حوكموا في قضايا الإرهاب والتطرف.. نزلاء جدد يستفيدون من برنامج “مصالحة”

استفادت مجموعة جديدة من النزلاء المحكوم عليهم في قضايا الإرهاب والتطرف، من برنامج “مصالحة”، بعد أربعة أشهر ونصف من التكوينات المكثفة، على مستويات عدة، سعيا إلى تحقيق إدماج فعلي في المجتمع.

وضمت هذه المجموعة 21 نزيلا استفادوا من هذا البرنامج التأهيلي، خلال هذه الدورة التي استغرقت أربعة أشهر ونصف، قبل أن تختتم اليوم الثلاثاء 2 يوليوز 2024 بحفل نظمه “مركز مصالحة” في السجن المحلي بسلا.

وبهذا يصل العدد الإجمالي للمستفيدين من برنامج “مصالحة” منذ انطلاقته 322 نزيلا من مختلف التوجهات الفكرية المتطرفة.

وتم إحداث “مركز مصالحة” بناء على التعليمات الملكية السامية، الداعية إلى تعزيز قيم المواطنة ونشر التسامح والاعتدال والإنسانية وتنفيذ استراتيجيات وبرامج الوقاية من التطرف العنيف وإعادة تأهيل وإدماج المحكوم عليهم في إطار قضايا التطرف والإرهاب من خلال رسملة التجارب والممارسات الفضلى المحصل عليها ضمن البرنامج التأهيلي “مصالحة”، وضمان استمراريته ومأسسته وتطوير أدائه، ودعم ومواكبة المستفيدين منه بعد الإفراج عنهم، وصياغة برامج للوقاية من مخاطر السقوط في التطرف، وإحداث نظام يقظة واتخاذ التدابير الممكنة لحماية المحيط الأسري المباشر للمستفيدين من خطر تبني الأفكار المتطرفة.

وعلى هذا الأساس، تم توقيع اتفاقية بين المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج ووزارة الاقتصاد والمالية والرابطة المحمدية لعلماء المسلمين ومؤسسة محمد السادس لإعادة إدماج السجناء، سعيا إلى إضفاء المزيد من الفعالية على الشراكة المؤسساتية القائمة بين الاطراف الموقعة وباقي الشركاء.

كما تم توسيع البرنامج ليشمل النساء؛ إذ استفادت منه 12 نزيلة تم الافراج عنهن جميعا.

ومنذ انطلاقة البرنامج، تم الإفراج عن 235 سجينا بينهم 170 سجينا بموجب عفو ملكي، ضمنهم 10 نزلاء سبق أن استفادوا من تخفيض عقوبتهم بموجب عفو ملكي، فضلا عن 4 سجناء استفادوا من عفو من الغرامة بموجب عفو ملكي، لتصل نسبة الاستفادة من العفو الملكي إلى 66,76 في المائة من مجموع النزلاء المشاركين.

حضر حفل اليوم الثلاثاء 2 يوليوز 2024 المندوب العام لإدارة السجون وإعادة الإدماج وكل من الأمين العام للرابطة المحمدية للعلماء، رئيس مركز مصالحة، ورئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان، ومنسق مؤسسة محمد السادس لإعادة إدماج السجناء وممثلي الشركاء المؤسساتيين والخبراء والأساتذة المؤطرين لحصص البرنامج.

وخلال هذا الحفل، تم تقديم شريط فيديو يستعرض أهم مراحل التكوين والتأهيل الديني والقانوني والحقوقي والسوسيو اقتصادي والنفسي الذي خضع له هؤلاء الـ21 نزيلا؛ إذ بلغ عدد ساعات تنفيذ البرنامج 232 ساعة، 183 منها تم تخصيصها للتكوين و59 ساعة خصصت للأنشطة الموازية، مثل المسرح والرسم والبستنة ودعم القدرات في القراءة والكتابة والحساب.

واشتغل المستفيدون على مجموعات، بدءا من عقد مناظرات بينهم في إطار بناء خطابات متطرفة مستقطبة وكيف يتم الاشتغال على ذلك، وبعدها العمل على تفكيك هذه الخطابات لتمكين النزلاء من آليات الهدم وتقوية ملكة النقد، كما اشتغلوا على موضوع الاستعمالات الخاطئة للتكنولوجيا وتأثيراتها السلبية.

كما تلقوا تكوينات في مجال المواكبة النفسية والآثار النفسية التي تتسبب فيها تلك الأفكار المتطرفة، وعرضت عليهم شهادات مؤثرة لأسر بعض المتطرفين السابقين وكيف تدمرت بسبب ما كانوا يؤمنون به.

ومن خلال الشهادات التي أدلى بها المستفيدون من الدورة، ظهر كيف تغيّرت مواقفهم وتوجهاتهم ولم يعودوا يؤمنون بأفكارهم السابقة واعترفوا بسوء فهمهم للدين والقانون؛ إذ أكدوا على استفادتهم من التكوينات التي تلقوها في مجالات القانون والدين والحقوق، وبالتالي أملهم في حياة جديدة؛ عنوانها المصالحة مع ذواتهم ومجتمعهم وأسرهم.

ولخّص المستفيدون ما تلقوه من تكوينات خلال الدورة في عقد ما يشبه “جلسة محاكمة لوسائل التواصل الاجتماعي” أمام الحاضرين في الحفل، تحدثت عن عملية استقطاب أشخاص عبر مواقع التواصل الاجتماعي وكيف آمنوا بتلك الأفكار المتطرفة.

وأكد عبد الواحد جمالي الإدريسي، مستشار بمحكمة النقض والمنسق العام لمؤسسة محمد السادس لإعادة إدماج السجناء، أن جميع من استفادوا من البرنامج خضعوا لتكوينات تتركز أساسا على فك الارتباط مع الفكر المتطرف والتصالح مع الذات والمجتمع.

وأبرز الإدريسي، ضمن تصريح لموقع القناة الأولى الذي اورد الخبر اليوم الثلاثاء، أن غاية البرنامج هو أن تسير المقاربة الناعمة إلى جانب المقاربة الصلبة التي لا محيد عنها ولا هوادة في التعامل بها.

من جهته، لفت أحمد عبادي، الأمين العام للرابطة المحمدية للعلماء ورئيس مركز مصالحة، إلى أن الدورة استفادت من ملاحظاتٍ في بعض الجوانب التي كان لابد من استدراكها، بمواكبة من قبل بعض المراكز البحثية، خاصة في مجال البعد اللغوي والخطاب المؤدي إلى الكراهية.

وأكد العبادي، في تصريح لذات المصدر، على أهمية البعد اللغوي الذي تم اعتماده في هذه التكوينات، إلى جانب البعد الذي له علاقة بكيفية فهم الدين، والذي أكد أنه يتم الاشتغال عليه بشكل مستدام، إلى جانب البعد المتعلق بتملك القوانين والتشريعات والحقوق، مضيفا أنه تم إدماج هذه الأبعاد بطريقة مستدامة.

وأضاف أن هناك أيضا بعدا متصلا بالآثار التي تكون للفهم الخاطئ والوقوع فريسة للفكر المتطرف، حيث تم تعريض المشاركين في البرنامج لما جرى تأثيره والتقاطه من هذه الآثار على الصعيد الوطني والكوني.

وقال إن “الغرض هو تحقيق مصالحة من الذات بمواكبة نفسية وثيقة، ومصالحة مع النص الديني من قبل علماء مشهود لهم بالكفاءة، وأيضا المصالحة مع المجتمع وقوانينه، بدءا بالدستور والأبعاد الحقوقية التي يتوجب معرفتها، مع السعي إلى تمكينهم من الكفايات حتى يستطيعوا القيام بمشاريع مدرة للدخل، وبالتالي الاندماج مع مجتمعهم”.

تابع آخبار تليكسبريس على akhbar