بين الطهارة والنبوءة..البقرة الحمراء تشعل فتيل الصراع في القدس

يعتبر معتقد البقرة الحمراء من الجوانب البارزة في الثقافة والتقاليد الدينية لليهود، حيث يرتبط هذا بمفهوم التطهير والطهارة والتنبؤ بنهاية الزمان وبناء الهيكل الثالث، إذ تعتبر البقرة الحمراء، أو “بارا أدومَّا” بالعبرية، رمزا مركزيا في الإيمان اليهودي، حيث ينتظر اليهود ظهور بقرة حمراء تستوفي مواصفات دينية معينة تمهد لعدة أحداث دينية هامة.

ومن المعتقدات اليهودية أن ظهور بقرة حمراء “خالية من العيب” وفقا للمواصفات المحددة يعتبر إشارة إلى نهاية الزمان، وبداية فترة جديدة من الطهارة والتطهير، وفي سياق ديني أعمق، يعتقد بعض اليهود بأن ظهور البقرة الحمراء يمهد الطريق لهدم المسجد الأقصى وبناء الهيكل الثالث، الذي يعتبر من أهم الرموز في الديانة اليهودية.

وتتعاظم أهمية معتقد البقرة الحمراء في الأوساط الدينية اليهودية، حيث يتم تنظيم مؤتمرات وفعاليات لمناقشة التحضيرات الدينية لإقامة طقوس ذبح البقرة الحمراء، وفي هذا الصدد  يُنظم معهد “الهيكل” الذي يعتبر مركزا مهما للتفكير بإسرائيل، مؤتمرا لمناقشة التحضيرات الدينية لهذه الطقوس، حيث تسعى الجماعات المتطرفة إلى تجاوز المنع الديني المفروض من الحاخامية الكبرى في إسرائيل لاقتحام المسجد الأقصى.

ويعتمد المعتقد في البقرة الحمراء على مفاهيم دينية تقليدية تشمل الطهارة والتطهير، ويتوقع البعض أن إقامة طقوس ذبح البقرة الحمراء قد تفتح المجال لمئات آلاف اليهود المتدينين لاقتحام المسجد الأقصى، الذين يمتنعون عن ذلك التزاماً بالمنع الحاخامي الرسمي.

ويشير المعتقد بالبقرة الحمراء إلى جدل ديني وسياسي معقد، حيث يتضمن تصورات دينية حول الطهارة والتطهير، إضافة إلى تأثيره على قضايا سياسية واجتماعية في المنطقة، وخاصةً فيما يتعلق بالمسجد الأقصى والصراعات المحيطة به، ومن المهم جدا فهم أن هذه المعتقدات تمثل جزءاً من التراث الديني لليهودية، وتحظى بتأييد ودعم بعض الجماعات والفعاليات الدينية المتطرفة، وهو ما يجب على النخب السياسية داخل إسرائيل الانتباه إليه، لأن الانسياق من وراء هذه التيارات الدينية المتطرفة يفتح المجال أمام ترسيخ مظاهر العنف، مما يولد عنفا مضادا وبالتالي يدخل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي في المزيد من المتاهات، فإذا كان العالم يشجب استغلال الجماعات المسلحة في غزة الدين لخدمة أجنداتها المدمرة، فيجب التعامل بالمثل في اعتبار أن الجماعات اليهودية المتطرفة تستعمل الدين لتنفيذ مخططاتها التصعيدية.