فالا فالا”.. فضيحة مدوية تثير السخط في جنوب إفريقيا

أثار إعلان الادعاء العام بجنوب إفريقيا عن عدم مقاضاة الرئيس سيريل رامافوزا أو أي مشتبه به آخر متورط في قضية “فالا فالا” المثيرة للجدل، حالة من الغضب والاشمئزاز، ولا يزال يثير موجة من السخط في جنوب إفريقيا.

وفي غمرة صراع “أمة قوس قزح” مع تداعيات هذا الجدل، ينبغي التأكيد على أنه وفي قلب هذه الفضيحة توجد مسألة هامة تتعلق بممارسة السلطة والمسؤوليات الأخلاقيات التي تتفرع عنها.

ويرى البعض أن قرار الهيئة الوطنية للمتابعات بتبرئة رامافوزا تؤكد ما آلت إليه اللجنة المستقلة التابعة للبرلمان من ملاحظة واستنتاج، والتي سلطت الضوء على “الإخلال المزعوم من قبل رئيس الدولة ورئيس المؤتمر الوطني الإفريقي الحاكم، باليمين الدستورية التي أداها عند تنصيبه”.

وشددت اللجنة البرلمانية على أنه “كانت له نية متعمدة لعدم التحقيق علانية في الجرائم المرتكبة في +فالا فالا+ (…) من أجل الحفاظ على سرية التحقيق”، مشيرة في الوقت نفسه إلى ضرورة إجراء فحص حازم للآليات المعتمدة من أجل تحقيق التوازن في السلطة واحترام القضاء في جنوب إفريقيا.

ويرتبط التحقيق بشكوى جنائية قدمها رئيس الاستخبارات السابق، آرثر فريزر، العام الماضي، والذي اتهم الرئيس بعدم الإبلاغ عن عملية السطو التي وقعت في مزرعته الخاصة في ليمبوبو، وبالتالي مخالفة قانون مكافحة الجريمة المنظمة. وقد نقلت تقارير أن حوالي 4 ملايين دولار من العملة كانت مخبأة في أريكة قد تمت سرقتها في فبراير من العام 2020.

وعليه، فقد باتت هذه الفضيحة المدوية رمزا للتداخل المعقد بين اعتبارات أخلاقية وديناميكة السلطة الراسخة ضمن هياكل الحكم في جنوب إفريقيا.

ومن الواضح أن الرهانات تبدو كبيرة، فحسب قرار لحزب المؤتمر الوطني الإفريقي الموجود في سدة الحكم منذ 30 عاما، فإن رامافوزا سيكون مكرها على الاستقالة إذا ما وجهت إليه الهيئة الوطنية للمتابعات الاتهام. وسيفضي ذلك حتما إلى انهيار حكومة الوحدة الوطنية التي تم تشكليها عقب الانتخابات الأخيرة في 29 ماي. أما بالنسبة لأولئك الذين تكون تعييناتهم سياسية، فإن ذلك سوف يحد من مسارهم المهني وسيكون بمثابة “عض اليد التي تطعمك”.

تبرئة رامافوزا.. إهانة لتقرير لجنة برلمانية

يرى العديد من المراقبين والمحللين السياسيين أن عواقب قرار المدعي العام له تأثيرات جمة، حيث يؤدي إلى فقدان ثقة المواطنين في المؤسسات ويعزز ثقافة الإفلات من العقاب إضافة إلى التطبيع مع الممارسات غير الأخلاقية.

هذا ما يعتقده المحلل سيفو سيبي، الذي أشار إلى أن منح رامافوزا “شيكا على بياض” يعد “إهانة للجنة البرلمانية المستقلة المكلفة بإعداد تقرير خلص إلى أن الرئيس قد انتهك، بالفعل، الدستور”.

ويعتقد المحلل ذاته أن المدعي العام قد قوض تقريرا أعده خبراء متمرسون يعرفون القانون جيدا، مضيفا أن “القضاة الذين كانوا أعضاء في اللجنة البرلمانية ذوو أهمية أكبر بكثير من أي موظف آخر لا يزال بحاجة إلى التدرج الوظيفي”، مؤكدا على “وجود مشكلة في تعيين الرئيس لأشخاص داخل الهيئة الوطنية للمتابعات لن يجرؤوا على محاسبته على أي تجاوزات”.

ويذهب المتحدث باسم حزب حركة التحول الإفريقية، زاما نتشونا، إلى نفس الرأس، والذي وصف قرار الهيئة الوطنية للمتابعات بأنه “غريب جدا وغير معقول”، مشيرا إلى أن “الرئيس نفسه اعترف بحيازة عملات أجنبية لم يصرح بها واحتفظ بها لفترة أطول مما ينبغي”.

نزاهة نظام الحكم على المحك

يعتقد المحللون أن عدم الإبلاغ عن السرقة بسرعة ومحاولات التستر المزعومة على الحادث كانت تعد انتهاكا للمبادئ الأخلاقية المتعلقة بالاستقلالية والعدالة.

كما أن غياب الشفافية في هذه القضية قد أضر بحق مواطني جنوب إفريقيا في الحصول على المعلومات، في حين قوضت المعاملة التفضيلية الواضحة مبدأ العدالة، مما يثير مخاوف حول نزاهة نظام الحكم في البلاد.

وفي الوقت الراهن، تتجه جميع الأنظار إلى المحكمة الدستورية التي وافقت على النظر في طلب حزب المقاتلين من أجل الحرية الاقتصادية الذي يطالب بعزل الرئيس سيريل رامافوزا المتهم في فضيحة “فالا فالا”.

ويبقى السؤال الذي يطرحه حاليا العديد من المواطنين والمراقبين وأحزاب المعارضة هو ما إذا كان من نصبوا أنفسهم أوصياء على الديمقراطية الدستورية سيكونون في مستوى التحدي؟.

تابع آخبار تليكسبريس على akhbar