رغم اتهامه بجرائم ضد الإنسانية.. بنك فرنسي يواصل نشاطه في السودان

كشف تقرير أولى لمحققين أن مصرف “بي ان بي باريبا” الفرنسي، الذي يواجه دعوى قضائية بتهمة التواطؤ في جرائم ضد الإنسانية ارتُكبت في السودان خلال النزاع في دارفور، يواصل أنشطته في هذا البلد رغم الحظر الذي فرض عليه ورغم التحذير الموجه إليه.

وتتعلق الدعوى القضائية بالفترة التي شهدت حربا بين 2002 و2008 في إقليم دارفور بغرب السودان، مما أسفر عن مقتل أكثر من 300 ألف شخص ونزوح نحو 2.5 مليون، حسب الأمم المتحدة.

والمدعون الذين تقدموا بالشكوى إلى محكمة باريس، هم تسعة لاجئين سودانيين والاتحاد الدولي لحقوق الإنسان والرابطة الفرنسية للدفاع عن حقوق الإنسان. ويتهم هؤلاء  المجموعة المصرفية الفرنسية وفرعها بالعمل بدلا من المصرف المركزي السوداني على الرغم من قرارات حظر دولي، مما سمح للميليشيات بشراء الأسلحة.

وفي يونيو 2021، جرت عمليات تفتيش واسعة، كشفت عنها مجلة “تشالنجز”، في العديد من أقسام مصرف “بي ان بي باريبا” في المنطقة الباريسية وفي جنيف.

وما زال التدقيق في الكمية الهائلة من الوثائق التي صودرت جاريا، إلا أن وكالة فرانس براس قالت إنها اطلعت على التقرير الأولي للمكتب المركزي لمكافحة الفساد والجرائم المالية والمكتب المركزي لقمع الجرائم المالية الخطيرة.

وذكرت تقارير أن “مصرف بي إن بي باريبا قرر مواصلة عملياته المصرفية مع هذا البلد (السودان) وهو على دراية كاملة بالحقائق، حتى أنه حل مكان المصارف الأميركية لعمليات المقاصة” أو التعويض.

وفي ديسمبر 2021، أشار المحققون إلى أن “الوثائق الداخلية لمصرف بي ان بي باريبا سويس تظهر أن المصرف كان يعلم في الوقت الحقيقي بتطورات القوانين الدولية”.

وعلاوة على ذلك، أشار المحققون في فبراير 2022 إلى أنه لم يتم الالتزام بـ”التحذير الوارد في تقرير التفتيش العام الذي تم وجه في نهاية 2005″.

وكشفت التحقيقات خصوصا تبادل رسائل عبر البريد الإلكتروني تشير إلى “وجود دليل مادي على قاعدة تقضي بالتكتم بشأن مسألة قرارات الحظر”، وهي مواضيع “كان يتم تداولها شفهيا”.

وتابع المحققون أنه “لم يوقف سوى الإجراءات الأميركية وخطر التعرض لعقوبات جنائية قاسية الذي واجهه مصرف بي ان بي باريبا، هذه التعاملات التي أدت في 2013 إلى تغريم مصرف فرنسي بدفع غرامة قياسية”.

وفي 2014، أقر المصرف بانتهاك قرارات الحظر الأميركي على السودان وكوبا وإيران، ودفع غرامة قياسية بلغت 8.9 مليارات دولار. وقالت المجموعة المصرفية الفرنسية لوكالة فرانس برس إنه “ليس لديها أي تعليق تدلي به حول هذا الإجراء الذي يواصل مساره”.

وخلال جلسة استماع عُقدت في ديسمبر 2022 تحدث لاجئ سوداني لقاضي التحقيق عن “التعذيب” الذي مارسته ميليشيا الجنجويد. وفي بداية العقد الأول من القرن الحالي، أطلق الرئيس السوداني حينها عمر البشير الذي أطيح به عام 2019، ميليشيا الجنجويد في إقليم دارفور المترامي الأطراف في غرب السودان حيث مارست سياسة الأرض المحروقة.

وقال اللاجئ السوداني “شاهدنا أطفالا لم يتجاوزوا الثانية عشرة من العمر، مسلحين ويتلقون المال لترهيب السكان”، مضيفا “قتلوا أهالينا ودفعوا أموالا لجواسيس”.

وروى الرجل أنه تعرض للاختطاف ثم “للضرب” لمدة شهر أثناء الاستجواب حيث سأله جلادوه ما إذا كان “ضد الحكومة”. وتابع “بعد أسوأ تعذيب تعرضت له، نقلوني إلى مكان آخر”.

وأُطلق سراحه بعد أن تلقى تهديدا، مضيفا “قالوا إنه إذا تم توقيفي مرة أخرى للسبب نفسه فلن أرى نور الشمس من جديد وهذا التعبير يعني أنهم سيقتلونني”.

وفي 2004، اعتبرت الولايات المتحدة أن الفظائع المرتكبة في دارفور ينطبق عليها تعريف “الإبادة الجماعية”. كما ادان مقدمو الشكوى المجازر التي وقعت في ولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق.

وأطاح الجيش السوداني بالبشير واعتقله بعد أربعة أشهر من بدء احتجاجات شعبية ضدّه. وأصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرة توقيف بحقه بتهمة ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في دارفور.

وبعد عشرين عاما، في أبريل 2023 اندلعت الحرب في هذه المنطقة بين الجيش بقيادة عبدالفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو، الرجل الثاني السابق في السلطة العسكرية.

تابع آخبار تليكسبريس على akhbar