وزارة الدولة المكلفة بحقوق الإنسان تفند ادعاءات “أمنيستي” حول الوضع الحقوقي بالمغرب

بعد اسبوع على إصدار منظمة العفو الدولية لتقريرها بشأن حالة حقوق الإنسان في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا سنة 2018، اصدرت وزارة الدولة المكلفة بحقوق الإنسان ردت من خلاله على ما تضمنه التقرير من ادعاءات ومغالطات وضع حقوق الإنسان بالمغرب.

واعتبرت الوزارة أن مضامين التقرير متوقعة بالنظر إلى أن المنظمة الحقوقية الدولية “استمرت على نهجها المتسم بالنأي عن الموضوعية وإنتاج استنتاجات تعسفية من خلال استعراض حالات معزولة وتقديمها باعتبارها قاعدة ثابتة، والاكتفاء بترديد ادعاءات وأخبار وإشاعات متداولة تكون في الغالب زائفة”.

كما اعتبرت الوزارة، في ردها الذي أصدرته يومه الثلاثاء 5 مارس 2019، أن “تقرير المنظمة يغض الطرف عن التطورات الإيجابية اللافتة ويدفع إلى الواجهة ببعض الوقائع الملتبسة وكأنها حقائق دامغة”.

وأكدت الوزارة أن ما أشارت إليه المنظمة في ما يهم حرية التعبير من إصدار أحكام بالسجن لمدد متفاوتة على عدد من الصحافيين والمواطنين والمدافعين عن حقوق الإنسان بسبب تعبيرهم سلميا عن آرائهم عبر الأنترنيت، يبقى تقييما فيه الكثير من التجاوز والإساءة، وذلك باعتبار أن الأشخاص المعنيين على محدودية عددهم، إذ منهم من أدين بسبب جرائم الحق العام من مثل التحريض على الإرهاب والاغتصاب، إضافة إلى جرائم لا يمكن للصفة الصحفية أن تحصن أصحابها من المساءلة على أساسها، هذا مع العلم أن الأحكام الصادرة كان مصدرها محاكم تتمتع بالاستقلال التام في إصدار أحكامها، ومازالت أغلب القضايا المشار إليها محل طعن أمام هيئات قضائية أعلى يبقى لها وحدها تقدير مدى صحة وملاءمة العقوبات الصادرة ضد المعنيين.

وبخصوص حرية تكوين الجمعيات والانضمام إليها، قالت الوزارة إن تقرير المنظمة “لم يثر انتباهه الحجم الواسع للنسيج الجمعوي الوطني، الذي يزيد عن 140 ألف جمعية ولا المستوى المرتفع لنشاطه عبر ربوع الوطن، وسلط الضوء على حالات معزولة من المنع لها سياقاتها وأسبابها. وهكذا، فإنه من المستغرب أن يشير تقرير المنظمة إلى موضوع فرض قيود على حرية تكوين الجمعيات والانضمام إليها، وهو ما يكذبه واقع ممارسة العمل الجمعوي الذي لا يعرف هذا النوع من القيود “.

وأوضحت الوزارة أن ما “اعتبرته المنظمة قيودا على دخول المنظمات الدولية إلى المغرب لإجراء بحوث حول حقوق الإنسان تظل مجرد إجراءات مسطرية اعتيادية لا تشكل مسا بحرية الجمعيات في ممارسة أنشطتها وفقا للقانون، ويكفي الإشارة إلى أن تنظيم فرع منظمة العفو الدولية بالمغرب لندوتها موضوع هذا البيان دون أي قيود أو مضايقات يعتبر مؤشرا دالا على انفتاح المملكة ومستوى حرية ممارسة العمل الجمعوي”.

وفي ما يتعلق بحرية التجمع، اعتبرت الوزارة أن منظمة العفو الدولية “حاولت الطعن في مستوى الممارسة الحقوقية الوطنية بخصوص حرية التجمع لم تجد سوى حالتين حسب تعبيرها، وذلك في سياق ما اعتبرته استخداما للقوة المفرطة أو غير الضرورية، وهو ما يشكل استثناء لا قاعدة يقاس بها مستوى ممارسة حرية التجمع بالمغرب. لا سيما وأن الواقع يؤكد أنه لم يتم إصدار أي عقوبات سجنية في حق متظاهرين سلميين كما جاء في التقرير، وإنما يتعلق الأمر بممارسات وأفعال مخالفة للقانون”.

وبخصوص ما سمي بالمحاكمات الجائرة وادعاءات التعذيب، أكدت الوزارة في ردها أن ما  ورد في التقرير من ادعاءات بمواصلة “المحاكم إصدار أحكام بإدانة نشطاء إثر محاكمات فادحة الجور… اعتمدت المحاكم بشكل كبير على الاعترافات المُنتزعة تحت الإكراه”،  يعد حكما “يطعن في مصداقية المنظمة التي لم تستطع تقديم أي معيار أو مؤشر يمكنها من الوصول إلى هذا الاستنتاج العام، لا سيما وأن المحاكمات المشار إليها في التقرير لم تكن محل ملاحظة مباشرة من طرف المنظمة المذكورة، فبأي حجة أو دليل يتم الانتهاء إلى هذا التوصيف؟”.

وذكرت الوزارة بأن القضايا المشار إليها في التقرير ما زالت معروضة أمام القضاء، الذي يبقى وحده السلطة المختصة لتحقيق العدالة والانتصاف للمتقاضين.

وقالت وزارة الرميد بخصوص القوانين المتعلقة بمحاربة العنف ضد النساء والإجهاض، إنه كان  منتظرا من المنظمة أن “تقدر عاليا إصدار القانون المتعلق بمحاربة العنف ضد النساء، عوض تسليط الضوء على بعض القضايا كالاغتصاب الزوجي الذي اتخذ بشأنه المغرب خيارا تشريعيا يجرم كافة أشكال العنف ضد النساء بغض النظر عن مرتكبيها، دونما حاجة إلى تبني تعبيرات وتوصيفات بعينها”. وزادت أن المنظمة تجاهلت في تقريرها “التطور الحقوقي الوطني، فيظهر أن المنظمة أبت إلا أن تعرض عن مشروع القانون الجنائي الذي أعاد تنظيم موضوع الإجهاض بشكل يراعي كافة الحالات المعتمدة في التشريعات الدولية المتقدمة المقارنة”.

وفي ما يتصل بالعلاقات الرضائية والمثلية، فقال رد وزارة الرميد إنه ” باعتبار المساواة وعدم التمييز مبادئ ذات قيمة دستورية، وبحكم أن القوانين الوطنية تجرم كافة أشكال التمييز وتحمي السلامة النفسية والبدنية لكافة الأفراد، فإن ارتكاب أفعال العنف ضد أشخاص بسبب ميولاتهم وهوياتهم الجنسية تعرض أصحابها للمساءلة والمتابعة القضائية”. وأشار إلى أن الحماية من العنف لا ترفع طابع التجريم عن العلاقات الجنسية خارج مؤسسة الزواج، والتي ما تزال غير مقبولة اجتماعيا.

وعبرت الوزارة عن أسفها لـ “سياسة الكيل بمكيالين عند تطرق التقرير لأوضاع حقوق الإنسان للمحتجزين المغاربة بتندوف”. وآخذت الوزارة على المنظمة الحقوقية الدولية أنها اكتفت في تقريرها بالإشارة  فقط إلى تقاعس “جبهة البوليساريو” مجدداً عن محاسبة المسؤولين عن ارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان خلال السبعينيات والثمانينيات من القرن العشرين في المخيمات، دون اكتراث بالانتهاكات اليومية لحقوق الإنسان والواقع اللاإنساني المأساوي الذي تعرفه ساكنة المخيمات حاليا بسبب احتجازها والمتاجرة في المساعدات الإنسانية الموجهة إليها. هذا علما أنه يفترض في المنظمة أن تورد ما يتعلق بالانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في هذه المخيمات في الجزء المخصص من التقرير للجزائر باعتبارها الدولة المسؤولة عن هذه الانتهاكات الجسيمة طبقا للقانون الدولي الإنساني.

تابع آخبار تليكسبريس على akhbar