“اللباس الاسلامي” إيديولوجيا قائمة الذات وليس مجرد ممارسة للحرية

أشعر بإشفاق على بعض المثقفين وأشباه المثقفين ممن يعلنون الانتماء لليسار والعقلانية…، إلى حد أنهم ينصبون أنفسهم أساقفة يعمدون من يقبلون مشاركتهم هذا الانتماء، حين “يناضلون” بكل “ثقلهم” من أجل إقناعنا بأن اللباس الإسلامي مجرد ممارسة للحريات الشخصية أو الفردية ولا يجب أن نبني عليه أحكاما أو أن نعتبره معطى دالا على انتشار الأفكار الظلامية وتغلغلها، أي أنه بلا دلالة.

 أدعو هؤلاء، الذين من المفروض أن تكون لهم معرفة أحسن مني في عدد من العلوم الإنسانية، لقراءة ما كتبه لوسيان فيفر، مؤسس مدرسة الحوليات صحبة مارك بلوخ في ميدان التاريخ، ومارسيل ماوس، الذي طور علم الاجتماع، ونوربرت إلياس، الذي كان منفتحا على اختصاصات متعددة، ومدرسة فرانكفورت الفلسفية، التي كان هابرماس وريثها، وبورديو وأيضا أعمال السميائيين وعلماء النفس… ما كتبوه عن اللباس والعادات الاجتماعية المختلفة المتصلة به.

 فاللباس إيديولوجيا قائمة الذات وثقافة واضحة المعالم وهو أكثر من إيديولوجيا “Habitus ، والكلمة في الأصل من إبداع نوربرت إلياس وتم تطويرها كمفهوم من طرف بورديو. والهابيتوس له قوة انغراس ومقاومة تجعله يستغل لترسيخ وضعية قائمة أو لمقاومة التغيير والتقدم أو لمساندة أكثر المشاريع ظلامية.

 وتعود شهرة نوربرت إلياس إلى كونه بيّن بعبقرية كيف استغلت النازية الهابيتوس الجرماني من أجل تحقيق زحفها وانتصارها على الديمقراطية وتخريب الحضارة”décivilisation“. وقد بينت العديد من الدراسات العلاقة بين اللباس وبين النازية والفاشية الإيطالية.

 وقد كان العمل على إحياء اللباس التقليدي هنا بداية من الستينات مندرجا في إطار مسعى لإحياء القيم التقليدية والمخزنة ثم جاء اللباس الأفغاني في الثمانينات والتسعينات ليبين تغلغل الفكر الوهابي… والبقية نعيشها..

 

 

 

تابع آخبار تليكسبريس على akhbar