البرتغال تتجه نحو تشكيل حكومة أقلية بقيادة لويس مونتنغرو

أضحى من شبه المؤكد أن البرتغال تتجه نحو تشكيل حكومة أقلية بقيادة لويس مونتنغرو، الأمين العام للحزب الاجتماعي الديمقراطي وزعيم التحالف الديمقراطي، الذي تصدر نتائج تشريعيات 10 مارس المبكرة.

فبعد إعلان فوز تحالف اليمين بـ 79 مقعدا بفارق ضئيل عن الحزب الاشتراكي (77 مقعدا)، قال رئيس الحزب لويس مونتينيغرو إنه يريد تشكيل حكومة أقلية، مؤكدا رفضه أن يحكم بدعم من اليمين المتطرف، الذي يتزعمه حزب “شيغا” الذي فرض نفسه كقوة سياسية وانتخابية رئيسية في البلاد بحصوله على 48 مقعدا بالجمعية الوطنية.

وبحسب الدستور البرتغالي، باشر رئيس الجمهورية، مارسيلو ريبيلو دي سوزا، مشاورات أولية مع الأحزاب السياسية التي ضمنت تمثيلا لها داخل الجمعية الوطنية الجمهورية، ستنتهي اليوم الأربعاء باستقبال زعيم تحالف اليمين المتصدر في أفق الإعلان الرسمي عن المرشح لتولي منصب رئيس الحكومة، مباشرة بعد الكشف عن نتائج دائرة المهجر اليوم الأربعاء.

وفي البرتغال، لا تحتاج السلطة التنفيذية إلى تصويت في البرلمان لتولي منصبها، وهو ما قد يحدث في أوائل أبريل.

لكن، نظرا لنتائج الانتخابات التي لم تمنح أغلبية للتحالف المتصدر، والرفض الذي يبديه زعيم الحزب الاجتماعي الديمقراطي لإبرام أي تحالف حكومي مع حزب “شيغا”، فضلا عن الإعلان الرسمي من جانب الحزب الاشتراكي عن اصطفافه إلى جانب المعارضة البرلمانية، سيواجه مونتينيغرو صعوبة في اعتماد ميزانية الدولة لعام 2025 في الخريف المقبل دون دعم، حتى لو كان ضمنيا من الاشتراكيين أو “اليمين المتطرف”.

ومنذ الإعلان عن نتائج الانتخابات، يمارس حزب “شيغا” وزعيمه أندريه فونتورا ضغطا كبيرا على التحالف الديمقراطي من أجل إشراكه في ترتيبات تشكيل الحكومة المقبلة، بل وذهب إلى حد التهديد بإسقاط أول قانون للمالية في ظل الحكومة الجديدة، الشيء الذي لا يزال التحالف يعارضه بشدة، ويرفض أن ترتبط الحكومة التي يستعد لتشكيلها بدعم اليمين المتطرف.

وأكد أندريه فينتورا، عقب لقائه برئيس الجمهورية، أول أمس الاثنين، رغبته في التوصل إلى اتفاق حكومي مع اليمين، قائلا “سنواصل بذل كل جهد (…) للتوصل إلى اتفاق يضمن استقرار البلاد”. كما حذر من أنه “إذا لم يكن هناك اتفاق حكومي، فإن الحزب الاجتماعي الديمقراطي سيكون مسؤولا عن عدم الاستقرار الذي سيولده ذلك”.

ولتجاوز ضغوطات حزب “شيغا”، الذي استطاع خلال هذه الانتخابات كسر الثنائية التقليدية التي ظلت قائمة في الحياة السياسية البرتغالية منذ عدة عقود بين الحزب الاشتراكي والحزب الاجتماعي الديمقراطي، يراهن التحالف الديمقراطي المرشح المؤكد لقيادة الحكومة المقبلة على موقف الغريم التقليدي الحزب الاشتراكي بعدم التصويت ضد برنامج الحكومة.

وبحسب المراقبين للشأن السياسي البرتغالي، فإن الحزب الحاكم السابق ليس له من خيار آخر غير الامتناع عن التصويت لكي تتمكن الحكومة الجديدة من تمرير برنامجها الم طالبة بتقديمه أمام البرلمان بعد مرور أقل من 10 أيام على تشكيلها.

وبحسبهم، فإن الحزب الاشتراكي مستعد لمنح “فترة سراح” لحزب المعارضة السابق تتجاوز حدود التنصيب البرلماني لتشمل إمكانية التعامل بنوع من المرونة في تعاطيه مع عمله التشريعي، من جهة لأن هذا الحزب هو نفسه في حاجة لإعادة ترتيب أوراقه وتجاوز الهزيمة الانتخابية التي تلقاها لأول مرة منذ الانتخابات التشريعية لسنة 2015، ومن جهة أخرى لأن أي سلوك سياسي آخر من جانبه سيجعل التحالف الديمقراطي يسقط في حضن اليمين المتطرف الذي يتحين الفرصة من أجل فرض نفسه على الحزب الحاكم الجديد.

ووفقا للمحللين، فإن “فترة السراح” هاته لن تكون طويلة، حيث يصعب تصور أن يستمر الحزب الاشتراكي مسايرا لمدة طويلة لعمل حكومة يشكلها حزب معارض، مما يعني أن البرتغال مقبلة، لا محالة، على تنظيم انتخابات أخرى سابقة لأوانها، من المرجح ألا تتجاوز نهاية سنة 2025.

 

ويعزز هذه الفرضية أكثر الصعوبات المؤكدة التي تطرحها إمكانية استمرار حكومة تتوفر على الأغلبية النسبية في تجاوز التحديات التي قد تواجهها، سواء في عملها داخل المؤسسة التشريعية، لاسيما بالنظر إلى عدد المقاعد التي تتوفر لحزبي المعارضة الرئيسيين، أو في علاقتها بالإكراهات التي يطرحها محيط دولي ضاغط، حيث تواجه البرتغال التداعيات الاقتصادية والاجتماعية التي خلفتها الحرب الأوكرانية-الروسية، خاصة على مستوى الارتفاع الحاد لمعدل التضخم ومستويات الأسعار.

يذكر أنه بعد ثماني سنوات من الحكومة الاشتراكية، فازت المعارضة من يمين الوسط في الانتخابات بنسبة 29,5 بالمائة من الأصوات و79 مقعدا من إجمالي 230، وفقا للنتائج شبه النهائية، حيث سيتم الإعلان عن نتائج الدوائر الانتخابية الأربعة في الخارج اليوم الأربعاء.

تابع آخبار تليكسبريس على akhbar