عندما تصبح اخطاء الرقن مادة إعلامية للابتزاز والتشهير وآلة حرب تمنح لخصوم الوطن

الخطأ الأبيض مثل الكذب الأبيض، ومثل ما توجد أخطاء مقصودة يتم تمريرها داخل مادة صحفية، أو مقال أو نشرة تلفزية أو إذاعية، فهناك أخطاء غير مقصودة، ولا إرادية تنتج عن الضغط أو التعب، وتدخل في سياق متاعب المهنة، والصحافي المهني غالبا ما يتعرف على الأخطاء المقصودة من الوهلة الأولى، والأخرى غير المقصودة والخارجة عن الإرادة، والحديث هنا عن الخطأ الذي وقعت فيه قناة ميدي 1 تيفي عشية إحياء أمير المؤمنين جلالة الملك محمد السادس ليلة القدر بمسجد الحسن الثاني بالدار البيضاء، والذي أجمع جل الزملاء داخل المهنة أنه غير مقصود بتاتا، وليس من الأخطاء المبنية عن سبق الإصرار، وإلا سيتم حبك خطأ جسيم أكثر إثارة مما تم.

لكن المثير في هذه الواقعة، ليس الخطأ بعينه، وإنما الطريقة المريبة التي وظفها الموقع الالكتروني الذي أثار الموضوع، وهي التي يجب أن نضعها تحت المجهر، لأنها تحمل في طياتها الكثير من التدليس والتغليط والتحامل، وتوحي على أن استغلال الخطأ الذي وقعت فيه قناة ميدي 1 تيفي، تم بغرض تصفية حسابات ضيقة، وممارسة عملية ابتزاز بخسة.

وللمزيد من التوضيح، فالزملاء داخل مهنة المتاعب يدركون جيدا أن الموقع الذي استبق لإثارة هذا الخطأ التافه، والذي نجد من أمثاله الكثير والكثير يوميا داخل المواقع والصحف الورقية، هذا الموقع الإلكتروني يمتلك وكالة لإنتاج الأفلام التلفزية، وربما وجد هذا النوع من الابتزاز وسيلة للضغط على إدارة القناة لكي تمنحه حصة محترمة من الأفلام والبرامج الوثائقية، التي أصبحت بعض المؤسسات الصحفية تتجه إليها بغية تنمية مداخليها.

ومما يزيد الطين بلة، هو أن الموقع المذكور والذي تطاول بدناءة منقطعة النظير على مؤسسة إمارة المؤمنين، عبر إقحامها في عملية ابتزاز مكشوفة،  قد فتح الباب بفعلته هاته أمام تداول أوسع للقضية، من قبل المواقع الانتهازية التي لا تفوت الفرصة أمام أي خبر من شأنه رفع نسب مشاهداتها،  بدون أن تكلف نفسها عناء البحث عن خلفياته.

وجدير بالذكر أننا داخل موقع تليكسبريس لا ندافع عن مدير الأخبار الجديد بقناة ميدي 1 تيفي، لأنه وبكل بساطة لا معرفة لنا شخصية بالرجل، غير أننا نعلم أن مدير الأخبار الجديد للقناة هذا، هو صحافي حامل للجنسية المغربية، ولد ونشأ وتربى في المغرب ودرس في المدرسة العمومية المغربية إلى أن حصل على شهادة الباكالوريا من ثانوية وادي الذهب بأصيلا، ثم التحق بالمعهد العالي للإعلام والاتصال بالرباط، الذي تخرج منه قبل أن يشتغل بإذاعة البحر الأبيض المتوسط الدولية ميدي 1، التي قضى فيها بضع سنوات قبل أن يغادرها للعمل في محطات تلفزية عربية منها إم بي سي وفرانس 24، التي شغل فيها منصب رئيس تحرير في قسم الأخبار بالعربية.

إننا نعلم جيدا مثلما يعلم كافة الزملاء الصحفيين، أن هذه القناة تعيش على وقع التشويش والتآمر من قبل بعض الصحافيين المنتهية صلاحيتهم إما بطيب خاطر او بطرد منها، والذين باتوا يشكلون شبكة من العلاقات المشبوهة التي يتداخل فيها المال مع تصفية الحسابات، في مشهد لا يختلف عما تم تداوله في قضية بوصوف ومن معه، حيث استعملوا الثوابت الوطنية في تصفية حساباتهم.

وإذا كان الشيء بالشيء يذكر فلابد للزملاء من استحضار قيم ومبادئ المهنة، والتحلي بالحكمة والتبصر في تعاملهم مع مثل هذه الأمور، فخطأ بسيط وغير مقصود، أصبح للأسف حديث كبريات وسائل الإعلام العالمية، ومعه طبعا أذرع الصحافة المعادية،  فلولا انتشار مادة ذات صبغة انتقامية، ما تم الانتباه إلى خطأ عادي وغير ذي أهمية ليتم استعماله من طرف الاعداء والتشهير بالثوابت، وهو ما نبهت له النيابة العامة في تعاملها مع تسريبات بوصوف الى المدعو فرحان.

والأغرب من كل هذا وذاك، أن يقوم صاحب الخبر الذي نشره أول مرة بنية مبيتة، أن يقوم بتوزيعه على صفحة موقعه بالفيسبوك “sponsorisé “, فمنذ متى يتم دفع المال داخل الصحافة لتوزيع خبر “مظلل” يضر بسمعة الصحافة المغربية على اوسع نطاق، أو أليس توظيف المال في توزيع الخبر يدل على أن الامر يتعلق بمحاولة ابتزاز واضحة، واستعمال المال في نشرها هو أحد الأركان المادية التي تثبت النية المبيتة، علما أن صاحب الموقع الذي أقدم على هذا الفعل كان بامكانه توفير ما أنفقه من أموال لنشر مادة مظللة،  وإجراء مكالمة هاتفية بسيطة مع إدارة القناة  للاستعلام عن الحقيقة الكاملة قبل نشره الخبر، حيث أن قواعد المهنة تقتضي التحقق من الخبر قبل نشره، والتواصل مع المعني بالامر وإبلاغه بالموضوع وأخذ إفادته وتضمينها في الخبر قبل نشره، حتى يكون متوازنا و مهنيا، وهو ما تم تغييبه في هذه الواقعة مما يعد خرقا سافرا لظوابط مهنة الصحافة، بل و يمكن اعتباره ركنا ماديا ثانيا واضحا وساطعا يؤكد عملية الابتزاز.

فلماذا التحامل على قناة إخبارية رائدة وناحجة تقطع الطريق على الانتهازيين والوصوليين، تشغل مغاربة وجزائريين وموريتانيين وسينغاليين أسوة بالتنوع الذي يتماشى وطبيعة القناة؟ ولماذا بات التشهير والتضليل والابتزاز معول الهدم الذي يستعمله البعض من الصحافيين في ممارسة المهنة، وإلى متى سيستمر القفز على المقدسات والثوابت لإقحامها في حروب تصفية الحسابات بدون زجر ولا عقاب؟

تابع آخبار تليكسبريس على akhbar