاصة في مجال التنقل والصناعة. ولا تقتصر مميزاتها على تكلفتها فقط وإنما تشمل أيضا تأثيرها المنخفض جدا على البيئة مقارنة بالطاقات الأحفورية. ويتطلب تطوير الهيدروجين، باعتباره «بترول أخضر»، مجهودا وطنيا كبيرا للإسراع في دعم المهارات والكفاءات اللازمة لتطوير التقنيات، بالموازاة مع تعزيز التقارب مع الفاعلين المتميزين على المستوى الدولي. وسيمكن تطوير هذا المورد المغرب، على مدى السنوات القليلة القادمة، من توفير الهيدروجين الأخضر والجزيئات الخضراء لسوقه المحلي وكذلك للخارج، ولا سيما أوروبا.

وفي هذا الإطار، تم إطلاق خارطة طريق للهيدروجين الأخضر في يناير 2021 والتي تفتح آفاقا كبيرة للتصنيع تهم مختلف مراحل سلسلة القيمة، بما فيها تحلية المياه، والطاقات المتجددة (الكهروضوئية والريحية)، والتحليل الكهربائي والكيمياء الخضراء، وستتكلف «اللجنة الوطنية للهيدروجين»، برئاسة وزارة الطاقة، والتي تضم جميع الجهات المعنية، بالتنسيق وكذا تنفيذ هذه الخارطة من خلال التطوير التكنولوجي والاستثمارات والبنيات التحتية والأسواق.

تابع آخبار تليكسبريس على akhbar