كفى من الفساد

في إداراتنا مجرمون يدفعهم التعود على الفساد والاحتيال والنصب خلال مسارهم المهني، بتواطؤ المتواطئين وحماية الفاسدين المفسدين، إلى تحويل المرفق العمومي إلى بقرة حلوب ومصدر للدخل غير المشروع، ولأنهم لا يخشون لومة لائم ولا يردعهم رادع، فإنهم لا يترددون في تخريب الخدمة العمومية خدمة لمصالحهم ومصالح حماتهم والمتواطئين معهم في السر والعلن.

هذا “الجنس” موجود في مختلف إداراتنا، ومن المؤسف انه أكثر انتعاشا في إدارات ومؤسسات الدولة المفروض أن من مهامها محاربة الفقر والنهوض بالخدمات المقدمة للأشخاص في وضعية فقر وهشاشة. وويل لمن يعارضهم أو يتصدى لهم أو يحاول تغيير المنكر. ونقول هذا من باب المعرفة بالموضوع والتجربة العملية واستقراء الوضع.

مناسبة هذا الكلام هو الخبر المنشور اليوم في بعض الصحف عن تلاعب أدى إلى تعطيل مصطنع للذاكرة الداخلية للجهاز المركزي للتشخيص بمستشفى عمومي بالناضور من طرف عصابة موظفين يتصدرهم ممرض متقاعد استمر في استغلال الجهاز لخدمات مؤدى عنها وحرمان المرضى من الجهاز الذي يقال لهم انه معطل في انتظار الإصلاح. هذا معناه أن الممرض مارس التجارة بوسائل الدولة لأربع سنوات بعد تقاعده في مستشفى عمومي لا يحق له أن يلجه إلا كمريض أو مرافق لفرد من عائلته في حالة مرض، ومعناه أن التواطؤ معه لا يمكن أن يقتصر على حارس أو ما شابه، فلا بد انه كان يحظى بتغطية وحماية على مستوى أعلى وانه كان يقتسم منتوج احتياله ليحافظ عليهما كل هذا الوقت، ومعناه أن بعض من تؤدي لهم الدولة أجورا لكي يقدموا خدمة عمومية يمارسون الغدر، يغدرون الدولة والمجتمع.

ومعناه، ونعيد التأكيد، أن وزارة الصحة وزارة غارقة في الفساد وأنها واحدة من مشاكل المغرب العويصة التي يجب التصدي لها بحزم بعد الجائحة، فالفساد بها اكبر بكثير من هذه الواقعة.

هناك مغاربة لا قلب لهم لا على البلد ولا على إخوانهم، وأنماط الاستهلاك كما تطورت تدفع الكثيرين إلى الكفر بكل الأخلاق والقيم، ولا يستثنى من هؤلاء مدّعو الدفاع عن الدين الإسلامي الذين يسيئون بشرههم وجشعهم البينين لدى المغاربة.

فالمغرب ليس في حاجة إلى لصوص تحميهم نصوص قانونية وترسانة من المساطر المعقدة ولكنه في حاجة إلى رجال ونساء يؤمنون بالوطن ويؤمنون أن الخدمة العمومية هي مشترك بين الجميع ينبغي حمايته من الفاسدين ولا عزاء لمن رفع شعار “عفا الله عما سلف”.

تابع آخبار تليكسبريس على akhbar