اقتناء السكن…نحو اعتماد دعم مباشر للأسر والتخلي عن الإعفاءات الجبائية

بررت الحكومة، ضمن مذكرة توجيهية خاصة بإعداد مشروع قانون مالية 2023 المرتقب عرض مضامينه في أكتوبر المقبل، التخلي عن الإعفاءات الجبائية الموجهة إلى اقتناء السكن بصعوبة تقييم أثرها الاقتصادي والاجتماعي؛ ولذلك تقرر اعتماد دعم مباشر للأسر بدلها، بغية ضمان الولوج إلى السكن اللائق.

الحكومة  لم تفصح عن فحوى وشكل وشروط الدعم الذي سيقدم للأسر لاقتناء السكن خلال السنة المقبلة، وهو ما ستتضح تفاصيله بداية أكتوبر المقبل، مع بداية مناقشة مشروع قانون المالية في البرلمان.

ومن المؤكد أن تعرف الأثمان ارتفاعا، ليس فقط بسبب القرار الحكومي، لكن أيضا بالنظر إلى ارتفاع أثمان المواد الأولية والأساسية، خاصة في ظل الظرفية العالمية الحالية، وهو ما سيؤدي لا محالة إلى رفع أثمان هذا النوع من السكن المخصص للطبقات الفقيرة والمتوسطة.

وتسابق الحكومة والمهنيون الزمن لإيجاد حل توافقي يضمن عدم رفع سعر البيع حتى لا يؤثر ذلك على الأسر وعلى هامش ربح المنعشين.

وقال توفيق كميل، رئيس الفيدرالية الوطنية للمنعشين العقاريين، إن ما هو مؤكد “هو استبدال النفقات الضريبية بدعم مباشر للأسر، وذلك في إطار مشروع قانون مالية 2023 المرتقب مناقشته مع الدخول السياسي المقبل،  لكن لا شيء رسمي إلى حد الساعة”.

وأشار كميل، في تصريح لأحد المواقع الالكتورنية، إلى أن “شروط تطبيق هذا القرار تظل غير واضحة”، مضيفا أنه “تم تقديم عدة مقترحات، سواء بخصوص السكن الاقتصادي أو ذاك الموجه للطبقة المتوسطة”، مؤكدا أن “التكلفة لن تظل نفسها، وبالتالي من المستبعد الإبقاء على ثمن البيع نفسه الذي تم اعتماده عام 2009″، ودعا إلى ضرورة الخروج باتفاق قبل مشروع قانون المالية المقبل.

وكانت الدولة تدعم اقتناء السكن من خلال منح تحفيزات للمنعشين العقاريين، عبر إعفاءات ضريبية، وهو ما كان ولايزال محط انتقادات تقارير مؤسسات وطنية ودولية.

وتأخذ النفقات الضريبية أشكالا تتنوع بين تخفيض معدلات الضرائب أو الإعفاء التام، ما يعني حرمان خزينة الدولة من موارد مالية مهمة؛ وهو ما يفرض إخضاع هذه النفقات لتقييم مستمر ومساءلة جدوى الاستمرار في العمل بها.

وتندرج الإعفاءات المخصصة لاقتناء السكن ضمن ما تسميه الحكومة بالنفقات الضريبية، وهي إحدى الآليات التي توظفها الدولة من أجل تخفيف العبء الضريبي على بعض الفئات من الملزمين أو الأنشطة الاقتصادية.

وتناهز قيمة النفقات الضريبية في المغرب حوالي 30 مليار درهم، يستحوذ القطاع العقاري على 22,2 في المائة منها.

وخلال السنة الماضية، بلغت قيمة الإعفاءات الضريبية الممنوحة من طرف الدولة للقطاع العقاري حوالي 6,5 مليارات درهم من أصل 29,5 مليارات درهم، وفق معطيات رسمية لوزارة الاقتصاد والمالية.

وتستفيد المقاولات من حوالي 13 مليار درهم من هذه النفقات الضريبية، خصوصا العاملة في قطاع الإنعاش العقاري بحوالي 760 مليون درهم سنة 2021، والقطاع الفلاحي بملياريْ درهم، ثم قطاع التصدير بما يناهز بـ1,7 مليارات درهم.

أما الأسر فتستفيد بحوالي 15 مليار درهم، وتضم المأجورين والصناع ومقدمي الخدمات والمؤلفين الفنانين، إضافة إلى المرافق العمومية من وكالات تنمية ومؤسسات عمومية وإدارات بحوالي 854 مليون درهم.

وكانت الإعفاءات الضريبية موضوع انتقاد في تقارير عديدة؛ فقد ورد في تقرير للمجلس الأعلى للحسابات سنة 2020 أن حكامة وتدبير النفقات الضريبية لا تزال تشوبها بعض أوجه القصور التي تحد من فعاليتها وتحد بشكل كبير من أثرها الاجتماعي والاقتصادي..

واعتبر المجلس أن اللجوء إلى هذه النفقات يتم في غياب قواعد واضحة، وفي كثير من الأحيان دون الاستناد إلى دراسات أولية مدعومة بما يكفي من الأدلة؛ وهو ما يجعلها توجه إلى مستفيدين دون أن تحقق الأهداف المرجوة.

ويعتبر المجلس الأعلى للحسابات أن اختيار الإنفاق الضريبي كآلية تحفيزية لا يقارن في كثير من الأحيان بأنماط أخرى من التدخل، لا سيما نفقات الميزانية؛ وهو ما يجعل اتخاذ القرار بشأنها لا يتم دائما بناء على معلومات مفصلة ودقيقة.

وجاء ضمن مذكرة توجيهية خاصة بإعداد مشروع قانون مالية 2023، أن النفقات الضريبية التي كانت تخصص لاقتناء السكن يصعب تقييم أثرها الاقتصادي والاجتماعي، ولذلك تقرر اعتماد دعم مباشر للأسر بدلها.

وجاء في المذكرة ذاتها أن “الولوج إلى السكن اللائق يعتبر مظهراً من مظاهر العيش الكريم”. وأكدت الحكومة أنها ستولي اهتماماً خاصاً لتيسير الولوج إلى هذا السكن، ومن المرتقب أن تعتمد مقاربة مبنية على الحوار والتشاور مع مختلف الفاعلين.

تابع آخبار تليكسبريس على akhbar