الشبيبة الإتحادية وفضيحة “اليوزي”

بعد اختتام فعاليات المؤتمر الـ 33 للشبيبة الإشتراكية العالمية المعروفة (باليوزي) بمدينة بيتشيتشي بجمهورية مونتنيغرو، والتي عرفت أطوارها فشل غير مسبوق لتمثيلية المغرب حيث حصل اتحاد شبيبة الساقية الحمراء وواد الذهب للجمهورية الوهمية بمنصب نائب رئيس منظمة الإتحاد الدولي للشبيبة الإشتراكية (اليوزي) مع منح العضوية الكاملة خلال جلسة التصويت.

ويسعى اتحاد الطلبة الصحراويين المزعوم منذ فترة للحصول على العضوية بهذه المنظمة وكان يحضر بصفة مراقب فقط. الشيء الذي لم يتأتى لشبيبة التقدم والاشتراكية حيث تم رفض منح العضوية لهذا الأخير، وصادق المؤتمر بالإجماع حول النزاع المفتعل بالصحراء المغربية، أو ما سماه المؤتمرون “آخر قضية تصفية استعمار بالقارة الإفريقية”.

 وحسب تتبعنا للملف وأشغال هذا المؤتمر فإن المرافعات التي قام بها الوفد المغربي في هذه الدورة كانت كارثية بعد أن اكتفت المشاركة بأخد صور السيلفي. هذا السلوك غير المسؤول يؤكد بالملموس ضعف ممارسة الديبلوماسية الموازية لدى شبيباتنا الحزبية بحزم وواقعية، والمؤطرة دستوريا في الفصلين 12 و 13 من دستور سنة 2011.

وعلاقة بالموضوع، وارتباطا بالمغرب الذي يبحث عن حل نهائي لملف قضية صحرائه، فإن الديبلوماسية الموازية الشبابية على المستوى الخارجي كانت جد ضعيفة لأسباب عديدة، منها غياب القيادات الكاريزمية القادرة على لعب دور دبلوماسي مؤثر. وبدون هذه القيادات الشبابية التي تتمتع أولا برصيد من العلاقات الدولية وثانيا بمصداقية نضالية مشهود لها وطنيا بالدرجة الأولى وعالميا بالدرجة الثانية، وثالثا بكفاءة سياسية وفكرية عالية، لن نستطيع أن نعيد للشبيبات السياسية مكانتها، ناهيك على انعدام المبادرة لدى النخب المسيرة والأكاديمية بالجامعات وعدم قدرتها على التحرك الطوعي دون انتظار التعليمات والمناسبات لتفعيل وظيفتها على مستوى الدبلوماسية الموازية.

ومن بين الساباب كذلك، عدم امتلاك الأجهزة الجامعية لرؤية واضحة فيما يخص التفاعل مع قضايا الساحة الوطنية المختلفة، والانغلاق على الذات والاكتفاء بالدور التقليدي المتمثل في تلقين المعارف ومنح الشواهد فقط دون إضافة أي لمسة على نشاط المؤسسة الجامعية،  دون اغفال دبلوماسية المجتمع المدني التي تكتسي أهمية كبيرة، بالنظر إلى القضايا التي تحتاج إلى تحرك أكبر وإلى توضيح للمواقف، وكسب للتأييد داخل أوساط المجتمع الدولي والمنظمات الدولية والرأي العام الدولي.

 فبعد قضية الوحدة الترابية، التي تعتبر أهم الملفات السياسية المحتاجة إلى تحرك أقوى بغية الوصول إلى حل نهائي، تأتي ملفات أخرى، مثل الملف الاقتصادي وما يتعلق بجلب الاستثمارات وتسويق المنتوج الوطني دوليا، والملف الاجتماعي المتجلي في البحث عن سبل التعاون من أجل تطوير مؤشر التنمية البشرية، والملف الثقافي المتعلق بتوسيع مجال التبادل الثقافي والإعلامي، وهي كلها ملفات تحتاج، حقا، إلى كسب الثقة والمصداقية على المستوى الدولي والارتقاء بالممارسة ذات الصلة، لأن الدولة لا يمكنها أن تبني علاقات تتسم بالديمومة والاستقرار بالاقتصار على الجانب الرسمي، فالتواصل غير الحكومي، بما يحمل من خصائص وإيجابيات، يجعل من الدبلوماسية الموازية مطلبا ضروريا وحيويا تفرضه العديد من المعطيات التي تؤكد على الدور والمساهمة الفاعلة للمجتمع المدني.

وأخيرا، نقول إن الديبلوماسية الموازية الحقة تقتضي أن نعيد النظر في سلوكنا الجماعي والحسم مع الممارسات المشينة لشباب يستهلك ولا ينتج، ونبذ الاسترزاق باسم العمل الجمعوي النبيل والهادف، والاعتماد على تأطير ومشاريع واضحة وأهداف حقيقية ملموسة على أرض الواقع، بل نحن في حاجة إلى أن نكون واضحين مع الذين يتلاعبون بمصلحة الوطن والمال العام وأن نكون شفافين في المراقبة حتى لا نفقد بوصلة الثقة، ومحاربة السلوك الذي يجعل جوقات المتلاعبين الذين يقدمون أنفسهم نوابا عن الدولة وعن المجتمع المدني في خدمة ذوي الحاجة مقابل تجييشهم لفرض ديمقراطية التيه، وهو ما يحتاج لمصل مضاد لفيروس النهب..لأن الديمقراطية يا سادة لا تستقيم إلا بالمحاسبة.

تابع آخبار تليكسبريس على akhbar