أيها الجزائريون: دعوا أراكون يستريح في مرقده

لا تروق لي متابعة مهرجي الجزائر، ولا مثقفيها المشحونين بالكراهية، تلك الكراهية التي تحيل كل ثقافةٍ إلى عدم، ولكن بعد الذي قامت به أرملة الراحل محمد أركون، المغربية ثريا اليعقوبي بوهب خزانته الشخصية للمكتبة الوطنية للمملكة المغربية، والذي قذف ما بأستِ العقارب الجزائرية من سمٍ زعافٍ، فأخرجت كل كتابها المهووسين بالكتابات السمكة ليعجنوا زقّوم عباراتهم من حميم آنٍ ضد المغرب، لماذا؟، لا لشيء سوى الحقد، متناسين أن الراحل نفسه، عندما كان له حق الكلام؛ اختار المغرب الذي تزوج منه، وأوصى بأن يدفن فيه.

فما بال جارنا اللذوذ، يخرج كل كلابه من وكناتها ضدنا، بقبيح العبارات المنطوقة والمكتوبة؛ حتى صرنا نشفق على أقلامهم وهم يحاولون أن ينفروا من بين أصابعهم وهم يوجهونها ضدنا خنقًا بين سباباتهم التي تسبح بحمد العسكر وإبهامهم الذي “يضرب الشيتة” لجنرالات لم تقرأ يومًا لاركون ولم تسمع به إلا صدفةً… يالهم من كتاب عُنونٍ ومثقفين متحجرين.

هذه القضية التي تريد الجزائر تسميمها، مردود عليها بقول رابندراناث طاغور، وهو شاعر وفيلسوف هندي، “أنا لا أريد الطمأنينة العفنة، فأنا أسعى للبحث عن شباب دائم”، فلو كان يريد أركون الجزائر لذهب نحوها قبل أن يرقد في إغفاءة الأبدية؛ وهي بلده ومنبته، ولكنه يعرفها كما يعرف المغرب، يعرف أن طمأنينة المرء في بلده، ولكن بلده متعفنٌ بروائح جوارب الأحذية العسكرية، وأن شبابه الفكري بعد رحيله دائم في مكتبات المغرب، فهي البلد الذي يعرف حركيةً ثقافية منقطعة النظير في محيطها.

ثم يا متهافتي الحجة؛ حتى كأنكم تحثون ملء أكفكم في عيون الحقيقة الكاشفة من ظلماء الوهم و الافتراء؛ ألا تعلمون أن إرث الرجل أكبر من أي مكان، أكبر من مكتبات المغرب ومن مكتبات الجزائر ومنهما معًا، إنه إرثٌ إنساني مشترك، أم أن الشيخوخة غير الوقور عضت “تبونكم” بالسعار فلم تبقي منه غير “العداوة” تناوشته تارةً بحمى الخرف وبالجنون المغربي تارةً أخرى.

إن تهافت الجزائر اليوم يشبه تهافتها بالأمس تزحلقًا على الزليج، حتى لا تكاد تتضمّن من الحقيقة إلا ما قد تتصف به البغي من الطهر والعفاف، أو ما يتصف به “الطائر المحكي” مائزًا عن الصدى… وهنا أظن أن مثقفي العسكر يعرفون المتنبي!.
لقد دفع الخَرَف بالـ”التبون” العجوز ونظامه إلى أن يحاول في إخراج أقلامه المسمومة للعب بالبيض والحجر، غير أن كفه المرتعشة التي تعوّدت أن تأكل من دماء فقيرات الجزائر، فلقت بيضته بحجره، فتطاير محّها ليلطخ سمعة دويلته السوداء أصلاً بلون النفط المدنس.

دعوا أراكون يستريح في مرقده يستريح، فلقد عاش بيننا كريمًا مقدرًا، ولم نكن في جواره من الخبثاء، بل كنا له نسباء كرامًا، دعوه فهو أكبر من هذا النظام العسكري الخرف العجوز، الذي جعل من الجزائر كعجائز الحارات المغاربية المنتشرة ما بين الرباط وطرابلس.

تابع آخبار تليكسبريس على akhbar