إذا ظهر السبب بطل العجب…ما علاقة وزير العدل بمدير المعلوميات بشركة أخنوش؟

تتواصل ردود الفعل الغاضبة عقب تسريب مشروع القانون رقم 20-22 حول استعمال شبكات التواصل الاجتماعي، والذي صادقت عليه الحكومة في 19 مارس المنصرم، دون نشره، وهو ما يثير الاستغراب ويطرح عدة أسئلة حول نية الواقفين من وراء هذا المشروع..

وتزداد الشكوك حول هذه النوايا والأهداف، إذا علمنا أن الحكومة خلال إعدادها للمشروع لم  تستشر لا المجلس الوطني لحقوق الإنسان ولا الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري ولا المجلس الوطني للصحافة، كما يتعين ذلك عندما يتعلق الأمر بقانون في مجال ممارسة الحريات وخاصة فيما يتعلق بالصحافة والإعلام..

مشروع قانون “تكميم الأفواه”، كما سماه المغاربة، والذي قدمه وزير العدل أمام مجلس الحكومة خلق جدالا قويا وأثار ردود فعل غاضبة من قبل كافة المكونات السياسية والحقوقية والمدنية بالمغرب، مما دفع محمد بنعبد القادر إلى الخروج عن صمته يوم الأحد المنصرم للإعلان عن تأجيل كل مناقشة حوله إلى ما بعد أزمة كوفيد-19، إلا أن الرأي العام الوطني لا يزال يتساءل حول أسباب وحيثيات تنزيل المشروع في هذا الظرف الذي تمر فيه البلاد بأزمة جعلت كل المغاربة يتضامنون وينسون كل خلافاتهم لمواجهة فيروس كورونا المستجد..

كما أن المواطنين يتساءلون حول من يقف وراء حبك مواد المشروع وخاصة المادتين 14 و15 اللتين أثارتا ردود فعل قوية وحامت حولهما الشكوك، حيث حملت صياغة مقتضياتهما بصمة الرأسماليين الذين تضرروا من حملة المقاطعة التي عرفتها البلاد سنة 2018، وخاصة عزيز اخنوش، وزير الفلاحة والصيد البحري والأمين العام لحزب التجمع الوطني للأحرار الذي شملت الحملة احد منتوجات شركاته..

وفي هذا الإطار، انصب اهتمام بعض المتتبعين للملف على اسم “خالد بنعبد القادر” الذي يشتغل كمدير للمعلوميات(CIO) في مجوعة آكوا التي يمتلكها عزيز اخنوش، وهي الشركة المالكة لمحطات الوقود التي كانت قد تعرضت للمقاطعة سنة 2018..

المتتبعون للقضية، يتساءلون حول علاقة هذا الشخص بوزير العدل محمد بنعبد القادر، المسؤول عن إخراج هذا المشروع المثير للجدل، وهل يتعلق الأمر بشقيق له أو ابن عمه أم أن الأمر لا يعدو أن يكون مجرد تشابه في الأسماء؟

هذه الأسئلة تجد مشروعيتها في إطار الحق في الحصول على المعلومة، وذلك لأجل استجلاء ورفع كل غموض حول هذه القضية الخطيرة لأن أي علاقة قرابة بين خالد بنعبد القادر والوزير محمد بنعبد القادر ستكون فضيحة سياسية كبيرة، لأن الأمر يتعلق بتسخير التشريع وفقا لأغراض شخصية وبناء على الزبونية والمحسوبية، وهي سلوكات وأفعال تدخل في إطار الفساد الذي جاءت مقتضيات دستور 2011 للقطع معه نهائيا..

وإذا تأكد أن بين خالد ومحمد بن عبد القادر علاقة قرابة فإن مجمل فصول مشروع قانون 22.20 ستكون مجر ذرّ الرماد في العيون، إذ الهدف الأساسي والحقيقي من ورائها هو تمرير المادتين 14 و15 المتعلقتين بمعاقبة وحبس كل من تجرأ وقرر مقاطعة السلع والمنتوجات أو نادى بذلك..

وتنص مقتضيات المادة 14 من المشروع على أنه “يعاقب بالحبس من ستة أشهر إلى ثلاث سنوات وغرامة من 5000 إلى 50 ألف درهماً أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط، من قام عمداً عبر شبكات التواصل الاجتماعي أو عبر شبكات البث المفتوح أو عبر الشبكات المماثلة بنشر محتوى إلكتروني بالدعوة إلى مقاطعة بعض المنتوجات أو البضائع أو الخدمات أو القيام بالتحريض على ذلك”.

أما المادة 15 فتنص مقتضياتها على أنه “يعاقب بالحبس من ستة أشهر إلى ثلاث سنوات وغرامة من 5000 إلى 50 ألف درهماً أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط، من قام عمداً عبر شبكات التواصل الاجتماعي أو عبر شبكات البث المفتوح أو عبر الشبكات المماثلة بنشر محتوى إلكتروني يحمل العموم أو تحريضهم على سحب الأموال من مؤسسات الائتمان أو الهيئات المعتبرة في حكمها”.

والغريب في هذه القضية/الفضيحة هو خروج جميع المكونات السياسية لحكومة العثماني ببلاغات تستنكر فيها هذا المشروع، رغم ان ممثليها من الوزراء كانوا حاضرين في المجلس الحكومي وناقشوا مقتضيات المشروع قبل أن يصادقوا عليه. إن خروج هذه المكونات السياسية لاستنكار مضامينه اليوم، بعد ضغط الرأي العام الوطني، والتبرؤ من المشروع بكامله، كما فعل الاتحاد الاشتراكي الذي ينتمي إليه وزير العدل، يبعث على الشفقة من هذه الأحزاب وينم عن استهتار غير مقبول للرأي العام الوطني وعن لا مسؤولية فادحة في التعامل مع المصلحة الوطنية وعن استخفاف كبير إزاء العمل السياسي وما يقتضيه من جدية ومصداقية، وخاصة في هذه الظرفية التي تقتضي تعزيز الوحدة الوطنية لمواجهة جائحة كوفيد-19، عوض الاهتمام بالمصالح الشخصية والحسابات السياسوية الضيقة..

تابع آخبار تليكسبريس على akhbar