هل انتهى تواطُؤُ الأحزابِ مع الأموالِ الفاسدة؟



يا أحزابَ السياسة هل حرّرتِ نفسَكِ من قيود التواطؤ مع الفساد؟ هل أنتِ في مستوى المسؤوليات؟ هل أنت في مستوى طموحاتِ المغرب الجديد؟

 

 

 1311243838Ahmed IFZARNE

 

بقلم أحمد إفزارن


ـ يا أحزابَنا!

ألم يحِنِ الوقتُ لإعادة النظر في شكلِك ومضمونِك؟ 

لا يُعقَلُ أن نخوض الانتخابات المقبلة بأحزاب منقوصةِ القلب والعقل والضمير.. أحزاب تفتقدُ إلى شعبية مُقْنِعَة.. وإلى برامجَ سياسية، اقتصادية، اجتماعية.. وإلى أية رؤية مُستقبلية فيها نفعٌ للوطن والمواطنين..

ـ انظُري إلى المرآة، يا أحزابَنا!

ألستِ مُعتادةً على اعتمادات من المال العام، ومداخيلَ من جيوبٍ أخرى، دون أن تُكلّفي نفسَك عناءََ الالتزام بواجباتِك التأطيرية؟

البلدُ بحاجة إلى أحزابٍ حقيقية، فاعلة، مؤثّرة، موجّهة لما فيه المنفعةُ العامّة، لا إلى أحزاب شكلية، ديكورية..

ـ يا أحزابَ الدّيكُور!

لعلك لا تعين أنك ما زلت تمشين مشيةَ السُّلحفاة في بلدٍ مُتحرّك.. مُستيقظ.. واعٍ بألاعيبِك.. ولم يعُد يتحمّلُ المزيد..

بلدُنا قد تغيّر.. وهو يسعى لمزيد من التغيير..

فيه طاقة شابّة تكافحُ لتمكين الوطن من انتخابات نزيهة، ومؤسسات تحظى بثقة الناس وتقديرِهم..

وكيف يكونُ هذا بأحزاب مريضةٍ عرجاءَ صمّاء؟

فيا أحزابَنا! من واجبك أن تعرفي أن المغرب قد تجدّد..

هو المغربُ يُحقّقُ طفراتِ تلوَ أخرى..

أوراش تنموية تعرفُها مختلفُ ربوع الوطن..

 وأوراش اجتماعية يُوسّسُ لها الدستورُ الجديد، من أجل عدالة اجتماعية، وقضاء حقيقيّ على كلّ ألوان وأنواع الفساد..

أوراش لتحقيق المساواة، وحقوق المرأة والطفل وكل إنسان..

أوراش لتحقيق كرامة كل إنسان في ربوع هذا الوطن..

هذه الأوراشُ وغيرُها بحاجة إلى عمود فقري اسمُه الديمقراطية.. والديمقراطيةُ لا تكون بدون انتخابات نزيهة.. فأين أنتِ يا أحزابَنا من هذه النزاهة؟

العزوفُ أنتِ ساهمتِ فيه مساهمة واضحة عبرَ عقُود..

 وأنتِ حوّلتِ الفضاءاتِ الحزبية إلى بقراتٍ سمان.. حلوبٍ لفئة محدودة.. هم انتفاعيوك الذين حوّلوا المصلحة العامّة إلى مصالحَ انتفاعية شخصية..

وأنتِ جعلتِ نفسَك وكرًا لأباطرة المخدّرات.. وأباطرةِ الإدارات.. وكلِّ أنواع وأشكالِ الأباطرة..

أنتِ فتحتِ لهم الأبوابَ على مصراعيْها.. وقُمتِ بإيوائِهم.. وبالتواطؤ معهم ضد البلاد والعباد..

ـ يا أحزابَنا الدّيكُورية!

بهذا ابتعدْتِ عن المواطن، ولم يعُد أحدٌ يثقُ فيك.. وصار الناسُ يعتبرونكِ مُجرّدَ صبيّةٍ لَعُوبٍ في أحضانٍ فاسدة..

أليس من واجبك أن تقُومي حالاً بإحصاءات داخلية، كي تعرفي من فيك أفسدُوا العملَ الديمقراطي؟

إذا كنتِ تعرفينهم، فتلك مُصيبة..

وإذا لم تكوني تعرفين، فالمصيبةُ أعظمُ!

عليكِ يا أحزابَ الضباب، اليوم قبل الغد، بنقد ذاتي حقيقي، لا بالتظاهُر!

الناس يعرفون أنك تتظاهرين بما ليس فيك..

لقد أفسدتِ الانتخابات، وشوّهتِ الديمقراطية، بتواطؤ مع فئات إدارية لا تريدُ خيرا لهذا الوطن..

أنتِ مسؤولةٌ عن التّرحالات البرلمانية والجماعية..

أنتِ كنتِ تبيعين بعضَ الوجوه لمن يدفعُ أكثر..

النّخاسةُ البرلمانية أنتِ مُبتكرتُها.. وأنتِ تقفين خلفَ التراقُصات، ومن خلالها خلفَ من قُمتِ ببيعهم أو شرائِهم، وبالتالي مسؤولة عن قيام هؤلاء بمساومة الدولة عبر كراسي المجالس..

هل عندك جوابٌ يا أحزابَ الضباب؟

لماذا احتضنتِ عبر عقود، وما زلتِ تحتضنين، هؤلاء الرُّحّل المتراقصين؟

الجوابُ تعرفينه، هو أنهم يملكون من متاع الدنيا الكثير.. وليس هذا مجالُ التّسآلِ عن مصادر هذا الثّراء.. موضوعُنا هو التواطُؤُ بين الأحزابِ والأموالِ الفاسدة..

الخوفُ كلُّ الخوفِ أنْ يتمكّنَ بعضُ أثرياء المجالس من العدوة في انتخابات الغد إلى نفس كراسيهم في المجالس، وبالتالي يزحفُ بعضُهم إلى كراسي التّوزير..

هذا احتمالٌ مُمكن..

وتعالوا نُناقش المعادلة بهدوء: إذا ترشّحَ ثريٌّ فاسد في منطقة فقيرة، يطغى عليها الجهل، فقد يفوزُ بأية انتخابات.. لماذا؟ لأن البُسطاء مدينون لهذا الفاسد بالكثير.. فهو يُساعدُهم، ويُشغّلُهم، ويُزوّجُهم، ويتحكمُ فيهم..

الناخبون في تلك المنطقة المحتاجة، لا يعرفون إلا ذلك المحتال..

ما رأيُكِ يا أحزابَنا؟

ماذا أنت فاعلةٌ مع هذه الكائنات من «مُناضليك»؟

أتُراكِ تتخلّصين منها؟ أم تواصلين التواطُؤ معها في النّصبِ والاحتيال على الديمقراطية؟

إنك يا أحزابنا قد أصبحتِ بموجب الدستور الجديد، قادرةً على العمل في مواقع المسؤولية، سواءٌ منها التنفيذية أو التشريعية، أو مواقعِ المعارضة..

فهل أنتِ يا أحزابَنا في مستوى هذه المسؤولية؟

إن العمل الحزبي أصبح بموجب الدستور الجديد، متحرّرا من ضغوطات وإكراهات المفسدين..

فهل أنتِ أصلاً متحررةٌ من عقليتك الفاسدة؟

يا أحزابَ السياسة! هل حرّرتِ نفسَكِ من قيود التواطؤ مع الفساد؟

هل أنتِ في مستوى المسؤوليات؟

هل أنت في مستوى طموحاتِ المغرب الجديد؟

 

[email protected]

تابع آخبار تليكسبريس على akhbar