نظام العسكر الجزائري يصاب بالسعار بسبب تطبيق المغرب لقانون نزع الملكية

نُشر بالجريدة الرسمية عدد 5811  بتاريخ 2 رمضان الموافق لـ13 مارس 2024، مشروع مرسوم بإعلان ان المنفعة العامة تقتضي بتوسعة مباني إدارية لفائدة وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الافريقي والمغاربة المقيمين بالخارج بجماعة الرباط،  وبنزع ملكية العقارات اللازمة لهذا الغرض.

مشروع المرسوم، حسب  الجريدة الرسمية، جاء بناء على القانون رقم 81-7 المتعلق بنزع الملكية لأجل المنفعة العامة وبالاحتلال المؤقت، وكذا المرسوم رقم 2.82.382 الصادر في 16 ابريل 1983 بتطبيق القانون رقم  7.81 ، وباقتراح من وزيرة الاقتصاد والمالية وبعد استشارة وزير الداخلية.

وجاء في مشروع المرسوم ان المنفعة العامة تقتضي بتوسعة مباني إدارية لفائدة وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الافريقي والمغاربة المقيمين بالخارج بجماعة الرباط، وبنزع ملكية العقارات اللازمة لهذا الغرض والمتمثلة حسب جدول ملحق بمشروع هذا المرسوم، في ست عقارات ضمنها ثلاث عقارات في ملكية الجزائر.

وكعادته في الكذب والافتراء، سارع نظام العسكر الجزائري إلى إصدار بلاغ عبر وزارة خارجيته، عبر من خلاله عن احتجاجه معتبرا أن المملكة المغربية شرعت في “مرحلة تصعيدية جديدة في سلوكياتها الاستفزازية والعدائية تجاه الجزائر، على شاكلة ما تم تسجيله مؤخراً من مشروع يهدف لمصادرة مقرات سفارة الدولة الجزائرية في المغرب”!.

وأكد نظام العسكر، في بلاغه، بأن هذا المشروع “يمثل انتهاكا صارخا لحرمة وواجب حماية الممثليات الدبلوماسية للدول السيدة، وهي الالتزامات التي يكرسها القانون والعرف الدوليين على حد سواء”!

وأشارت الخارجية الجزائرية إلى أن المشروع المغربي، “الذي يتنافى مع الممارسات الدولية المتحضرة، يتعدى بشكل جسيم على الالتزامات المنبثقة عن اتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية، والتي تفرض على المغرب احترام وحماية السفارات المتواجدة على أراضيه في كل الأوقات وتحت جميع الظروف”.

و”أدانت” الجزائر ما اسمته “عملية السلب متكاملة الأركان هاته”، منددة بشدة “بعدم شرعيتها وعدم توافقها مع الواجبات والالتزامات التي ينبغي أن تتحملها، بكل صرامة ومسؤولية، أي دولة عضو في المجموعة الدولية”.

وقالت إنها سترد على ما اسمته بـ”هذه الاستفزازات بكل الوسائل التي تراها مناسبة. كما أنها ستلجأ إلى كافة السبل والطرق القانونية المتاحة، لاسيما في إطار الأمم المتحدة، بغرض ضمان احترام مصالحها”.

بلاغ وزارة الخارجية الجزائرية بعيد كل البعد عن المبادئ والأعراف ألدبلوماسية  من خلال لغته البذيئة والمصطلحات التي لا تليق بدولة تحترم نفسها، إذ في مقابل الحديث عن الواجبات والالتزامات الدولية واتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية والأمم المتحدة، والممارسات الدولية المتحضرة، فإن كاتب البلاغ يتناقض مع كل ما استند إليه للهجوم على المغرب من خلال لغة التنديد والإدانة واستعمال مصطلحات لا تليق بالمقام وهو ما يكشف بما لا يدع مجالا للشك، بان نظام العسكر لا يفقه شيئا في مجال الدبلوماسية والعلاقات الدولية التي يتبجح بالالتزام بها.

نظام العسكر، ومن خلال بلاغ وزارة خارجيته، تحجج بالالتزامات المنبثقة عن اتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية، في ما يتعلق باحترام وحماية السفارات المتواجدة على أراضي الدول المضيفة في كل الأوقات وتحت جميع الظروف، إلا انه لم يذكر كيف خرق المغرب هذه الالتزامات، والحال ان الأمر يتعلق بنزع ملكية لأجل المنفعة العامة وهو إجراء يدخل في إطار قانون نزع الملكية، الذي يتم تفعيله في جميع الدول بما فيه الجزائر نفسها، ثم إن القانون المغربي رقم 81-7 المتعلق بنزع الملكية لأجل المنفعة العامة وبالاحتلال المؤقت، يعتبر من بين القوانين الدولية المتقدمة والتي تحترم مبدأ التدرج والتسلسل الهرمي للقوانين وضمنها احترام القوانين والاتفاقيات الدولية التي صادق عليها المغرب ومنها اتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية التي تحدث عنها بلاغ العسكر الجزائري. وللإشارة فإن هذه الاتفاقية وإن كانت تقر بواجب احترام وحصانة مقرات التمثيليات الدبلوماسية للدول، إلا أنها لا تمانع في نزع ملكية العقارات التابعة لهذه التمثيليات، في حالات معينة وضمنها المنفعة العامة، وهو ما يسري على عقارات الجزائر التي أعلن المغرب نزعها بالرباط.

 

 

18BO2Sans titre 3

18BO3Sans titre 2

18BOSans titre 1

ثم إن هذه العقارات ليست موضوعا للمصادرة كما يدعي نظام العسكر في بلاغه، وإنما موضوع مسطرة نزع الملكية، التي يؤطرها القانون، ولا تكون إلا استثناء وبتعويض المالك تعويضا عادلا، على عكس المصادرة التي هي عقوبة نجد أصولها في قانون العقوبات والقوانين الأخرى، وهي جزاء لعمل خاطئ تمثل بفعل أو ترك…

ثم إن قانون نزع الملكية المغربي، الذي يحترم كل الالتزامات المنبثقة عن اتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية، ينص على أنه لا يجوز نزع الملكية في أربع حالات، وهي ملكية المباني ذات الصبغة الدينية المعدة لإقامة مختلف الشعائر وكذا المقابر والعقارات التابعة للملك العام والمنشآت العسكرية. عدا ذلك فإن الدولة المغربية، لها كامل الصلاحيات لنزع ملكية العقارات كيفما كان نوعها ومالكها وذلك باحترام الاجراءات والتدابير المعمول بها في هذا المجال.

للإشارة فقط، فإن العقارات موضوع نزع الملكية خالية ولم تعد تستغل من طرف الدبلوماسية الجزائرية وذلك منذ ان تم تشييد مقر السفارة الجزائرية الجديدة بشارع محمد السادس بطريق زعير على أرضة شاسعة قدمت لجيران السوء مجانا، كتعويض عن المقر القديم، إلا أن نظام العسكر ماطل كعادته في تسليم العقارات القديمة الموجودة قرب وزارة الخارجية، وذلك لشيء في نفس الكابرانات.

يشار الى أن سفارة واشنطن بالرباط التي تقع بالقرب من وزارة الخارجية المغربية تم نقلها هي الأخرى إلى شارع محمد السادس بالسويسي دون اي إشكال ولم نسمع ان الولايات المتحدة الامريكية احتجت على ذلك، كما ان مسطرة نزع الملكية التي تم الاعلان عنها بالجريدة الرسمية عدد 5811 ضمت إلى جانب عقارات الدولة الجزائرية، ثلاث عقارات أخرى لمواطنين مغاربة ولم تهم العقارات الجزائرية فقط.

جاء في بلاغ نظام العسكر، أن الجزائر سترد على ما اسمته بـ”هذه الاستفزازات بكل الوسائل التي تراها مناسبة. كما أنها ستلجأ إلى كافة السبل والطرق القانونية المتاحة، لاسيما في إطار الأمم المتحدة، بغرض ضمان احترام مصالحها”، وإذا كان القانون الدولي يسمح باللجوء إلى المحكمة الدولية للتقاضي بشأن تعويض العقارات التي انتزعت مليكتها، فإن قول الجزائر بانها “سترد بكل الوسائل التي تراها مناسبة”، قبل اللجوء إلى “السبل والطرق القانونية المتاحة”، تثير الكثير من التساؤلات حول هذه “الوسائل” التي تراها عصابة العسكر الجزائري “مناسبة”، وما إذا كان الأمر يتعلق بعملية طرد إجرامية أخرى في حق المغاربة المقيمين بالجزائر كما وقع سنة 1975 خلال ما عرف بـ” المسيرة الكحلة”، وكذا ما جرى مؤخرا بمنطقة العرجة بفكيك، عندما تم طرد المغاربة ومصادرة أراضيهم التي عاشوا فوقها وزرعوها لعقود…

تابع آخبار تليكسبريس على akhbar