أكاذيب العدل والاحسان: أو عندما يصاب الحقود بعمى البصر والبصيرة

في تقريرها السياسي الصادر عن المجلس القطري للدائرة السياسية تصور جماعة العدل والإحسان المغرب كبؤرة ظلام دامس لا نور فيه ولا ضوء يلوح في الأفق. الجماعة التي تزعم الاعتدال لم تعمل “فقه الموازنات”، رغم ادعائها أنها جماعة إسلامية، لأن من باب “وأقيموا الوزن بالقسط” ومن باب “ولا تبخسوا الناس أشياءهم”، كان مفروضا أن تضع الأمور في كفتي الميزان، حيث ترى الأشياء السلبية وتنتقدها وترى الأشياء الإيجابية وتثمنها.

فالتقرير الأسود صادر عن عيون أصيبت بالرمد، ومن غموض الرؤية أن تلتقي شبيبة عبد السلام ياسين بشبيبة النهج الديمقراطي حول موضوع التربية والتعليم، وكأنه لا خلاف بين الطرفين في القضية، وواقع الحال يقول إن ما بينهما من التناقضات كبير جدا ناهيك عن الاقتتال في الجامعات، الذي خلف ضحايا وقتلى، فالقبول بالجلوس المشترك اليوم تعبير عن انتهازية التنظيمين.

لا ترى جماعة العدل والإحسان في كل ما يقع في المغرب شيئا جيدا، فلا هي تنظر بعين الرضى إلى الديمقراطية، والتطورات الحاصلة، وتنتقد العدالة والتنمية وقيادته للحكومة، بينما لا تكل في صلة الرحم مع الجماعة وتهنئة أحمد الريسوني بمناسبة انتخابه رئيسا لأكبر تنظيم إرهابي يسمى الاتحاد العالمي للعلماء المسلمين.

وانتقدت الجماعة في تقريرها الأسود وضعية حقوق الإنسان، دون الإشارة لا من بعيد ولا من قريب، للتقارير التي أنجزها المراقبون الدوليون، وخصوصا ما يتعلق بمحاكمة المتورطين في أحداث الحسيمة ونواحيها، فهي تزعم أن الاعتقالات سياسية، وكأن حق التعبير السياسي يجيز لصاحبه القيام بتخريب الممتلكات العمومية والاعتداء على عناصر الأمن، إلى درجة أن بعض المصابين لم يعودوا قادرين على العمل بعد أن تسببت لهم الاعتداءات في عاهات مستديمة.

العدل والإحسان مصرة على تسفيه كل عمل جيد بالمغرب حتى لو كان من باب التسامح مع تنظيمات لا تعترف بالمؤسسات أصلا، ومن باب النقد الموجه يوميا للدولة من قبل وسائل الإعلام وغيرها من التعبيرات، التي يعيشها المغرب اليوم دون أن يصاب أصحابها بأذى، لكن الجماعة ترى الواقع بعين مصابة بالرمد.

العدل والإحسان التي اعمى الحقد ابصارها وبصيرتها لم تر ما تحقق في البلاد منذ سنوات قليلة، فلم تتحدث عن القمر الصناعي الأول والثاني الذي سيجنب المغرب ويلات التجسس والتسرب والتسريبات الارهابية ومافيا السلاح والتهريب، ولا هي قدّرت حق قدرها تلك المنجزات التي حققها المغرب في مجالات عدة وضمنها صناهات السيارات والطائرات وما يرتبط بها من تكنلوجيا حديثة ومتطورة، تضاهي تلك التي توجدب البالدان الصناعية المتقدمة..

كما أن العدل والإحسان تغاضت عن ما تم إنجازه في البلاد من بنيات تحتية وطرقات وسكك حديدية ومواصلات كان آخرها تدشين القطاع فائق السرعة “البراق”، الذي يعتبر أول قطار من نوعه بالقارة الافريقية وبالشرق الاوسط.، وتوفره على إحدى أطول وأحدث شبكات الطرق السيارة في إفريقيا والعالم العربي، دون الحديث عن البنية التحتية المينائية التي عرفت تقدما ملموسا، من خلال مشروع طنجة-المتوسط الذي أضحى من بين أكبر الموانئ في العالم..

جماعة عبد السلام ياسين لم تر الجهود التي بذلها المغرب والمنجزات التي حققها على المستوى القاري، والتي تعتبر منجزات تاريخية على جميع الأصعدة، مكرسا بذلك النتائج الجيدة لسياسته الإفريقية، ومعززا حضوره الوازن على مستوى القارة في جميع المجالات، بدءا برجوعه إلى اسرته المأسسية الاتحاد الافريقين، ووصولا إلى إبرامه العديد من الاتفاقيات مع العديد من الدول الافريقية، والتي غطت كل المجالات من خلال اعتماده سياسة رابح-رابح  وتكريسه للتعاون جنوب جنوب..

كما أن الجماعة لم تر ما حققه المغرب على المستوى القاري والأممي بخصوص قضية وحدتنا الترابية، وسحب العديد من الدول لاعترافها بالكيان الصحراوي الوهمي، لأن الجماعة بكل بساطة، ومعها اليسراويين المنتمين للنهج الديمقراطي، لا يهمهم الوطن وكل ما يهمهم هو مصالحهم الشخصية ولم تطلب ذلك التحالف مع الشيطان، وما تأييدهم لدعاة الانفصال والمجرمين الذين يقبعون وراء السجون بسبب جرائهم التي لا علاقة لها بالسياسة ولا بحرية التعبير والرأي، إلا دليلا على ما نقول..

كما لم تكلف الجماعة عناء النظر إلى الإنجازات المشهودة في مجال توفير السكن الاجتماعي، واجتثات بؤر دور الصفيح، من خلال إنجاز مجموعة من المشاريع المهمة، التي ساهمت في امتصاص السكن الصفيحي، كما أن النتائج التي تم تحقيقها في إطار تنفيذ برامج المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، والتي أعلن صاحب الجلالة الملك محمد السادس عن ميلادها في ماي من سنة 2005، هي إنجازات لا يمكن ان يتغافلها إلا جاحد أو من أصابه عمى البصيرة..

الجماعة تناست كذلك، ما حقق في القطاع الفلاحي في سياق تنفيذ المشاريع المبرمجة في إطار “مخطط المغرب الأخضر”، الطي عرف طفرة غير مسبوقة تجلت أبرز معالمها في الاعتماد المكثف لمشاريع التحويل والتجميع وتوسع المساحات المزروعة وزيادة الإنتاجية وتحسن جودة المنتوجات الفلاحية…

كل هذه المشاريع، عادت بالنفع العميم على المغاربة وساهمت في امتصاص البطالة وتوفير مناصب الشغل للشباب، وهي أمور لا يمكن ان يقفز عليها عاقل..

كما ان الجماعة ومعها السوداويين الذين يناصرونها، لم يلتفتوا إلى ما تم تحقيقه في إطار إرساء دولة الحق والقانون، وتكريس قيم الديمقراطية وحقوق الإنسان، لاسيما بعد إقرار نص دستوري جديد في فاتح يوليوز 2011، عبر استفتاء شعبي غير مسبوق فتح المجال أمام إجراء انتخابات تشريعية ديمقراطية وشفافة أوجدت مشهدا سياسيا يترجم تطلعات وطموحات جميع المغاربة.

كما لم يلتفت السوداويون والعدميون إلى أوراش إصلاح القضاء واعتماد الحكامة الجيدة والقطع مع البيروقراطية وتقريب الإدارة من المواطنين التي قطعت مرحلة حاسمة، أضحى معها تكريس الشفافية والوضوح والنجاعة الإدارية واعتماد مبدأ القرب ضرورة ملحة، تطبيقا لمقتضيات الدستور الجديد، الذي جاء كثمرة للمسلسل الديمقراطي النموذجي الذي انخرط فيه المغرب خلال العشرية الأخيرة.

ولا يمكننا في هذا الحيز الضيق أن نسرد كل  الأوراش الكبرى، التي انخرطت فيها المملكة، وكل المتغيرات الإيجابية والمنعطفات الحاسمة التي جاءت كتتويج لالتزام المغرب بالخيار الديمقراطي والحداثي، وتطلعه إلى الاضطلاع بدور ريادي على المستويين الإقليمي والقاري، وقد اقتصرنا على بعض النماذج القليلة التي بإمكانها دحض كل التقارير التي تصوغها جماعة العدل والاحسان وعدميو النهج الديمقراطي، تحت الطلب طبعا لأن كل الخدمات التي يقدمونه لا تعدو أن تكون من أجل الأموال التي تتصدق بها عليهم بعض الجهات المعروفة بعدائها للمغرب ولمصالحه..

تابع آخبار تليكسبريس على akhbar