درداري لـ”تليكسبريس”: كل نقص قد يشوب البروتوكول في تقديم الدعوة للمغرب سيكون سببا لإلغاء مشاركته في قمة الجزائر

قال أحمد درداري، أستاذ التعليم العالي بجامعة عبد الملك السعدي كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بتطوان، إن طرح مشاركة المغرب في قمة الجزائر لم تأت بمبادرة من البلد المنظم، وإنما بضغط من الدول العربية التي اشترطت حضور المغرب للموافقة على تنظيم القمة العربية في الجزائر، مما أسقط السلطات الجزائرية في موقف محرج لم يمنح لها الاختيار غير قبول حضور المملكة المغربية، إن هي أرادت تفادي سحب تنظيم القمة منها.

 وعليه، يضيف الدكتور احمد درداري في تصريح ل”تليكسبريس”، “أن القاعدة المعمول بها دبلوماسيا هي إرسال الجزائر لمبعوث خاص إلى المملكة المغربية والذي سيبين مستوى التعامل و مستوى قبول وترحيب الجزائر بحضور المغرب، ذلك أن العلاقات الثنائية والعلاقات الخاصة والمتميزة تظهرها طبيعة ومستوى المبعوث، الذي يسلم الدعوة لملوك ورؤساء الدول العربية”.

ويؤكد المحلل السياسي ورئيس المركز الدولي لرصد الأزمات واستشراف السياسات: أنه “من أخلاقيات الدبلوماسية معاملة جميع الدول الأعضاء على قدم المساواة، ولكون العلاقة بين المغرب والجزائر متوترة وأن المغرب عريق في الممارسة الدبلوماسية، فإن كل نقص أو تحفظ قد يشوب البروتوكول الرسمي في نوعية أو كيفية تقديم الدعوة للمملكة المغربية، سيكون سببا مباشرا لإلغاء مشاركة المغرب في القمة، الشيء الذي يتطلب التواصل بين سلطات البلدين على أعلى مستوى لوضع ترتيبات مضبوطة لضمان مشاركة المغرب في القمة من قبيل عدم حضور ممثل جبهة البوليساريو الانفصالية، وعدم إظهار أية خريطة تبين بتر الصحراء المغربية من المغرب، والتدابير الأمنية لحماية البعثة المغربية منذ دخول الوفد الأراضي الجزائرية إلى حين مغادرتها، ومسألة إخراج القمة عن سياقها، أو التلميحات أو رفع شعار في وجه ممثلي المغرب بشكل رسمي، أو أية إهانة كيفما كانت”.

وأضاف احمد درداري، الذي يشتغل أيضا منسقا لماستر التدبير الاستراتيجي للسياسات العمومية الأمنية: ” أن إرسال الجزائر لوزير العدل إلى الرباط من أجل دعوة المغرب لحضور القمة العربية المقررة في أول نوفمبر بالجزائر، ليكون مؤشراً على تزايد فرص عقد القمة العربية في موعدها، وكان إرسال وزير الخارجية أو وزير الدولة أنسب، حتى تحمل الدعوة الجزائرية في طياتها احتمال تخفيف التوترات بين البلدين. والإعلان عن أن وزير العدل الجزائري عبد الرشيد طبي سيزور الرباط، حاملاً دعوة رسمية لحضور القمة العربية المقرر عقدها مطلع نوفمبر 2022، في ظل وجود ملفات خلافية بينهما، وسط مخاوف من أن يؤثر غياب المغرب عن القمة على فرص عقدها يومي 1 و2 نوفمبر 2022 والتأكيد على عقد القمة في وقتها.”

وأوضح المتحدث في التصريح نفسه أنه: “ورغم أن دعوة المغرب لحضور القمة العربية يحملها وزير سيادي، وأن مكانته لا تماثل إيفاد وزير الخارجية أو وزير دولة، لكنه يظل تمثيلاً سياديا، وهو نفسه الذي يحمل الدعوة للسعودية والأردن، وانقسمت الوفود إلى أربع مجموعات: الأولى تكلف بتقديم الدعوة لها وزير الخارجية رمطان لعمامرة مثل دولة مصر والفئة الثانية سيسلمها الدعوة وزير العدل كالسعودية والأردن والمغرب، والفئة الثالثة يسلمها الدعوة وزير التنمية المحلية الجزائري أو غيره من الوزراء، بينما الفئة الرابعة هي التي سيسلمها الدعوة وزير الداخلية كموريتانيا وتونس … وكل هذا سيدفع المغرب إلى تحديد مستوى تمثيل المملكة المغربية بعد التدقيق في حيثيات حضور الوفد المغربي، وما لم يتم الإخلال بالبروتوكول الرسمي لدعوة المغرب”.

وأضاف الدكتور احمد درداري، أنه “أمام السلطات الجزائرية فرصا لرفع مستوى التمثيل المغربي الذي يحدده مستوى المبعوث، ومنه الرفع من مستوى البروتوكول وإظهار حسن النية في دعوة المغرب، وتوفير مناخ الأخوة لإنجاح القمة العربية والبداية باختيار مبعوث متميز للمملكة المغربية التي للجزائر معها خلافات، كما حدث في قمم سابقة كقمة دمشق وقمم ليبيا”.

وعن مستقبل العلاقات بين البلدين بعد القمة العربية بالجزائر، قال احمد درداري: “بالنسبة لمستقبل العلاقات بين المغرب والجزائر لما بعد القمة، فان الأمر يتوقف على مراجعة نقط الخلاف والملفات كملف الحدود البرية المغلقة منذ عام 1994، وملف الصحراء المغربية، حيث إن المغرب اقترح حلاً يقوم على حكم ذاتي موسع، بينما الجزائر متمسكة بدعم جبهة البوليساريو الانفصالية تحت يافطة تصفية الاستعمار”.

موضحا في السياق نفسه: أنه “إذا ما استوعبت الجزائر أن العلاقات المغربية الأمريكية و الإماراتية والإسرائيلية … و اعتراف أمريكا بمغربية الصحراء إضافة إلى إقامة المغرب للعلاقات مع تل أبيب في مجالات عسكرية وأمنية، أنه يتجاوز قدرتها، أي الجزائر، ولا يمكنها العودة إلى الوراء، وأن أمامها فرصا أقل مما سبق، قد تمكنها من تقليص مستوى الأزمة والصراعات والقضايا المعقدة التي ستزيد في تعميق الأزمة الداخلية والخارجية اللتين يؤدي ضريبتهما الشعب الجزائري، كحركة استقلال منطقة القبائل التي تصنفها الجزائر كمنظمة إرهابية، وأزمة تصدير الغاز إلى المغرب واسبانيا، وإغلاق الأجواء أمام الطائرات المغربية منذ 2021، ومواجهة قرارات الأمم المتحدة بشأن اللاجئين ورفض المبعوث الأممي لمراقبة وضعية حقوق الإنسان بالمخيمات بتندوف وداخل الجزائر”.

وتوقف الدكتور درداري عند مبادرة يد المغرب الممدودة الى الجزائر قائلا إن: “المغرب إضافة إلى اليد الممدودة، فانه يدعو لأن تتجاوز القمة للحسابات الضيقة والالتزام بالمسؤولية، إضافة إلى حرص جلالة الملك محمد السادس على الانخراط في صلب العمل العربي المشترك، سواء من داخل الأجهزة الرئيسية لجامعة الدول العربية، أو من خلال الهيئات المتفرعة عنها، والذي تجسد في احتضان المملكة المغربية لسبع قمم عربية، ساهمت في جمع الكلمة العربية وإعطاء نفس جديد للعمل العربي المشترك”.

وخلص المحلل السياسي إلى القول إن: “التسوية السلمية لنزاع الصحراء المغربية، هو الطريق الوحيد لإعادة العلاقات المغربية الجزائرية إلى طبيعتها، ونجاح القمة العربية سيكون مؤشرا على بداية الانفراج، إذا واصلت الدول العربية الدعم والوساطة الحكيمة والمتبصرة.”.

 وختم احمد درداري تصريحه بالقول: إن “العلاقات المغربية الجزائرية لا تتطلب الاندفاع الزائد أو البرودة، وإنما ممارسة العمل الدبلوماسي بمهنية وضوابط دقيقة، لأننا نتعامل مع دولة تربطنا بها نقط خلافية وعداء لا يمكن تخطيهما بسهولة”.

تابع آخبار تليكسبريس على akhbar