ابتكار جهاز جديد يجمع الماء من الهواء لصنع وقود الهيدروجين الأخضر

يعمل المُحَلِّل الكهربائي بثبات في نطاق واسع من الرطوبة النسبية المنخفضة التي تصل إلى 4%، بينما ينتج هيدروجين عالي النقاء بكفاءة حوالي 95٪ لأكثر من 12 يوما متتاليا، دون أي مدخلات من الماء السائل.

يمتلك الهيدروجين الأخضر -وسمى بالأخضر لأنه ناتج عن التحليل الكهربائي للمياه باستخدام الطاقة المتجددة مثل طاقة الرياح والطاقة الشمسية- إمكانات هائلة كوقود نظيف، فهو متوفر بشكل أساسي في مركبات مثل الماء، ولا ينتج عنه أي انبعاثات ضارة.

مع ذلك، فإن هناك تحديا يتمثل في إنتاج ما يكفي من الهيدروجين الأخضر بطريقة عملية وأسعار معقولة، فضلا عن تحدي التغلب على ما قد يتطلبه فصل الهيدروجين عن الماء من تقنية معقدة، ويعتمد أيضا على المياه العذبة النقية، وهي ليست متوفرة بكثرة في كل مكان.

ومؤخرا، تم استعراض طريقة جديدة لاستخراج الماء من الهواء لإنتاج الهيدروجين الأخضر في بحث نُشر يوم 6 سبتمبر الجاري بدورية “نيتشر كوميونيكشنز” (Nature Communications) وقد يمكّن تطبيق هذه النتائج البحثية العلماء من التوصل لأجهزة تحول الطاقة الشمسية إلى وقود والعمل في أي مكان على الأرض.

وبحسب الدراسة، ابتكر الباحثون نموذجا أوليا جديدا لجهاز يمكنه تجميع المياه من الهواء بالمناطق منخفضة الرطوبة، وتحويلها إلى هيدروجين، وقاموا بتشغيل الجهاز باستخدام الطاقة المتجددة (الطاقة الشمسية أو طاقة الرياح) لمدة 12 يوما متتاليا. كما اتضح أيضا أن الجهاز يمكنه العمل بكفاءة في بيئة جافة تبلغ نسبة الرطوبة فيها حوالي 4%، دون الحاجة إلى الماء السائل.

الهيدروجين الأخضر

الهيدروجين الأخضر أحد مصادر الطاقة الجديدة، وسمى بالأخضر لأنه ناتج عن التحليل الكهربائي للمياه باستخدام الطاقة المتجددة مثل طاقة الرياح والطاقة الشمسية. ومن المتوقع أن يكون وقود المستقبل، حيث يمثل بديلا محتملا للوقود الأحفوري الذي ينبعث منه ثاني أكسيد الكربون.

ولكن إنتاج الهيدروجين الأخضر غالبا ما يتطلب أجهزة معقدة، ومعادن نادرة، والوصول إلى المياه النقية، مما قد يؤدي إلى المنافسة مع الإمدادات المحدودة من مياه الشرب، وترفع هذه العوامل التكاليف وتحد من التنفيذ على نطاق واسع.

ومن أجل التغلب على هذه الصعوبات، طور جانج كيفين لي المحاضر في قسم الهندسة الكيميائية بجامعة ملبورن (University of Melbourne) في أستراليا، وزملاؤه، نموذجا أوليا لمحلل كهربائي يحصد الهواء الرطب بدلا من الماء السائل، ويمتص الرطوبة من الهواء ويَشْطُر الماء المتجمع إلى هيدروجين وأكسجين.

التحليل الكهربائي المائي

يري الباحثون في دراستهم أن استخدام التحليل الكهربائي المائي مقيد جغرافيا بتوافر المياه العذبة، والتي، مع ذلك، يمكن أن تكون سلعة نادرة في الكثير من دول العالم، لأن أكثر من ثلث سطح الأرض جاف أو شبه قاحل، حيث يصعب للغاية الوصول إلى المياه العذبة للحياة اليومية، ناهيك عن استخدام التحليل الكهربائي.

ومؤخرا، تفاقمت ندرة المياه بسبب التلوث والاستهلاك الصناعي والاحتباس الحراري، ومن ناحية أخرى، فإن المناطق الغنية بالطاقات المتجددة عادة ما تعاني من نقص في إمدادات المياه، ولهذا يقترح الباحثون تشغيل المحلل الكهربائي بمصادر طاقة متجددة، كما يمكن استخدام تحلية المياه لتسهيل التحليل الكهربائي للمياه في المناطق الساحلية.

الجهاز قابل للتطوير ويمكن استخدامه لتوفير وقود الهيدروجين للمناطق النائية والقاحلة وشبه القاحلة، مع الحد الأدنى من التأثير البيئي. ويقول الباحثون في الدراسة المنشورة “في هذا العمل، نؤكد أن الرطوبة في الهواء يمكن استخدامها مباشرة لإنتاج الهيدروجين عن طريق التحليل الكهربائي، نظرا لتوافرها العالمي وعدم استنفادها الطبيعي”.

نماذج أولية

وقد تم تصميم نموذج أولي يعمل بالطاقة الشمسية مع 5 أجهزة تحليل كهربائية متوازية للعمل بالهواء الطلق، مما يحقق معدل توليد هيدروجين متوسطا قدره 745 لترا في اليوم.

ويقول الباحثون في الدراسة “هنا، نعرض طريقة لإنتاج هيدروجين عالي النقاء عن طريق التحليل الكهربائي في الموقع.. ويعمل المُحَلِّل الكهربائي بثبات في نطاق واسع من الرطوبة النسبية المنخفضة التي تصل إلى 4%، بينما ينتج هيدروجين عالي النقاء بكفاءة حوالي 95 لأكثر من 12 يوما متتاليا، دون أي مدخلات من الماء السائل”.

ويؤكدون أن هناك 12.9 تريليون طن من الماء في الهواء في أي لحظة. وهو في توازن ديناميكي مع المجال المائي. وتم عرض نموذج أولي يعمل بالرياح لإنتاج غاز الهيدروجين من الهواء، ويفتح هذا العمل مسارا مستداما لإنتاج الهيدروجين الأخضر دون استهلاك المياه السائلة.

كما يشير تقرير -حول الدراسة نشر على موقع “ساينس ألرت” (Science Alert) فإن التحسين الإضافي لوحدة التحليل الكهربي المباشر يمكن أن يحقق أداء استثنائيا في ظل ظروف محددة، مثل التشغيل عند رطوبة نسبية منخفضة تصل إلى 4%.

وتجدر الإشارة إلى أن هذه التقنية لا تزال في مراحلها الأولى، فقد أسفرت تركيبات، ومواد التحليل الكهربي المباشر المختلفة، عن نتائج مختلفة من حيث الكفاءة وتوليد الطاقة. ولدى العلماء الآن طرق متعددة للمتابعة عندما يتعلق الأمر بجعل طاقة الهيدروجين حقيقة منتشرة، ومع ذلك، فإن الفريق واثق من إمكانية تحسين أجهزتهم وتوسيع نطاقها مستقبلا.

 

تابع آخبار تليكسبريس على akhbar