الانتخابات المبكرة في فرنسا: مخاطر وتخوف في صفوف معسكر الرئيس ماكرون

مع اقتراب الانتخابات التشريعية المبكرة المحفوفة بالمخاطر للغالبية الرئاسية في فرنسا، يحرص المرشحون من معسكر الرئيس إيمانويل ماكرون على تغييب صورته بالكامل عن ملصقاتهم لخوفهم من ردود الفعل السلبية للناخبين الناقمين عليه بسبب قراره حل الجمعية الوطنية، ويقول مساعد برلماني سابق طالبا عدم نشر اسمه إن “ملصقاتنا تخلو من أي صورة للرئيس”.

ويضيف أثناء مشاركته في الحملة الانتخابية لنائب في المعسكر الرئاسي “وجه الرئيس يغيب عن ملصقاتنا. هذه هي فرصتنا الوحيدة للفوز”.

ويوضح أن “الرئيس يحدث التوتر لأنه بعد سبع سنوات في السلطة، أصبحنا مرهقين، ولكن أيضا لأنه حل الجمعية العامة وتسبب بأزمة سياسية”، معربا عن خشيته، على غرار آخرين، من أن تؤول السلطة الى اليمين المتطر ف الذي يتصد ر حاليا استطلاعات الرأي.

ومع أن هذا المساعد البرلماني صوت لماكرون في عامي 2017 و2022، إلا أن ه يؤك د أن ه لو تعي ن عليه أن يعيد الكر ة اليوم فهو لن يدعم الرئيس، كونه يأخذ عليه الدعوة للانتخابات المبكرة وإقرار قانون الهجرة المثير للجدل في نهاية 2023.

ويقول “لو تعي ن علي أن أخوض الحملة لصالح ماكرون لما تمكنت من فعل ذلك”. وخيبة الأمل هذه بدت واضحة مساء التاسع من يونيو عندما أعلن ماكرون حل الجمعية الوطنية بعد خسارة حزبه في الانتخابات الأوروبية.

مساء ذلك اليوم، سادت المقر الرئيسي للحزب الرئاسي في باريس مشاعر عدم التصديق ونظرات الذهول على التصفيق الهزيل الذي حظي به ماكرون إثر إعلانه حل الجمعية الوطنية. وقال ناشط أمام الكاميرات وقد اغرورقت عيناه بالدمع “هذا ليس قرارا جي دا ، هذا ليس قرارا جيدا “.

لكن هذا السلوك ليس عاما ، فبعض الناشطين في المعسكر الرئاسي اختاروا، على قل تهم، أن يضعوا جانبا غضبهم إزاء قرار ماكرون حل الجمعية الوطنية والوقوف صفا واحدا خلف رئيسهم قبل ثلاثة أيام من الجولة الأولى للانتخابات.

وبنبرة ملؤها المزاح، تقول الناشطة السبعينية بول “نحن نلومه على كل شيء، حتى على انقراض الديناصورات”، مؤكدة تأييدها قرار ماكرون الدعوة للانتخابات المبكرة.

لكن ناشطين آخرين في الحزب الرئاسي يبدون أقل حماسة من هذه المرأة لقرارات رئيسهم. ويحاول هؤلاء الدفاع عن قرار ماكرون حل الجمعية الوطنية بوضعه في خانة الحاجة إلى “التوضيح”، وهو المصطلح الذي غالبا ما تستخدمه السلطة التنفيذية لتبرير هذا القرار.

ويقول بنجامين إنغرانيسي (30 عاما ) “كان أمرا لا مفر منه. فبأي حال، المعارضة أرادت إسقاط الحكومة مع بداية الدورة البرلمانية المقبلة”.

وعلى الر غم من هذا الدعم لقرارات رئيسهم، إلا أن المنشورات التي يحاولون توزيعها على المار ة لا تحمل اسم ماكرون ولا صورته بل صورة كل من مرشح الدائرة الانتخابية ورئيس الوزراء غابرييل أتال الذي لم تتدهور شعبيته بالقدر نفسه.

ويقول الناشط جوليان فييرا الذي كان حتى قبل أسبوعين ملحقا برلمانيا لنائب في الحزب الرئاسي إن ه “يجب على الرئيس أن يؤد ي دوره كرئيس، لكن عليه أن يتراجع خطوة إلى الوراء”.

ويتكرر الوضع نفسه في أماكن أخرى من فرنسا: يفض ل المرش حون من المعسكر الرئاسي عدم التركيز على ماكرون البالغ 46 عاما والذي تسل م السلطة في 2017 وكان منصب الرئيس أول منصب انتخابي يفوز به في حياته.

ويقول لويك تيرينيس، المرشح عن الحزب الرئاسي في الجنوب الشرقي “لدي أشخاص يقولون لي: أنا لا أحب ماكرون على الإطلاق، لكن ني مع ذلك سأصو ت لك”.

في الوقت نفسه، أصبح المسؤولون التنفيذيون في المعسكر الرئاسي أقل خجلا في المجاهرة بانتقاداتهم، مما أعطى هذه الحملة مظهر نهاية عهد رئيس وعد بالتغل ب على الانقسام بين اليمين واليسار وتجفيف منابع التأييد لليمين المتطر ف من طريق تعزيز الاقتصاد.

ولم يتوان رئيس الوزراء الماكروني السابق إدوار فيليب عن توجيه انتقاد لاذع لرئيس الجمهورية في 20 يونيو، معتبرا أن ماكرون الذي أكد أنه سيبقى في السلطة حتى لو فاز حزب التجم ع الوطني اليميني المتطرف بالانتخابات قد “قتل الأغلبية الرئاسية”. وأكد فيليب أنه “يتفه مجيدا ” الغضب العارم الذي أثاره قرار ماكرون في صفوف الرأي العام.

غير أن بعض أنصار ماكرون يحفظون للرئيس مآثر عديدة. ومن هؤلاء برونو بيينيميه الذي يخوض غمار السياسة في منطقة السوم (شمال) والذي يقول إن ه صو ت لماكرون في 2017 لانه “كانت هناك بعض الأخطاء الفادحة لكن نا محظوظون للغاية بوجوده، والجميع نسي ما فعله، خصوصا في إنقاذ شركات خلال كوفيد”.

ويوضح أن الرئيس “لم يكن أمامه حل آخر” سوى حل الجمعية الوطنية، حت ى لو كان مقتنعا للأسف بأن اليمين المتطرف سينتصر في 7 تم يوليوز، تاريخ الجولة الثانية من الانتخابات التشريعية، “على أمل أن يدرك الفرنسيون بعد ذلك أنه عاجز عن الحكم”.

تابع آخبار تليكسبريس على akhbar