المغرب-اسبانيا.. علاقة متجددة وشراكات لا تتوقف

في مثل هذا اليوم من سنة 2022، بعث رئيس الحكومة الإسبانية، بيدرو سانشيز، رسالة إلى صاحب الجلالة محمد السادس، أيّد من خلالها مقترح الحكم الذاتي، وهو ما وضع علاقة البلدين في سكة جديدة موضوعة على خارطة طريق عزّزت، ومازالت، العلاقة بين المملكتين.

هذه الرسالة جاءت منسجمة مع الخطاب الملكي في 20 غشت 2021، الذي دعا فيه جلالته إلى تدشين مرحلة جديدة وغير مسبوقة في العلاقات بين البلدين.

وبعد مرور عام على هذا الموقف الإسباني التاريخي، انطلقت علاقة المغرب وإسبانيا بوتيرة سريعة ومتجددة، من خلال كمّ الاتفاقيات التي وقعها الجانبان، والتي لم تغفل أي جانب من جوانب العلاقة، خصوصا بعد استقبال جلالة الملك سانشيز في 7 أبريل 2022، وصدور بيان مشترك يضع خارطة طريق للعلاقة الثنائية.

ومنذ هذا التاريخ شكل البلدان مجموعات عمل، وعقدا أكثر من لقاء ترأسه كبار المسؤولين، جرت بين مدريد والرباط، واتفقا على ما هو أمني وسياسي واقتصادي واجتماعي وثقافي ورياضي. قبل أن يُدخلا العلاقة في مرحلة أكثر عمليّة في فبراير المنصرم حين تم عقد المنتدى الاقتصادي المغربي-الإسباني، وفي الموالي الاجتماع رفيع المستوى الذي لم يُعقد منذ 2015.

ويؤكد عبد الواحد أكمير، مؤرخ ومهتم بالعلاقات المغربية الإسبانية، أن الرسالة التي بعثها سانشيز في 14 مارس 2022 إلى جلالة الملك “تؤرخ لموقف تاريخي إسباني من قضية الصحراء المغربية”.

وأبزر أكمير، في تصريح لموقع “إس إن إر تي نيوز”، أن “الأمور تقدمت بشكل كبير بين البلدين”، مشيرا إلى أنه في فبراير الماضي تم التوقيع على 19 اتفاقية في مختلف المجالات، وأن البيان الصادر عقب الاجتماع رفيع المستوى “زكى الموقف الإسباني، وهو ما يعني أنه موقف دولة وليس موقف حكومة، وبالتالي لن يتغير بتغير الحكومة”.

وأكد أكمير في تصريحه أن المغرب وإسبانيا تربطهما شراكة استراتيجية، على رأسها الملف الأمني، حيث تثمن إسبانيا مجهودات المغرب من أجل ضمان الاستقرار الدولي في منطقة الساحل والصحراء والبحر الأبيض المتوسط والمحيط الأطلسي.

وأَضاف أنه عندما ستترأس إسبانيا الاتحاد الأوروبي بعد شهرين من الآن، ستنظم مؤتمرا دوليا حول الأمن الأوروبي مع دول الجوار، وتعول على المغرب في ذلك.

شراكة اقتصادية راسخة

وانتعشت العلاقات الاقتصادية بين البلدين في الأشهر الأخيرة، وهو  ما تؤشر عليه بيانات من الجمارك الإسبانية، التي أكدت أن صادرات الجارة الشمالية إلى المغرب بلغت 11,74 مليار أورو، محققة بذلك زيادة بـ23,6 في المائة مقارنة مع سنة 2021، مقابل استيرادها من المغرب ما مجموعه 8,69 مليار أوروا (بزيادة 19.1 في المائة مقارنة مع 2021).

ووفق الأرقام التي وفرتها الجمارك الإسبانية، والتي ركز عليها الإعلام الإسباني، فإن مستويات التبادل التجاري بين البلدين تجاوزت ما حققته قبل جائحة كورونا.

وأصبح المغرب في المرتبة 13 في قائمة الدول الموردة بالنسبة لإسبانيا. وتتضمن المواد التي صدرها أساسا من الأجهزة الالكترونية والملابس النسائية ومعدات السيارات والمنتجات البحرية. في المقابل صدرت إسبانيا الوقود وزيوت التشحيم ومعدات السيارات والمدات الإلكترونية.

وبحسب المحلل الاقتصادي، مهدي الفقير، فإن تعزيز العلاقات التجارية بين البلدين لا يرجع فقط إلى التقارب السياسي بين البلدين، ولكن قبل كل شيء إلى التقييم التجاري الجيد.

ويرى فقير، في تصريح للموقع ذاته، أن إسبانيا أدركت الأهمية الاستراتيجية للشراكة مع المغرب، مضيفا أنها شراكة مربحة لكلا البلدين، مؤكدا أن إسبانيا تتبنى موقفا عقلانيا في علاقاتها التجارية.

وأبرز أن “إسبانيا تبحث عن أفضل العروض، والعرض المغربي جذاب، وبالتالي يلبي احتياجاتها وهذا بدأ يؤتي ثماره”، لافتا إلى أنه على عكس الشركاء التجاريين الآخرين، لا تفرض إسبانيا أي شروط على المغرب في ما يتعلق بالتجارة، وهو ما يفسر تعزيز العلاقات التجارية بينهما.

وأشار مهدي فقير إلى أن “البلدين اتخذا خيارا ذكيا من خلال الحفاظ على العلاقات التجارية التي ترضي مصالح البلدين”.

تابع آخبار تليكسبريس على akhbar