الرياض في الوجدان المغربي..فناء وزينة ومكان لقضاء العطل

تحتضن الأزقة الضيقة للمدن العتيقة كنزا معماريا حقيقيا يعكس كرم ضيافة المغاربة، وهو الرياض. وتحظى هذه المباني التقليدية، التي تتميز بفنائها الداخلي وحدائقها الخضراء وزينتها الخلابة، بإقبال كبير خلال موسم الصيف من قبل الزوار المغاربة والأجانب الباحثين عن كل ما هو أصيل والراغبين في قضاء العطلة في جو حميمي.

وقد أضحى “الرياض” مكانا ساحرا للإقامة بالمملكة، وواحدا من المؤهلات المتفردة للسياحة المغربية. ولا يعتبر الرياض، وهو تراث معماري موريسكي وأندلسي، مكانا للسكن فحسب، بل يجسد روح التقاليد المغربية التي تجمع، في تناغم تام، بين الصناعة التقليدية المحلية وشروط الراحة العصرية.

ويتيح الرياض لقاطنيه سفرا في عالم يسوده الهدوء والسكينة، حيث تروي تفاصيله الدقيقة، سواء “الزليج” الذي يزين الجدران أو المياه المتدفقة من النافورات، وكذا الزرابي الأمازيغية ذات الألوان المفعمة بالحياة، قصة عريقة مشبعة بالثقافة والتقاليد المتوارثة.

وفي هذا الصدد، اعتبر ياسين فارس، الخبير الاقتصادي المتخصص في التدبير السياحي، أن الرياض ليس فقط ملاذا للسلام والاسترخاء بالنسبة للسياح، ولكنه أيضا محرك اقتصادي حيوي للمغرب، يساهم في ازدهار المدن العتيقة والحفاظ على التراث الثقافي للمملكة.

وأوضح أن النشاط السياحي داخل الرياض يتيح خلق مناصب شغل مباشرة وغير مباشرة، مما يساهم في تنشيط الاقتصاد المحلي.

وأضاف فارس أن الصناع التقليديين المحليين المتخصصين في التقنيات التقليدية على غرار الزليج وتدلاكت والنجارة يجدون في مشاريع ترميم الرياضات مصدرا للدخل القار.

وأشار إلى أن ذلك يساهم “في إنعاش الحرف التقليدية المحلية نظرا إلى أن الديكورات والإصلاحات التي تشهدها الرياض غالبا ما تشمل قطعا من الصناعة التقليدية المغربية، مثل الزرابي والفوانيس المعدنية المنحوتة والأثاث الخشبي”، مبرزا أن تثمين منتجات الصناعة التقليدية يشجع السياح على اقتناء هذه المنتجات المحلية، وبالتالي دعم الحرفيين والاقتصادات المحلية.

علاوة على ذلك، أشار الخبير الاقتصادي إلى أن العاملين في الرياض يشغلون مهام مختلفة تتنوع بين استقبال الزبناء والطبخ والصيانة والتسيير، ونتيجة لذلك تشهد المدن العتيقة بروز منظومة اقتصادية ديناميكية، مشيرا إلى أن العديد من المستثمرين يرون في هذه الفضاءات إمكانات ربح عالية، خاصة مع ازدهار السياحة الثقافية.

وتابع بالقول إن “عمليات شراء الرياضات وتجديدها تساهم بقوة في تنشيط المدن العتيقة، مما يجعلها أكثر جاذبية وأمانا للزوار. وتساهم هذه الدينامية الاستثمارية في الرفع من جودة البنيات التحتية المحلية، وبالتالي تعزيز الجاذبية السياحية الشاملة للمغرب”.

+ الرياض: ملاذ السياح في قلب المدن العتيقة النابضة بالحياة +

يعتبر تواجد الرياض في قلب المدن العتيقة بالمغرب أحد أبرز مميزاتها. فبينما تعج الأزقة الضيقة بالأنشطة والرواج التجاري، يوفر الرياض ملاذا هادئا يمكن الزوار من تجديد نشاطهم بعد قضاء يومهم في استكشاف الكنوز المعمارية والثقافية التي تزخر بها الأماكن المجاورة.

ويضفي هذا المزيج الفريد بين الهدوء والقرب من الحياة المحلية النابضة بالنشاط، سحرا لا مثيل له على الرياض.

وفضلا عن هندسته المعمارية الفريدة من نوعها، فإن أصحاب الرياض والعاملين به يعملون على جعل الإقامة بهذا الفضاء تجربة لا تنسى، إذ تتجسد الضيافة المغربية، المعروفة بدفئها وكرمها، بالكامل في الترحيب الشخصي والمتميز المخصص للنزلاء.

ومما يساهم في نسج روابط حقيقية بين الزوار والعاملين بالرياض، الوجبات التي يتم إعدادها بحب، وكذا النصائح التي يقدمونها لهم حول الأماكن الواجب زيارتها، أو حتى الدردشات الودية التي تجمعهم، مصحوبة بشاي النعناع المنعش.

وفي هذا السياق، قالت كنزة بنسودة، صاحبة رياض بالمدينة العتيقة بفاس، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، إن السياح يستمتعون بصورة متزايدة بالتجربة الأصيلة التي يقدمها الرياض، لأنها تختلف تماما على ما اعتادوا عليه.

وأعربت بنسودة عن فخرها الكبير بتقاسم هذا الجانب الجميل من التراث المغربي مع العالم، مؤكدة أن الرياض يجسد روح الضيافة المغربية.

كما أبرزت أن “كل ركن في رياضنا له قصة، وكل زاوية تكشف عن قطعة من الماضي الغني لمدينة فاس. ونسعى جاهدين للحفاظ على هذا التاريخ مع توفير سبل الراحة العصرية وتقديم خدمة استثنائية لزبنائنا”.

وأوردت أن الرياض يحتفظ بمميزاته الخالدة، والتي تستجيب لانتظارات الزوار الباحثين عن تجارب فريدة وتتناسب مع احتياجاتهم، بعيدا عن الفنادق التي تعرض خدمات موحدة والوجهات المزدحمة.

وأكدت بنسودة أنه لهذا السبب، يمثل الرياض بديلا جذابا، حيث يوفر إيواءا متميزا يحتفي بالأصالة ويعزز التبادلات بين الثقافات.

كما أن نمط الإيواء هذا، الفريد من نوعه، يواصل انتعاشته في المشهد السياحي المغربي، حيث يستقطب المسافرين من جميع أنحاء العالم ويساهم في الحفاظ على تقاليد الأجداد الخاصة بالضيافة المغربية، مع التكيف مع الاحتياجات المعاصرة.

مما لا شك فيه أن الإقامة في الرياض تمكن الراغبين في اكتشاف المغرب من الانغماس في تجربة لا تضاهى من الثراء الثقافي والجمال الساحر للمملكة.

تابع آخبار تليكسبريس على akhbar