قضية إصلاح الإدارة.. مسألة نفوس قبل أن تكون نصوصا

إن تكريس مبدأ الحكامة الذي نص عليه الفصل 154  من الدستور، الذي ينص على ما يلي ” يتم تنظيم المرافق العمومية على أساس المساواة بين المواطنات والمواطنين في الولوج إليها، والإنصاف في تغطية التراب الوطني، والاستمرارية في أداء الخدمات.

 

  تخضع المرافق العمومية لمعايير الجودة والشفافية والمحاسبة والمسؤولية، وتخضع في تسييرها للمبادئ والقيم الديمقراطية التي أقرها الدستور.”

وذاك ما يقتضي إعادة تنظيم  إعادة تنظيم طريقة عمل الإدارة العمومية وتحديث السياسيات  العمومية، تمثل مسار لا غنى عنه و  هدفا رئيسيا في هذا الاتجاه، في إطار مراجعة المهام والصلاحيات الممنوحة لمختلف الهياكل، من أجل تحقيق الكفاءة والفعالية المطلوبة من  الإدارة و تنزيلا لمبدأ اللامركزية.

و بالتالي فالخلل الحقيقي يتمظهر في بنية العقلية لوزير المشرف على القطاع، الذي نراه اليوم يسابق الزمن ليس من اجل إحقاق الإصلاح الإداري بل من اجل ضمان بقاءه ضمن التعديل الحكومي المقبل.

لذى نراه محمد بنعبد يهرول في الوقت بدل الضائع من عهدته الحكومية، لإخراج مراسيم تهم تحديث الإدارة و يتسلح بإرادة قوية من أجل الإفلات من التعديل.

وهذا ما يثبت من جديد أن مسار تحديث الإدارة لا يقتصر على مراجعة الإطار القانوني أو إنشاء هياكل جديدة فحسب، بل يتطلب أيضا تحقيق تحول حقيقي في العقليات المشرف على هيكلة الخدمات العمومية، باعتباره الشرط الأول في اتجاه تنفيذ برامج الإصلاح الحقيقي للإدارة.

أكيد أن تضخم الهياكل الحكومية و الإدارية أدى إلى تعدد المتدخلين، و ساهم في تعقيد التنسيق الحكومي.

غير أن الضعف الحقيقي الذي يعاني منه القطاع يتجسد في شخصية الوزير الذي أتبث عدم  دراية، و قصور معرفته، وعدم تملكه لرؤية  سياسية، تتسلح بالإبداع و بالإدارة في التغيير، ما لم يستوعبه محمد بنعبد القادر أن الإصلاح هو مسألة نفوس قبل أن تكون نصوص، فمواجهة الاختلالات الادارية و فوضى تعدد المتداخلين  الإداريين  عموديًا (داخل الهيكل الإداري نفسه) وأفقياً (الهياكل العاملة في نفس المجال).

 هذا الوضع يتطلب  إقرار استراتيجية واضحة المعالم وبجدولة زمنية مضبوطة تقوم علي أساس دمج محاور مجالات الوظيفية، بغية مواجهة الاختلالات في الإدارة العمومية، و اتجاه الإدارة إلي نهج استباقي يحول دون حدوث إختلالات.

كما أن التنزيل السليم للجهوية الموسعة، يقتضي ضرورة تحقيق توزيع مناسب ومسبق للوظائف والمهام بين المستويين المركزي والترابي، بما من شأنه أن يكرس مبدأ اللامركزية ويمنح السلطات للجماعات الترابية، في إطار تحديد واضح للأدوار والمسؤوليات واستخدام آليات المشاركة والمساءلة.

إن استراتيجية تحديث الإدارة العمومية والوظيفة العمومية، ينبغي أن يكون وفق مقاربة تشاركية، ورؤية استشرافية.

و لتحقيق هذا، فان الوزير الحالي يفتقد الأهلية المعرفية و القوة السياسية والشخصية التوافقية التي تمكنه من تجاوز مرحلة التشخيص للوضع الحالي للإدارة إلى مرحلة التنزيل.

تابع آخبار تليكسبريس على akhbar