“الترمضينة” ظاهرة موسمية تعود إلى الواجهة.. هل يسببها الصيام أم هي مجرد أحداث عرضية؟

تعود من جديد ظاهرة “الترمضينة” إلى الواجهة بمجرد ما يبدأ اليوم الأول من كل رمضان، حيث تشهد الأزقة والأسواق الشعبية والطرقات في المغرب ظواهر غريبة تتعلق ب”الترمضينة”، تلك القنبلة الموقوتة التي تخرج الشعائر الدينية من روحانيتها.

فلا تخلو الفضاءات العامة في المدن الكبرى والصغرى او القرى والمداشر، خلال شهر رمضان من سلوكيات شاذة وممارسات تزيغ عن المألوف ويكتنفها عنف نفسي ومادي ورمزي، وتوصف عادة  عند المغاربة ب”الترمضينة”.

مع بداية شهر رمضان الكريم، يتحول بعض الصائمين، قبيل أذان المغرب إلى قنابل “موقوتة” قابلة للانفجار في أي لحظة، ولأتفه الأسباب، وفي وجه أي أحد يجرؤ على تعكير مزاج هؤلاء الذين يطلق عليهم المغاربة “المرمضنين”.

وتطفو خلال الشهر جرائم القتل والضرب والجرح بين الأغيار والأحباب ويتجدد معها التساؤل: هل يتعلق الأمر بحوادث عرضية، أم أن للصيام و”الترمضينة” دخلا في القضية؟.

إذا كانت مقاصد صيام شهر رمضان تقوم على الرفع من درجات التقوى بالعمل الصالح، وتزكية النفس من خلال تجنب المعاصي وتفادي الوقوع في الأفعال المانعة من كمال أجر الصيام، فإن واقع الحال يشهد عنفا وسلوكيات تفقد الشهر المبارك قدسيته ورمزيته.

ويرى الباحث في علم الاجتماع، محمد بنعيسى، أن الصيام يقتضي ضبط النفس ومنعها عن الشهوات وتهذيبها وتربيتها على التحكم في الرغبات، مشيرا إلى أن إيقاع رمضان تطبعه مجموعة من التغيرات على مستوى العادات، مما يؤثر على قدرة التحكم في النفس، ويفضي إلى بروز التوتر والاضطراب والنزوع إلى العنف.

وأضاف أن “الترمضين” ظاهرة مفتعلة ومشجب يعلق عليه مجموعة من المجرمين والمنحرفين والجانحين سلوكياتهم العنيفة، التي لا تمت إلى الأخلاق الإسلامية بأي صلة، كما أنها تتنافى مع الأخلاق العامة. فبروز ظاهرة “الترمضينة” واستفحالها يعود إلى عوامل متعددة، منها ما يتعرض له الفرد من ضغوطات نفسية واجتماعية واقتصادية، مؤكدا أن الإدمان على السجائر أو المنبهات، من قبيل القهوة وغيره، له دور في جنوح الفرد إلى العنف.

وأصبحت “الترمضينة” بالنسبة للبعض عادة لإبراز القوة والتسلط وإثبات الذات والثورة على المجتمع ومعاييره وإبراز ما يكتنفها من خلل، وهو ما يفسر تنامي “الترمضين” في الأحياء الشعبية المكتظة وغيابه عن الأحياء الراقية. ويبدو ان هناك شبه تطبيع مع هذه الظاهرة الاجتماعية، إذ غالبا ما يتم التساهل مع “المرمضين” لتفادي نشوب أي خلاف يمكن أن يتطور إلى ما لا تحمد عقباه.

تابع آخبار تليكسبريس على akhbar