عندما تتنكر وزارة الحقاوي للموظفين في وضعية إعاقة

 

 تمضي حكومات وتنشأ حكومات… تبدل القوانين والدساتير بأخرى، أقل ما يقال عنها أنها تعتمد حقوق الإنسان، أي إنسان، مرجعية لها … توقع الاتفاقيات مع المصادقة على بروتوكولاتها الاختيارية، وما تزال دار لقمان على حالها، إن لم تعد أسوء. هذا هو قول لسان حال الموظفين المكفوفين وضعاف البصر بوزارة الأسرة والتضامن والمساواة، هذه الأخيرة يجد أكثر من خمسين موظفا أنفسهم أبعد ما يكونون عنها وهم لا يكادون يشتمون لريحها طيبا.

فمنذ توظيف أغلبهم بالوزارة المذكورة أواخر سنة2011، تم وضعهم رهن إشارة مؤسسة التعاون الوطني، في خرق سافر للقوانين المنظمة لهذا المجال. ذلك أن الوضع رهن الإشارة لا يكون إلا بين القطاعات، ولا يشمل مرسوم رقم 422-13-2 الخاص بالوضع رهن إشارة بين قطاع ومؤسسة.

 ونتيجة لذلك، لم يحصلوا لا على تمييز إيجابي، ولا على إجراءات تيسيرية – كما يفترض للأشخاص في وضعية إعاقة- بل جردوا حتى من أبسط الحقوق والامتيازات التي يستفيد منها نظراؤهم من الذين ليسوا في وضعية الإعاقة. فقد حرموا من التعويضات الشهرية والسنوية بكل أشكالها، كما حرموا من الاستفادة من خدمات جمعية الشؤون الاجتماعية، بل الأكثر من ذلك، أنهم ليسوا مؤمنون عن حوادث الشغل التي هم أقرب ما يكونون للتعرض لها من سواهم.

وبعد تعبيرهم عن رغبتهم في إنهاء وضعهم لدى مؤسسة التعاون الوطني، وعقدهم لعدد من اللقاءات مع مسؤولين من الموارد البشرية بالوزارة، توصلوا بمراسلات من هذه الأخيرة تخبرهم بعدم إمكانية حل مشكلتهم، ولذلك فإنه يتوجب عليهم –حسب الوزارة- الاستمرار في عملهم.

في خضم هذا كله، ونظرا لما يعتبره الموظفون المكفوفون استفزازا يمس بكرامتهم وبحقوقهم المشروعة، قرر هؤلاء البدء في سلسلة احتجاجات للفت انتباه من يهمهم الأمر إلى جسامة الموقف وخطورة المشكل الذي لا ينتهي عند حق الموظف مع إدارة ينتمي لها فحسب، إنما يتجاوزه ليميط اللثام عن الوجه الحقيقي الذي ترى به عينة من صناع القرار في المغرب هذه الفئة، باعتبارها دون المواطنة الحقة، إن لم نقل مجرد طفيليات مزعجة يجب التخلص منها ومن مشاكلها بأي ثمن.

وهنا، يحق لنا طرح بعض التساؤلات التي تفرض نفسها:

لو أن لجنة من الأمم المتحدة- مثلا- ستقوم بزيارة للوزارة لبحث ملفات موظفيها من الأشخاص في وضعية إعاقة، هل كنا سنعرف نفس حالة عدم الاكتراث هذه؟

لو كان هؤلاء الموظفون مواطنون ينتمون لإحدى وزارات التنمية بإحدى دول الجوار كالجزائر  أو تونس أو مصر مثلا، هل كانوا سيعاملون بنفس الطريقة، أم كانت الحكومة ستوفر لهم مجموعة من الإجراءات التيسيرية اجتماعيا ومهنيا عوض التضييق عليهم؟

وأخيرا، ما جدوى توقيع اتفاقية النهوض بحقوق الأشخاص في وضعية إعاقة والمصادقة على بروتوكولها الاختياري، وكذا إخراج القانون الإطار 97/13، إن لم نؤمن بروح ما أسست عليه من مبادئ العدل والمساواة والتيسير والتمكين؟ ألا تتنكر الوزارة الوصية لما تتغنى بتبنيه من حرصها على حقوق هذه الفئة في كل المجالات؟ وكيف ستستطيع وزارة الدفاع عن فئة هي أول من يسلبها أبسط الحقوق؟

 

 

 

تابع آخبار تليكسبريس على akhbar